أنت هنا

قراءة كتاب ديمقراطية - عولمة وحروب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ديمقراطية - عولمة وحروب

ديمقراطية - عولمة وحروب

يحاول حسن خليل تقديم نفسه ماركسياً في مواجهة المفاهيم المتغيرة، لذا نراه يسعى إلى إعادة تحديد هذه المفاهيم، وتوصيف معاييرها الابستمية ضمن حراك الواقع السياسي - الاقتصادي عالمياً وفي العالم العربي، ولبنان، معيداً "للبراكسيس" لمعانه كأساس في الفكر الماركسي...

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

نحو استعادة اليسار مهماته

خلال الندوة التي عقدت في باريس، في تشرين الثاني من العام 2008، قبل الأزمة الحالية للرأسمالية العالمية، كان الهمّ الطاغي على المشاركين من قوى اليسار في العالم يتمحور حول ضرورة الانتقال من حال الدفاع السلبي عن "حق الوجود"، إلى حال الهجوم لهذا التيار في النوادي الايديولوجية والسياسية، أي الانتقال من "حق الوجود" بأبعاده التاريخية، إلى "واجب الفعل" بأبعاده المبررة حاضراً، والحاملة همّ المستقبل، ليس فقط مستقبل اليسار، بل مستقبل البشرية جمعاء التي بدأت أزمة الرأسمالية، نعم أزمتها، تهدد مصيرها على الكرة الأرضية بشكل عام...
كذلك في لبنان، وعلى الرغم من الهمّ اللبناني الخاص، كان الحزب الشيوعي اللبناني، "المحصور" شكلاً في "الحيّز الضيق"، في بلد تتزاحم فيه ضغوط "المذاهب" وحروبها المنظمة من قياداتها المنتسبة جميعها إلى البرجوازية اللبنانية، المتلاحمة ضد التغيير، والمتزاحمة على الحصص، كان هذا الحزب، من أوائل الأحزاب اليسارية التي انتقلت إلى الهجوم، حيث حاول في مؤتمره العاشر صياغة "خطط هجومية" في مجالي الفكر والسياسة بغض النظر عن موازين القوى الحالية في لبنان وفي العالم العربي...
وعندما قرأت ما كتبه الدكتور "الشاب" حسن خليل، لم يلفت نظري أبداً لا الأسلوب ولا الصياغة، ولم أتوقف عند بعض النقاط ربما "المتسرعة" المغلفة ببعض الدوغمائية التي يمكن تبريرها بالمرحلة السابقة، أو بظلاميات ما بعد "فوكوياما" و"هنتنغتن" وضرورات الصمود في وجهها...، بقدر ما لفت نظري "جرأة المبادرة" في أخذ مكان طليعي في مهمة "الهجوم" الفكري والسياسي لليسار اللبناني والعربي في مواجهة الأزمة العامة للنظام الرأسمالي... فهو لم يحاذر صعوبة إعادة تكوين مفاهيم اليسار في هذا العالم المتغير، بل انخرط بجرأة في هذه المهمة مستبعداً منذ البداية، الوقوع في إحدى الخطيئتين اللتين وسمتا بعض مفكري ومنظري اليسار في السنوات الماضية:
الخطيئة الأولى: خطيئة الإحباط واليأس اللذين يؤديان إلى الاستسلام النظري لمقولة نهاية التاريخ، واختفاء مفهوم "الصراع الطبقي" مخلياً المكان لصراع الحضارات...
الخطيئة الثانية: خطيئة "الدفاع الخائف" حيث اندفع بعضهم إلى الانضواء داخل شرنقة النص، مدافعاً عن الماركسية بمنهج كلاسيكي، جعلها جزءاً من الفلسفة المتدينة، العاجزة أمام الحاضر والمستسلمة أمام المستقبل...
يحاول حسن خليل تقديم نفسه ماركسياً في مواجهة المفاهيم المتغيرة، لذا نراه يسعى إلى إعادة تحديد هذه المفاهيم، وتوصيف معاييرها الابستمية ضمن حراك الواقع السياسي - الاقتصادي عالمياً وفي العالم العربي، ولبنان، معيداً "للبراكسيس" لمعانه كأساس في الفكر الماركسي...
رحلة المفاهيم تلك بدأت مع مفهوم اليسار، في محاولة لإعادة تحديد أصله، انطلاقاً من الموقع الطبقي في مواجهة موجة من التحديدات التي أضاعت أساسه الطبقي في بحر من المعايير، استجلبها بعضهم لجعل هذا المفهوم ملتبساً، يضيع بين "تشي غيفارا" و"طوني بلير"، وفي هذه المحاولة منطلق ودعوة لنهج يجب التركيز عليه باستعادة الموقع الطبقي لليسار بأبعاده السياسية والاجتماعية والوطنية..
من المفاهيم التي ظهرت ملامحها، والتي نرى ضرورة التركيز عليها لاحقاً، محاولته إعادة تحديد معنى الإرهاب والأصوليات، مستعيناً بالتاريخ والوظيفة، استناداً إلى تأمين الغطاء الايديولوجي والسياسي لنموها منذ النازية حتى الفكر الصهيوني كأول نتاج إرهابي مستند إلى فكر ديني أصولي، وصولاً إلى ارتكاز جورج بوش الاسلامي الممتد من ممالك الخليج العربي إلى افغانستان وباكستان وحلقة ربطها في مركز البنتاغون.
لم يكن مفهوم الديمقراطية أقل شأناً في التركيز عند الدكتور حسن، ولا ضرورة استعادته كأداة مفاهيمية لليسار، ذلك انه تحول على يد الراسمالية منذ أوائل القرن الماضي حتى مشروع جورج بوش من أداة تطوير سياسي واجتماعي إلى أداة تحكم وسيطرة، من أداة بناء إلى أداة هدم، ومن أداة سلم واستقرار اجتماعي إلى اداة قتل جماعي، حتى بتنا في عالم يحكمه، ويتحكم به، الخوف والقمع والجوع والنهب والحروب....
نعم لقد أصبغت الرأسمالية قيمها اللإنسانية على الديمقراطية حتى غدت مسلوبة من معاني الحقوق والاخلاق والعدالة والمدنية. أليست هذه هي ديمقراطيتها؟ فهل يعقل مثلاً أن من يكون همه الوحيد امتلاك وسائل الإنتاج والربح بغض النظر عن الوسيلة وأداة السيطرة، يلتفت إلى تلك القيم ويدافع عنها؟
في مواجهة "الديمقراطيات القاتلة" المحملة على صواريخ القتل والتدمير استعاد مفهوم الديمقراطية - الحقوق، وإن كان مفهوماً غير جديد، مكانته عند العديد من المفكرين في العالم في تركيز على البعد الاجتماعي والحقوق الطبيعية للبشر، وصولاً إلى حقوق الارض والطبيعة، التي طالها النهب والتدمير من قبل ورثة الرأسمالية الاوائل.. إنَّ هذا المفهوم الذي تناوله تفصيلاً "جون كين" في كتابه عن "حياة الديمقراطية وموتها" مستعيداً كتابة تاريخها على أساسه وعلاقاته بالعقل المشرقي القديم قبل اليونان، يلامسه "حسن خليل" بما يستدعي أبحاثاً مطورة له، ومركزة على جوانب طالها التشويه في هذا المجال من قبل الفكر البرجوازي، وأيضاً من قبل التجربة الاشتراكية المحققة. ومما يستدعي بحثاً خاصاً تلك الفكرة المسمومة عن مجافاة "العقل المشرقي"، عموماً، والعربي خصوصاً لفكرة الديمقراطية.
لقد ربحت الرأسمالية منذ مدة هذه المعركة، وللأسف، قدمها اليسار أو القوى المناهضة لها دون مقابل. فاستعادة هذه القيم يجب أن تكون الممر الإلزامي لحل أزمة اليسار والبديل، والاستعادة هنا لا تعني أخذ ما ليس لنا، وإنما استعادة ما سلب منا، في غفلة من الزمن، ومن أصحاب اليسار، أو لنقل من بعضهم.
تبقى استعادة الحديث عن "الحداثة" في العالم العربي ماضياً وحاضراً حجرً أول يمكن البناء عليه تناوله د.حسن في كتابه الراهن...
بداية ورشة، حكماً لحسن خليل دور بدأه فيها، لكن لن يبقى وحيداً، إنها محاولة لا بد من استكمالها...
الأمل كبير ببداية شباب فكيف بنهاية شيب.
خالد حدادة في 20/10/2009
 

الصفحات