أنت هنا

قراءة كتاب الحوار والديمقراطية في الأسرة اللبنانية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحوار والديمقراطية في الأسرة اللبنانية

الحوار والديمقراطية في الأسرة اللبنانية

كتاب " الحوار والديمقراطية في الأسرة اللبنانية " ، تأليف د. فهيمة شرف الدين / د. لميا شحادة ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

كلمة مؤسسة المستقبل

لا يمكننا ونحن نعد هذه التوطئة لدراسة "الحوار والديمقراطية في الأسرة اللبنانية" ان تتجاهل او نغض الطرف عن موجة الأحداث والثورات العربية التي تنشد التغيير والإنتقال الديمقراطي والتي تهز مختلف دول المنطقة....ثورة على الإنفراد بالسلطة وكبت الحريات وإنتهاك حقوق الإنسان وإحتكار الثروات ونهبها.

ولم تتخلف المرأة عن دورها الضليع في مسيرة التغيير التي تجتاح المنطقة العربية، فلم تقف التقاليد المحافظة، التي تحكم اغلب البلدان العربية ولا الثقافة القبلية السائدة في البعض منها، عائقاً لمشاركتها الفاعلة في الثورات العربية. لذا فإن هذه الثورات لم تسهم في الإطاحة بالأنظمة الطاغية فحسب بل أطاحت بالصورة النمطية للمرأة التي لم تعد تنتمي لما يسمى بالاغلبية الصامتة فساهمت بالاطاحة بالأنظمة الاستبدادية يداً بيد مع الرجل.

وفي هذا الاطار لا يمكن أن تبقى الأسرة العربية بمنأى عن هذه التحولات السياسية والاجتماعية الجارية في المنطقة اذا ما اردنا لهذا التغيير ان يؤتي ثماره. فالاسرة هي النواة الاولية لأي مجتمع، وهي بمثابة دولة مصغرة مع فارق ما تتضمنه الدولة من تعقيدات وتشابكات، فهي تمثل مجموعة من الافراد يعيشو ن في منزل بحدود واضحة يديره الأب والأم اللذان يمثلان السلطة،وهذا ما يجمع بين الأسرة والدولة في الشكل والمضمون. فللأسرة دور محوري له تأثيره على ديمقراطية الدولة وما يفرضه ذلك من تضافر لأدوار أفراد الأسرة كما في أدوار مؤسسات الدولة وما يتطلبه ذلك من إعادة توزيع لتلك الأدوار كعنوان للنجاح الأسري.

وبمعنى آخر، إذا كنا فعلا نريد الديمقراطية، فعلينا البدء بها في محيط الأسرة بأن تكون قيادة الاسرة للأب والأم معاً ومن دون تفرقة وان تقوم الديمقراطية على لغة الحوار ووضع النفس موضع الاخر . إلا أن هذه المساواة وهذا الحوار ومع الأسف غائبان في محيط الأسرة العربية التي تكرس النهج "الأبوي" كون الأب العربي هو الآمر الناهي لكل كبيرة وصغيرة تخص أي فرد من أفراد الاسرة، فهم ملكية خاصة به يفعل بهم ما يشاء. حتى الأم هي مجرد تابع له وهذا ما يرسخ بالنتيجة قيم الديكتاتورية والتفرقة والتمييز بين الرجل والمرأة وبين البنت والولد. فالديمقراطية سلوك لا بد ان ينغرس في وعينا منذ نعومة أظفارنا.

وباعتبار ان فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف للبنت التي تربت على القهر وتحمل الظلم بانها دون مرتبة أخيها الذكر، ان تكون مواطنة كاملة الحقوق والواجبات وان تسهم في بناء مجتمع متوازن اذا ما كانت هي نفسها فاقدة للثقة بنفسها وبقدرتها على تحمل المسؤولية. وكذلك الطفل الذي تربي بأسلوب القمع لا الحوار سيكون حتماً عاجزاً في المستقبل عن اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح. إن الحوار العائلي وقيادة الأم للأسرة جنباً إلى جنب مع الأب هو الدرس الاول من دروس الديقراطية على أساس العدالة والمساواة بين الجنسين.

وفي تركيزها على وضع المرأة ضمن الأسرة اللبنانية وما له من تأثيرات على المجتمع بشكل عام والتقسيم التقليدي للعمل وتكريسه للأدوار الخاصة بكل من الرجل والمرأة، أبرزت دراسة "الحوار والديمقراطية في الأسرة اللبنانية" أكثر الأطروحات الإجتماعية إثارة للدجل. وهذه بحد ذاتها ليست سمة خاصة بالمجتمع اللبناني بل انعكاس للنظرة المحافظة لقضايا الأسرة في كافة المجتمعات العربية والتي عبرت عنه بكل وضوح التحفظات التي واكبت تبني الدول العربية لاتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).

وما يلفت النظر في موضوع ونتائج هذه الدراسة هو أننا ما زلنا نحاول معالجة قضايا كانت تحظى بدرجة كبيرة من الإهتمام قبل أكثر من مائة وخمسين عاماً، فنرى أن أوضاع النساء في المنطقة العربية ما زالت تخضع بالكامل لمتطلبات الأسرة، وهو الدور الذي يتجاوز في أهميته من هذا المنظور أية أدوار أخرى للمرأة كفرد منتج وفاعل في المجتمع. وهذا تحديداً هو جوهر الحملات التي توالت عبر العقود من أجل تمكين المرأة وإعطاءها المكانة التي تستحق في المجتمع. وهذا يبدأ قطعاً بتطوير موقعها ودورها ضمن أسرتها. ويبدأ الحل الجذري لهذه الأزمة المجتمعية بإعادة النظر في التشريعات والقوانين السائدة في الوطن العربي وخاصة منها قوانين الأسرة والتي تنتقص من الحقوق المتكاملة للمرأة وتعزز من سلطوية الرجل، وتكرس ضعفها وتهميش دورها في الأسرة والمجتمع.

ويأتي دعم مؤسسة المستقبل لهذه الدارسة من إيمانها القوي بالديمقراطية والعدالة كمنهاج حياة وبالمساواة بين الجنسين كضرورة أساسية لتحقيق ذلك. فيندرج تمكين المرأة والمساواة في أعلى سلم أولويات المؤسسة التي تقوم بتحويل العديد من المشاريع في مجالات مختلفة مثل مناهضة العنف ضد المرأة وتقديم المساعدة القانونية للنساء ورفع الوعي بحقوقهن والعمل على زيادة نسبة مشاركة المرأة في الحياة السياسية والبرلمانية انطلاقاً من الدور الهام التي تضطلع به مؤسسات المجتمع المدني في تعميق مفهوم مشاركة المرأة ومنحها الصوت والحيز للمساهمة في معالجة القضايا التي تمس حاجات المجتمع المدني الأساسية وطموحاته.

نبيلة حمزةرئيسة مؤسسة المستقبل

الصفحات