أنت هنا

قراءة كتاب الإعلام والتحولات العربية - الثورة والاصلاح والانتخابات والديمقراطية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإعلام والتحولات العربية - الثورة والاصلاح والانتخابات والديمقراطية

الإعلام والتحولات العربية - الثورة والاصلاح والانتخابات والديمقراطية

يأتي كتاب (الإعلام والتحوّلات العربية) لمؤلفه د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: صفد الساموك
الصفحة رقم: 9

الإعلام والمجتمع العربي

توّحد المجتمعات بمعان مشتركة وأشكال عامة من الإتصالات، وفي حين يُنظر إلى هذه الإتصالات على أنها ظاهرة في حد ذاتها، وأنها مستقلة عن السياق الإجتماعي الذي تفسره وتنتجه.. يحاول آخرون تأكيد ضرورة عدم الفصل ما بين الإتصال وبين المجتمع، وعلى أن أياً منهما لا يوجد دون الآخر (30) ، ولقد أحدث هذا الإختلاف جدلاً واسعاً ما بين الباحثين في مجال الدراسات الإعلامية، بحدود تأثير الإعلام في المجتمعات المختلفة، ومنها المجتمعات السياسية، تمحورت اتجاهاته ما بين موقفين هما (31) :
- الموقف الأول:

يقوده فريق بحثي يروّج لمقولات تفيد بمحدودية تأثير وسائل الإعلام على الجماهير، ويذهبون في ذلك إلى القول: "إن الجماهير لا تتعرض للرسائل الإعلامية بمعزل عن تأثير السياق الإجتماعي والسياسي المحيط، بمفرداته المختلفة، "وان البيئة الإجتماعية، بعواملها المختلفة، تؤثر بشكل مباشر على جميع أفراد الجمهور (جماعات ومنظمات)، وان كل مؤسسة لا تتوافق بأعمالها وسياساتها مع البيئة المحيطة بها، أو تتكيف معها، تصبح في حالة من عدم الاستقرار والتراجع" (32) .. ومن بين عوامل البيئة الاجتماعية المؤثرة في هذا الصدد:
1- القيّم والأعراف السائدة.
2- تأثير الجماعات المرجعية والسياسية.
3- الاتصال الشخصي، كأحد مستويات الاتصال السياسي.
4- القوانين الوضعية، والنظام العام والأخلاقيات.
- الموقف الآخر:

يرى إن وسائل الإتصال الجماهيري باتت قادرة على صياغة وعي وثقافة وهوية الشعوب السياسية وعقلها الجمعي، إلى حد كبير في المجتمعات المعاصر، وفي ظل المتغيرات الجديدة، وذلك نظراً لما تتمتع به من آليات مختصة في التأثير من قبيل:
1- مهارات وتقنيات التكرار المتنوع للرسالة الإعلامية.
2- قدرة الخطاب الإعلامي/السياسي ذاته في حال معالجة قضية سياسية ما.
3- عوائد التطور التكنولوجي المتلاحق في مجال الاتصال والمعلومات.
وتزداد احتمالية تأثير هذه الوسائل سياسياً بفعل توافر عدد من العوامل منها: ندرة الحصول على المعلومات، في أوقات معينة في الحروب والإضطرابات والممارسات، وما تخلفهما من أزمات سياسية، ويزيد من واقعية هذا الموقف ما توصلت إليه الأبحاث التي تعرضت للتأثير المتبادل بين الأزمة والإعلام، وأستخلصت أهمية الدور الوسيط الذي تقوم به وسائل الاتصال الجماهيري، ولاسيما فيما يتعلق بتقديم المعلومات وشرح أهمية ومغزى الأحداث السياسية، وبناء الوفاق الإجتماعي، وتخفيف التوتر والقلق (33) ، الذي قد يحدث إستجابات سلوكية إنفعالية، لا تتفق مع التوجه السياسي العام للسلطة، في حال عدم السيطرة عليه بوسائل مختلفة، منها وسائل الإتصال الجماهيري.
ومن هنا تجري محاولات حثيثة عبر وسائل الإعلام لصياغة الإنسان المعاصر وعياً وسلوكاً، على وفق نموذج معد له سلفاً، وهو ما بات يعرف بهندسة السلوك البشري، من خلال إعادة تشكيله، عبر مبدأ الخطوات الصغيرة المتتالية، وبموجب ذلك فان ليس مهما ما يكونه البشر أو يعتقدونه، وإنما ما يمكن أن يدفعوا لكي يكونوه و يعتقدونه (34) .
إن أول ما يجمع عليه الإجتماع والإعلام والسياسة، هو الإقرار بان الإتصال في الأساس تكوين المجتمع، الذي قام على قاعدة من العلاقة الجدلية، التي نشأت بين الإنسان وبين محيطه المادي، ومن ثمّ الروحي.. أي على قاعدة علاقته الدائمة مع الآخر، مع الأخذ بالاعتبار إن "عملية الاتصال لا يمكن أن تتحقق أو تحدث بذاتها، ولكنها تحدث كافتراض أساس للعملية الاجتماعية" (35) ، لذا فإن النظرية الإعلامية تنتجها –أصلاً- الظروف السياسية والإجتماعية والإقتصادية للمجتمعات.

الصفحات