أنت هنا

قراءة كتاب مراتب الموتى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مراتب الموتى

مراتب الموتى

كتاب " مراتب الموتى " ، تأليف فوزي ذيبان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
«تباً لكَ. لِمَ هذه التكشيرة وهذان الحاجبان المقطبان؟

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

11

تناهت الأخبار إلى إبراهيم أن القرية لم تنظّم جنازة الطفلين وساد القرية هرج ومرج. تخلخلت الكلمات داخل رأس إبراهيم الأبيض وفجّت لسانه بالطول والعرض.

ربما كان في السادسة عشرة من العمر يوم قرر الصمت أن يحتل لسانه ويمكث فوق شفتيه شهوراً. في البدء- على ما يذكر-احتار جده العمل وكان يحثه على النطق تارة بالشِّدة وتارة باللين.

لا يتذكر إبراهيم أسباب نوبة صمته الطويل. لكنه حتى هذا اليوم يشعر بالقشعريرة ويرتجف حين يتذكر الخوف الذي أخذ بتلابيبه أثناء ذلك الصمت الذي باغته من الخلف. نعم، فهو وبعد أن عاود الكلام رد على جده حين سأله عن أسباب خرسه بالقول: «لست أدري، غدرني الصمت كمن يهاجم من الخلف». يتذكر إبراهيم أن جده كان يتلو الكتاب فوق رأسه من آن لآن عله يخرج الشيطان الذي قد ركب « لسانك يا إبراهيم. فإبليس الذي يجري من الإنسان مجرى الدم من العروق، يتطاير أمام كتاب الله» حسب قول جده. لكن الخرس آنذاك موّه وجود إبراهيم بهرج ومرج وفوضى كثيرة وبكوابيس تقشعر منها الأبدان. لا يدري ماذا دهاه. خاف من الكلمات فابتلعها إلى قعر جوفه، أو فرّت منه.

كان لا يرى إلى نفسه أثناء نومه إلا بوجه بلا فم ومجرد أنف ثم ذقن ثم رقبة وكتفين.

«هذا كل ما كنت عليه»، يقول إبراهيم لنفسه على وقع الأخبار الآتية من القرية حيث الصمت والفوضى والهرج والمرج. فجأة ومن حيث لا يدري استفاق جده على صياحه، وكان الوقت قد تجاوز منتصف الليل.

فم ضخم يزحف فوق أرض المنزل بأسنانه الناصعة البياض، ولسان أحمر طويل التهم جده العجوز.

« إبراهيم....... يا إبراهيم، ماذا دهاك يا إبراهيم؟».

«إنّ كيد الشيطان كان ضعيفاً».

يتذكر إبراهيم أن جده العجوز ارتعب من وسع عينيه عندما أيقظه من هذا الحلم، وكان كل الوقت يلجلج بملء الصوت بما أجاد الله به عليه من نعم قوله الكريم: « إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدواً»، «وكان الشيطان للإنسان خذولاً».....الشيطان....الشيطان....الشيطان..

الصفحات