أنت هنا

قراءة كتاب باع سمك بالبحر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
باع سمك بالبحر

باع سمك بالبحر

كتاب " باع سمك بالبحر " ، تأليف فيصل فرحات ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

تقديم

باع سمك بالبحر

عن الحلم وبيروت والحياة

حين طلب إلي الكاتب الصديق فيصل فرحات قراءة مخطوطة هذا الكتاب وهو بعنوان «باع سمك بالبحر» شعرت أن العنوان يحتاج، ربما، إلى عنوان فرعي آخر فاقترحته عليه وهو «يوم في حياة كاتب». وهكذا كان، فالكتاب يروي يوم في حياته، يشبهه، يشبه الأيام التي تتوالى، يشبه المكان. وفيصل فرحات يعيش كتابه ولا يفعل شيئاً سوى تجميع التفاصيل التي تصنع الحياة الحلوة. يشيل من الحياة ويحط على الورق. لا يفعل شيئاً سوى أن يكتب ويبيع الكتب. وبالتالي «تحقق حلمك دون أن تؤذي غيرك» يقول. وبالتأكيد... تحقق ذاتك وتفيد الآخرين والمجتمع.

منذ كتابه الأول «يوم بدأت الكتابة» وهو يرى إلى دور الكاتب بأنه حارس ليلي يراقب الحياة على الأرض. ولكن فيصل فرحات أخذ على عاتقه ما هو أبعد وأعمق وأشد مضاضة. أن يسلّم الليل إلى النهار بالقراءة والكتابة، بمشاركة الحياة والآخرين والانغماس فيها في أكثر من زاوية ومقترب، ومن قعرها إلى سطحها، حتى تصبح الكتابة والحياة وجهان لأمر واحد هو الحرية، وصورة ملازمة للأمل.

عملَ فيصل فرحات في المسرح تمثيلاً وكتابة وإخراجاً، ولكنه بالعمق هو كاتب وأديب من طراز مختلف. يعرفُ الزاوية التي يتدفق منها الكلام. يدرك التحولات التي تعصف في عالمنا. يحاول ان يكون له موقفاً من زمانه ومن أحداث عصره. كاتب وبيّاع كتب ولكنه حر. حالم. ويطرح على نفسه والآخرين هذا السؤال: هل يمكن أن يعيش الكاتب من كتابه في بلادنا؟ لا يمكن. ولكنه يحاول إخراج المستحيل. يحاول أن يكسر قشرة التخلف وتحقيق التغيير. ودون ذلك أهوال. ومع ذلك يطرق باب الأمل بقوة ولا يجد أحداً. الم تكن الثقافة في مجمل دعواها تعزيزاً للأمل وبناءً للإنسان واكتشاف معنى جديد للحياة والحقيقة.

«باع سمك بالبحر» هو عمل الكاتب ـ المرآة ـ قطعة من العقل، قطعة من الوهم، حزمة الخيال التي لا ينازعه عليه أحد لأنه وحده يملك هذا العالم ويعيد صياغته على طريقته وهواه. ماذا يفعل الكاتب حين يخرج إلى الشارع، إلى جلبة الساحات، ويلتقي بالأشخاص الذين يشاركونه الشقاء الجميل والعبث اللذيذ. كل شخص يلتقيه لديه الحلم، يريد أن يبيع سمك بالبحر، حلم المسرحية والزراعة العضوية، والثقافة. والحلم يعدي مثل الأمل وينتقل إلى الآخرين مثل الأريج.

كلهم يحنون إلى زمن بيروت الجميل حنيناً صادقاً. زمن محبة الناس لبعضها، زمن المحبة والمعجزة والقوة. ويشاركون في الأحداث التي تقع ولا ندرك مغزاها، المستحيل الذي نحاول تفسيره، الحلم والسراب، الشيء ونقيضه، الصدفة والقدر، المدينة وناسها. «باع سمك بالبحر» يوم في حياة كاتب ـ هو بمعنى ما عن حلم لا يتحقق. حلم نسعى إليه جميعاً ولا نصله أبداً. ولنكتشف لاحقاً أنَّ الحلم هو في السعي نفسه الذي قولب حياتنا ووجهها في طرائق الحق والخير والجمال.

ولكن السؤال الذي يؤرقنا بعد قراءة الكتاب هو عن مصير الحلم لكل الذين التقاهم صدفة في ذلك اليوم، سائق السيارة، السيدة التي انضمت إليهما، الدكتور حسين العائد من أميركا. لكل حلمه ولكل مشروعه ولكن هل لا تزال بيروت مكاناً ممكناً لبناء مشروع وتجسيد الحلم. لا أعرف. ولكن لنا في تجربة فيصل فرحات الذي لا تموت في قلبه الأغاني، لنا في شجاعته وصدقه وصمته العبرة والنموذج والمثال.

سليمان بختي

بيروت في 6/11/2013

الصفحات