أنت هنا

قراءة كتاب مستقبل المرأة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مستقبل المرأة

مستقبل المرأة

لقد سُجنت المرأة الإغريقية في الخدر، ومُنعت من المشاركة في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية للمدنية. وباستثناء بعض المحظيات ومومسات «المجتمع الراقي» وهي حالات نادرة جداً، تسود القاعدة التي عبر عنها سقراط نفسه بقوله «السياسة للرجال والمنزل للنساء».

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

وتقارب «فلورا تريستان» نفس المسائل، وبنفس إرادة توحيد وتحرير الطبقة العمالية «انطلاقاً من القاعدة» وعلى مستوى «الاقتصاد الأصغري: الميكرو اقتصاد» والنضالات اليومية. لقد حلل ماركس، في المكتبة الملكية بلندن، بشكل باهر «علاقات مفتشي المصانع» في انجلترا زمن «عربدات الرأسمالية» واستخرج منها مرافعة قوية ضد النظام. أما «فلورا تريستان» فأشارت، منذ 1840، في كتابها «نزهات في لندن» إلى تجربتها المباشرة في مأساة التصنيع الإنجليزي.
إن مسار «فلورا تريستان» لمثاليٌّ حقاً.
في الكتاب"1" الرائع الذي خصصه لها «بيير لبروهون» نجد: «انطلقت «فلورا تريستان»، على العكس من معظم الفلاسفة وعلماء الاجتماع، ليس من أفكارها، بل من تجاربها، وليس من التأمل، بل من المراقبة». إن هذه القاعدة الواقعية لتفكير «فلورا» أساسية واستثنائية بشكل يحمل على التأكيد عليها.
«كانت «فلورا تريستان» ابنة محرومة من حقوقها (إرث أبيها) وزوجة مستلبة الحرية (الزواج الذي لا يفصم) وامرأة أقصتها عائلتها (الرحلة إلى «البيرو») لذلك، عبر صراعها من أجل مصيرها، تطالب وتناضل لفائدة أولئك الذين يقاسون نفس أنواع المعاناة وغيرها، تلك التي كانت هي ضحيتها أو شاهدة عليها خلال صيرورة الأحداث». فهي، مثلاً تقود حملة من أجل العبيد السود في «البيرو» ومن أجل الحركة العمالية، كما النساء، في فرنسا. تقول لنا صديقتها وتلميذتها «إيلينور بلان»: «كانت تريد معرفة كل شيء ومراقبة كل شيء، وعاشت كل ما تحمله هذه الأمة (انجلترا) من جراح قبيحة وعميقة، مجزأة بين أرستقراطية حاكمة وشعب من العبيد».
عند عودتها، قامت «فلورا» بالتنقل عبر كامل فرنسا. ولم تُنّشر مذكراتها التي دونتها خلال ذلك إلا متأخرة بأكثر من مائة وثلاثين سنة، في 1975، وهي تشكّل وثيقة مؤثرة عن الحياة العمالية اليومية، ومختلف الطبقات الاجتماعية وأولى محاولات التعبير السياسي لدى العمال: «كانت لديّ مهمة يجب إنجازها، وهي أن أذهب بنفسي، وبيدي مشروع الاتحاد، من مدينة إلى أخرى، ومن أقصى فرنسا إلى أقصاها لأتحدث إلى العمال الذين لا يعرفون القراءة والذين لا يجدون الوقت للقراءة». وهي تحدد العقبات فتقول: «إن كل الناس الذين يقفون ضدي هم الرجال، لأني أطالب بتحرير المرأة، والمالكون لأني أطالب بتحرير المأجورين» «أوكسير» «أفالون» «شالون سيرسون» «ماكون» «ليون»، إحدى بؤر التمرد العمالي وقمع الدولة، النامية والدامية، «سانت إتيين»، «روان» «آفينيون» «نيم» حيث لم يسمح لها بلقاء «باريس» في سجنه، «مونبيلييه» حيث تمخض إضراب كبير حولها، «تولوز» حيث فرّق البوليس العمال الذين أتوا للاستماع إليها، «آجن» حيث عبّرت الصحافة المدجّنة عن حقدها مشيرة إلى «السيدة (فلورا تريستان) التي جعلتها، بعض الأقاصيص التافهة ومآسي شبابها المنزلية، على أعتاب الشهرة، والتي أصبحت، الآن، تلاحق الناس من أجل نشر أفكار شيوعية ومثاليات أخرى مشابهة».
قالت بعد أيام من ذلك في بوردو، وهي تكاد تموت إرهاقاً في سن الواحدة والأربعين «أحس في ذاتي بعالم جديد». لكن كانت «تزرع دائماً على أرض قاحلة» وقد انهارت قبل أن تتمكن من بث الحب، الذي لا ينفصل، عندها، عن الحرية، في الحركة الثورية: «ماذا يعني أن نحب؟ إنه الاختيار، لكي نحبّ، يجب أن نكون، إذن، أحراراً».
«إن الثورة ستحقق تفتح البشرية كما يحقق الحب تفتح القلب»، تجيبها «لويز ميشال» مرددة صداها على المنحدر الآخر من القرن. هي، أيضاً، ربطت، بعمق، مصير المرأة ومصير البروليتاري، ونضالهما الذي لا ينفصم، فهي تكتب في مذكراتها «البروليتاري عبدٌ، إلا أن إمرأة البروليتاري تعاني العبودية أكثر من أي آخر.. «في كل مكان يتعذب الإنسان في المجتمع اللعين، لكن لا يوجد عذابٌ يضاهي عذاب المرأة.
«إنها في الشوارع، سلعةٌ،
«وفي مدارس الراهبات تأخذها النُظُم في قبضتها، محطمةً قلبها وعقلها.
«وفي بيتها، يسحقها العبء: ويتمسك الرجل بأن تظل هكذا، حتى يتأكد من أنها لن تتطاول على وظائفه وألقابه.
«... ألسنا إلى جانبكم من أجل المعركة الكبرى؟.. هل ستجرؤون على تخصيص نصيب لحقوق المرأة، عندما يحوز الرجال والنساء على حقوق الإنسانية؟(21)
لأنه: «لن يكون...» عبر هذا التكامل الضروري الذي يضع حداً لعزل نصف الإنسانية، كما تقول: «... لا وحشية السيد ولا مكر العبد»(22).

الصفحات