أنت هنا

قراءة كتاب إدارة الصراع في المؤسسات التربوية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إدارة الصراع في المؤسسات التربوية

إدارة الصراع في المؤسسات التربوية

إن مدير المدرسة يقع في قمة الهيكل التنظيمي للمدرسة، فإنه يتحمل العبء الأكبر في قيادة الأفراد، والجماعات، وتنسيق جهودها، وتوجيهها، في عمليات التخطيط والتوجيه والتنسيق والتنفيذ والتقويم باعتباره قائدا تربويا تناط به مهام حيوية .

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 4

وفي ضوء التباين الفكري بشأن الصراع فقد تعددت استراتيجيات إدارته، فحينما اتجهت النظريات التقليدية إلى اعتماد القوة أو السلطة في إدارة الصراع لحسمه والقضاء عليه على اعتبار أنه ضار بالمنظمة، نجد أن النظريات الحديثة قد طورت استراتيجيات مختلفة تماما للمنطلقات التقليدية على اعتبار أن الصراع حقيقة قائمة لامفر منها، وأنه ظاهرة إيجابية يمكن إدارتها وتوجيهها بما يحقق كفاءة وفاعلية المنظمة، ولا زالت الدراسات النظرية والميدانية تلعب دورا مهما في إيجاد العديد من الاستراتيجيات الكفيلة بمعالجة الصراع، فاستراتيجيات إدارة الصراع عبارة عن طرق التعامل مع المواقف التي يواجه فيها المدير حالة عدم اتفاق أو معارضة من شخص آخر أو مجموعة أشخاص، ولإدارة هذا الصراع استراتيجيات متعددة، ولعل من أقدم الاستراتيجيات المقترحة لإدارة الصراع هي الاستراتيجيات التي اقترحها كل من بليك وموتون (Blake & Mouton, 1970) إذ اقترح الكاتبان خمس استراتيجيات لإدارة الصراع هي : استراتيجية المنافسة والتي تتميز باهتمام قليل بالأفراد وعال بالإنتاج، واستراتيجية التجنب والتي تتميز باهتمام قليل بالأفراد والإنتاج، واستراتيجية المجاملة والتي تتميز باهتمام عال بالأفراد واهتمام قليل بالإنتاج، واستراتيجية التسوية والتي تتميز باهتمام معتدل بالأفراد والانتاج، واستراتيجية التعاون والتي تتميز باهتمام عال بالأفراد والإنتاج . أما أجارول (Agarwal, 1992) فقد حدد ثلاث استراتيجيات ممكنة لإدارة الصراع هي : تحسين العلاقات الإنسانية وتطويرها في التعامل بين الأفراد داخل المنظمة، إيجاد قيادة إدارية ذات كفاية وناجحة في معالجة الصراع، إعادة تصميم الهيكل التنظيمي للمنظمة . كما أشار الشماع والحمود (2000:312) أن هودج وأنتوني (Hodge & Anthony) توصلا إلى أربع استراتيجيات لإدارة الصراع هي: استخدام القوة أو السلطة، والتجنب أو الانسحاب، والتوفيق، والمجابهة . كما اقترح باكر(Baker, 1988) ثلاث استراتيجيات لإدارة الصراع تعكس كلا من وجهتي نظر المدخل الكلاسيكي والمدخل الوظيفي للصراع، وهذه الاستراتيجيات هي : استراتيجية التعاون، واستراتيجية التنافس، واستراتيجية التجنب .

إن هذا التعدد والتنوع في استراتيجيات إدارة الصراع يحتم على مديري ومديرات المدارس اكتساب القدرات والكفايات اللازمة لتشخيص الصراع، واختيار الاستراتيجية الأمثل للتعامل معه، لاسيما إذا عرفنا أن كثيرا من المشكلات التي يواجهها مديرو المدارس في العمل هي في حقيقتها أوضاع صراع، لأنها تأتي من خلال التفاعل بين الأفراد في بيئة العمل، وعادة ما يكون للمديرين استراتيجياتهم الخاصة لمواجهة هذه الصراعات، والتي تتأثر بلا شك بقدرات وكفايات مدير المدرسة .

ومما لاشك فيه، أنه كلما زاد حجم المدرسة التي يديرها المدير، زادت أهمية دوره في التعامل مع الصراعات، حيث تتنوع مؤهلات ومهارات العاملين فيها، وتتباين ثقافاتهم واتجاهاتهم وقيمهم، وتختلف آراؤهم وإدراكاتهم، وبالتالي يتمايز سلوكهم، الأمر الذي يؤدي إلى التنافر وعدم الانسجام، مما يتطلب امتلاك مدير المدرسة الثانوية للعديد من الكفايات المهنية لمساعدته على اختيار الاستراتيجية المناسبة لإدارة هذه الصراعات " ومدير المدرسة بهذه الأهمية لابد له من قدرات وكفايات معينة تمكنه من مواجهة كثير من الصراعات والمشكلات المدرسية ببصيرة نافذة، وإدراك واع، وقدرة على ابتكار الحلول المناسبة، ولكي يستطيع مدير المدرسة ـ بوصفه قائدا تربويا يواجه تحديات وصراعات متنوعة ـ تأدية دوره بكفاءة واقتدار، فإنه يجب أن يزود بكل ما يجعل منه قائدا تربويا مواكبا لكل تقدم وتطور" (الحديدي، 1998 : 8)، وما لم يمتلك مدير المدرسة القدرات والكفايات المهنية اللازمة " فإنه على الأرجح سيظل يحتفظ بأسلوبه الاعتيادي الذي غالبا ما يجلب له الضرر، حيث تفيد القراءات المتخصصة في كيفية التعامل مع الصراع في زيادة الوعي بالعوامل التي تتسبب في تكوين مواقف الصراع " (فيفرودنلاب، 1993 : 217) .

وتعد مهارة إدارة الصراع من المهارات التي يتوجب على مدير المدرسة أن يجيدها، حيث أنها مفيدة في إدارة شؤون العاملين وفي تعامل مدير المدرسة بالمجتمع المحلي للمدرسة (السعيدي، 1998 : 17)، كما أن " تنمية الكفايات المهنية المتصلة بإدارة الصراع لدى المديرين والعاملين، يحقق للمنظمة النجاح ويضمن لها الحصول على التغيير البناء، وتنمية العمل بروح الفريق لدى العاملين " ( اللوزي، 1999 : 97 ) . وأشــار (العمايرة، 1999 : 223) إلى أن عملية إدارة الصراع تعتبر من أهم كفايات مدير المدرسة . وتأخذ هذه الكفاية أهمية خاصة في المدارس الثانوية، لأنها تضم عددا كبيرا من المعلمين والمعلمات ذوي تخصصات واتجاهات وثقافات مختلفة، كما أن طلبة هذه المرحلة من المراهقين الذين يحتاجون إلى رعاية وتعامل من نوع خاص ( نبراي، 1993 : 85 ـ 86 ).

ويعد امتلاك مدير المدرسة لكفايات مهنية تتعلق بإدارة الصراع من القضايا الملحة لفاعلية المدرسة، فقد أشارت عدة دراسات إلى أهمية التدريب لإكساب أفراد المجتمع المدرسي كفايات مهنية تنعكس على فاعلية إدارتهم للصراعات المدرسية، كدراسة أبوت (Abbott, 1994) التي أظهرت أن مديري المدارس يؤيدون أن هناك ضرورة لأن يكملوا فترة تدريبية جامعية على إدارة الصراع قبل أن يمنحوا الرخصة الإدارية . في حين بينت دراسة الوفلن(Oloughlin,1993) أن 75% من المجموعة التجريبية قد بدلوا سلوكهم في إدارة الصراع بعد خضوعهم للبرنامج التدريبي . ودراسة جونسون(Johnson, 1991) التي بينت أن تدريب المعلمين على إدارة الصراع عزز فاعلية إدارة الصراع لديهم.

ويعتمد مدى استفادة المديرين من الصراعات التي تحدث في المنظمات التي يديرونها على عاملين أساسيين ومترابطين هما :

1. درجة عمق فهم المدير للسلوك الإنساني على اعتبار أن الصراع ظاهرة سلوكية، وبالتالي فإن التعامل معها يتطلب معرفة جيدة بطبيعة السلوك الإنساني بشكل عام .

2. مدى توافر الكفايات والمهارات السلوكية لدى المدير وقدرته على توظيف تلك الكفايات والمهارات لإدارة الصراع، وتوجيهه توجيها سليما لخدمة المنظمة وزيادة فعاليتها (الشخص، 1994 : 59) .

وتأسيسا على ما سبق فإن إدارة المدارس عملية ليست بالأمر اليسير، وتواجهها الكثير من الصراعات التي تتطلب مديرا مؤهلا تأهيلا قويما للتعامل معها، والعمل على التغلب عليها بطرق عملية وإنسانية وأخلاقية، وحتى يستطيع مدير المدرسة التغلب على هذه الصراعات، والقيام بدوره القيادي فإنه " يجب أن يمتلك كثيرا من الكفايات المهنية التي من بينها : كفايات القيادة بأساليبها الديمقراطية التربوية، وكفايات تطوير المناهج وتحسينها، وكفايات الاندماج بالمجتمع المحلي، وكفايات اتخاذ القرار وتنفيذه، وكفايات التقويم الذاتي، وكفايات التفويض" (أحمد، 2000 : 197) .

كل هذا يستدعي أن تكون الإدارات التربوية قادرة على اختيار القادة التربويين في المدارس ممن تتوفر فيهم القدرات والكفايات المهنية التي تساعدهم على التعامل مع أنماط الصراع المختلفة، واستثمارها لصالح العملية التربوية بشكل عام، وتحقيق أهداف المدرسة بشكل خاص، فالتغاضي عن الصراع في المؤسسات التربوية سيكون مكلفا جدا للعملية التعليمية وعائقا رئيسا في طريق تحقيق المدرسة للأهداف المنتظرة منها، لأن " تجاهل الصراع في المدرسة قد يؤدي إلى تدمير علاقات العمل بين الأفراد، مما ينعكس سلبا على فاعلية العاملين والمدرسة على حد سواء، وفي هذا إهدار للوقت، وضياع للجهد والمال، وتوقف فرص التطوير والتغيير والتقدم والنماء الذي تحتاجه المدارس المختلفة " (الخضور، 1996: 5 - 6) .

مما سبق تتضح الأهمية البالغة للكفايات المهنية لمدير المدرسة في القرن الحادي والعشرين لقيادة مدرسته بوعي وإدراك كاملين، مستخدما كل الإمكانات المادية والبشرية والتقنية المتاحة، ومساعدته على اختيار الاستراتيجية المناسبة لإدارة الصراعات بحكمة واقتدار لما للإدارة الفاعلة للصراع من تأثير في تحسين الأداء التنظيمي للعاملين، وعاملا مساعدا للمدرسة على النمو والتجدد والابتكار، والقدرة على التكيف مع التغيير والتطوير التربوي المنشود، إذ أن " محاولة تجنب الصراع وغض الطرف عنه قد يؤدي إلى الفوضى داخل المدرسة " (ميلر، 2003)، فالتدخل في الصراع لزيادة فاعلية المنظمة بعد تشخيصه، والتعرف إلى مقداره، ومصادره، ومراحله، ومستويات حدوثه، وتوظيف الاستراتيجيات المناسبة لإدارته بصورة تكفل التخفيف من حدة الصراع غير الوظيفي الذي يقود إلى الاختلال الوظيفي، والعمل على تقوية الصراع الوظيفي، والمحافظة على قدر معتدل منه لزيادة فاعلية المنظمات (Rahim,2001:75)، تتطلب معارف ومعلومات علمية ومهنية دقيقة، وكفايات أدائية في شخصية مدير المدرسة وتوظيفها بما يكفل تحقيق الأهداف .

من هنا جاءت أهمية هذا الدراسة للتعرف على درجة توافر الكفايات المهنية لدى مديري ومديرات المدارس الثانوية العامة في الأردن، ودرجة استخدامهم لاستراتيجيات إدارة الصراع والعلاقة بينهما، ووضع نتائج هذا الدراسة بين يدي متخذي القرار في المؤسسات التربوية، لمساعدتهم على تنمية قيادات تربوية قادرة على إدارة النظم التربوية بكفاءة واقتدار، وتحقيق الأهداف المنشودة بفاعلية من خلال عملية إصلاح تربوي متكاملة لجميع مدخلات هذه النظم، لتحقيق مخرجات تربوية متوافقة مع متطلبات الاقتصاد المعرفي .

الصفحات