أنت هنا

قراءة كتاب محطة أخيرة خارج السياق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
محطة أخيرة خارج السياق

محطة أخيرة خارج السياق

كتاب " محطة أخيرة خارج السياق " ، تأليف ساطع نور الدين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

تقديم

لست ممن يفخرون بما كتبوا، ولست ممن يهوون اعادة قراءة كتاباتهم. هي بمثابة عملية تعذيب ان يضطر الكاتب يوما إلى مراجعة نصوصه السابقة، والى اختيار بعضها لكي تصبح كتابا، أو شهادة على أخطاء مضت لا هو انكرها ولا اعتذر عنها.

لست نادما على ما كتبت، ولا اعتبر ان اخطائي كانت اكبر من الجرائم التي ارتكبت على مدى السنوات الخمس الماضية، أو من الحالات الهستيرية التي اعقبتها ولا تزال. وكانت المحطة اليومية الاخيرة مجرد شاهد عليها، وبرهان على أن الوطن الصغير لن يشفى من عاهات توارثها منذ لحظة التأسيس الاولى، ودليلاً على أن اللبنانيين ليس لهم علاج.

اختيار البداية لهذه المختارات، الثانية من نوعها لم يكن صعبا. كان لا بد من الانطلاق من لحظة وقوع الزلزال الاعنف في مطلع هذا القرن ، والمضي قُدُماً في تتبع هزاته الارتدادية المتلاحقة، التي لم تتوقف حتى اللحظة ، وهي تنذر بفصل جديد من الحروب الاهلية التي كانت عنوان لبنان وهويته الثانية وشهرته الدائمة.

قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري في الرابع من شباط العام 2005 ، لم تكن الارض صلبة، لكنه لم يكن هناك رمال متحركة. لم تكن فسيحة ايضا، لكنها لم تكن ضيقة إلى الحد الذي بات معه التنقل بين المحافظات، والتجول في المدن والقرى اشبه بمغامرة، أو هجرة اصعب من الاغتراب خارج الحدود. لم يكن التعايش بين الطوائف والمذاهب سهلا ، لكن المخاطرة كانت ممكنة ، وكذلك العودة منها بسلام .

كانت تلك اللحظة إيذاناً بأن لبنان الذي حاول عبثا ان ينأى بنفسه عن موجات الاصولية الإسلامية الرهيبة، وعن تداعيات الغزو الأميركي للعراق، وعن ترديات المشروع الوطني الفلسطيني بعد اغتيال قائده ياسر عرفات، وعن تصدعات الصراع مع العدو الاسرائيلي. استعاد سيرته الاولى باعتباره الجبهة الامامية لمختلف الحروب والصراعات والازمات.. والتي كان اللبنانيون وما زالوا يقرأونها بشكل مغلوط ويفسرونها على طريقتهم الخاصة التي لم تتورع يوما عن اللعب بالسلم الاهلي الهش.

ولكي لا يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، ابتكرت المخيلة اللبنانية فكرة الفتنة المذهبية، واستلهمت التجربة العراقية المروِّعة.. ومضت تبحث عن محطات يومية للقتال، حتى في ذروة الاشتباك مع العدو الاسرائيلي، الذي تحول إلى مادة خلافية عميقة، زادتها حدة حرب العام 2006 المدمرة.. وفاقمتها تدخلات خارجية لم تنظر يوما إلى لبنان واللبنانيين بعين الاحترام أو التقدير.

ليس ثمة محطة اخيرة. ثمة محطات تدعي انها خارج هذا السياق، وتقع في الخطأ.

ساطع نورالدين

الصفحات