أنت هنا

قراءة كتاب قراءات في الأدب العربي قبل الإسلام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قراءات في الأدب العربي قبل الإسلام

قراءات في الأدب العربي قبل الإسلام

هذا الكتاب محاولة لقراءة دراسات للدكتور مصطفى ناصف لشعر ما قبل الإسلام للكشف عن رؤيته وقراءته لشعر ذلك العصر.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3
الأطلال:
 
رأى ناصف أنَّ شاعر ما قبل الإسلام قد وكل من قبل مجتمعه بالاحتفال المستمر ببعث الماضي، ففن الأطلال كغيره من فنون ذلك العصر ينبع من إلزام جماعي، يأتي الشاعر من ارتباط غامض بحاجات المجتمع العليا، إذ كان ((لا يتصور الفن عملاً فردياً بل يتصوره نوعاً من النبوغ في تمثل أحلام المجتمع ومخاوفه وآماله)) (1).
 
حاول الشاعر إضفاء الحياة على الطلل – رمز الموت – من خلال مجموعة من الرموز تتمثل في الوشم المجدد الذي يقترن ببعث الحياة، فهو ((تعويذة مجسمة تحفظ الحياة والأمن ونجح المقاصد)) (2). وتتمثل أيضاً في الكتابة، والظباء والحيوانات الأخرى المنتشرة في الطلل، والأمطار والريح، والنؤى والأثافي(3). وحفل الشعر بذكر أسماء الأماكن المختلفة للجزيرة العربية، إذ إنّ الشعراء عمدوا إلى استيعاب تلك الأماكن واحتضانها وتوحيدها، فضلاً عن أنَّهم هدفوا إلى تعويذها من الشر بذكرها ، وهذا الذكر ضرب من الرقى في سبيل مواجهة العزلة والوحشة(4).
 
أمّا الظعائن فتعد جزءاً من تأويل فكرة الطلل، وتبدو كأنها ولدت من الطلل نفسه، والطلل أشبه بالأم للأبقار والظباء والظعائن، والشاعر أمامها يحتاج إلى التبصر، قال زهير بن أبي سلمى:
 
تبصّر، خليلي، هل ترى من ظعائنٍ
 
تحملن، بالعلياء، من فوق جرثُم ؟
 
فالظعائن روح غريبة وعظيمة، ولا يمكن أنْ نؤيد الشراح الذين يقولون في قول زهير:
 
وفيهنّ ملهى، للطيف، ومنظرٌ
 
أنيقٌ، لعين الناظر، المتوسم
 
بكرن بكوراً واستحرن بسُحرةٍ
 
فهنّ، ووادي الرّسّ كاليد للفم
 
إن النساء قصدن وادي الرس كاليد القاصدة للفم لا تخطئه، إذ إنهن يغبن في وادي الرس، ويعم الغموض روح الشاعر فيحتاج إلى التأمل، لأنه مقتنع بوجودهنّ على الرغم من عدم رؤيته لهنّ(5).
 
وما تشبيه الظعائن بالنخيل إلا رمز للبشرى والنبوءة والطيبة. وقد شبه الشاعر الهوادج بالسفن، والسفن رمز للتحول الكبير في الشخصية. والظعائن روح مهاجرة تكمن في داخلها الرغبة في النمو. وإنّ تخيل الظعائن في سفن ضرب منبثق من رؤى جماعية تدل على مخاوف الجماعة وآمالها حين تفكر في الانتقال من طور إلى آخر في الحياة.
 
وما مناوشة الطير للظعائن إلا صورة للمخاوف والوساوس، ورمز للصراع والعدوان والموت والعقبات التي تعترض الظعائن(6) في أثناء رحلتها.

الصفحات