أنت هنا

قراءة كتاب دور التصدع الأسري المعنوي في ظهور الإغتراب النفسي لدى المراهق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دور التصدع الأسري المعنوي في ظهور الإغتراب النفسي لدى المراهق

دور التصدع الأسري المعنوي في ظهور الإغتراب النفسي لدى المراهق

كتاب " دور التصدع الأسري المعنوي في ظهور الإغتراب النفسي لدى المراهق " ، تأليف خولة عبد المجيد دبلة ، والذي صدر عن دار الجنان عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
الصفحة رقم: 2

الفصل الاول

تحديد الإشكالية

كان التغير دائما جزءا من بيئة الإنسان، فالمعروف أن الثابت الوحيد في وجودنا هو التغير. لكن الاختلاف هنا هو التزايد في معدل التغير لدرجة يصعب معها تكيف المجتمعات مع هذا الأخير، أين يتضاعف عدد المعلومات العلمية التكنولوجية سنويا مخلفا ذلك التأثير الهائل على كل مناحي الحياة باختلافها لدرجة أربكت موقف المجتمعات في عدم وضوح كيفية التعامل معه،

فالإنسان المعاصر يعيش صراعات ومعاناة ناتجة عن تلك الفجوة الكبيرة بين تقدم مادي يسير بمعدل هائل وتقدم معنوي قيمي يسير بمعدل بطيء، أين أخذت الآلة في سلب روح الإنسان الاجتماعي ، سلبته الإحساس بنفسه كقيمة في حد ذاتها، فباتت غاية عوض وسيلة، حتى أصبح يحيا حياة مادية ابتعدت تدريجيا عن العلاقات الإنسانية الحميمة التي تربطه بالآخرين وبنفسه فغدا غريبا عن نفسه وعن الآخر، فاقد الإحساس الاجتماعي، لا منتمي غير قادر على التمثل العاطفي مع الآخر، ليدخل دائرة الاغتراب النفسي ويكون الشعور بالضياع وبزيف الحياة واللاقوة مهيمن عليه.

لذلك ازدادت اهتمامات الباحثين خلال النصف الثاني من القرن 20 بدراسة ظاهرة الاغتراب النفسي، لما لها من دلالات تعبر عن أزمة الإنسان المعاصر أين يعد الاغتراب النفسي محصلة نهائية للاغتراب في أي شكل من أشكاله الذاتي، الاجتماعي السياسي الثقافي، الديني. وهو يشير إلى درجات من الاضطرابات في الشخصية وفي علاقاتها بالموضوع بحيث يمكن أن يحيا المغترب حياة عادية وإن كانت مشوبة بالضيق والمشقة، ويعرف الاغتراب النفسي بأنه "اضطراب في العلاقة التي تهدف إلى التوفيق بين مطالب الفرد وحاجاته وإمكاناته من جانب وبين الواقع وأبعاده المختلفة من جانب آخر.

والاغتراب كما يرى إريك فروم FROMM" " 1969هو نمط من الخبرة يرى فيها الإنسان نفسه لو كانت غريبة ومنفصلة عنه، وهنالك جانبان وراء كل إغتراب الذات والواقع الخارجي، فبغير ذات لا يكون هناك اغتراب، فالذات هي التي تغترب وبغير واقع خارجي لا يكون هناك اغتراب للذات على أساس أن الواقع الخارجي هو المسرح الذي تمارس عليه الذات اغترابها، ولقد وجد 'هورني " HORNY " 1975في الاغتراب ما يعانيه الفرد من انفصال عن ذاته حيث ينفصل الفرد عن مشاعره الخاصة ورغباته ومعتقداته وطاقاته كذلك يفقد الإحساس بالوجود الفعال وبقوة التصميم في حياته الخاصة ومن ثم يفقد الإحساس بذاته باعتباره كلا عضويا ،ويصاحب هذا الشعور مجموعة من الأعراض النفسية التي تتمثل في الإحساس بكراهية الذات واحتقارها وتصبح علاقة الفرد بنفسه علاقة غير شخصيةMPERSONAL حيث يتحدث عن نفسه كما لو كانت موجودا آخرا منفصلا وغريبا عنه، فكيف يتوقع أن تكون علاقاته بالآخر سوية وبذلك لا يمكن إحساسه بتحقيق هويته كما يرى "إريكسون"، حيث أن الفرد لا يستطيع تحقيق هويته إلا في وسط اجتماعي يتحقق فيه التفاعل بين الذات وغيرها من الذوات وأنه لا يدرك هويته إلا من خلال المسؤولية التي يشعر بها تجاه الآخرين ولا ينمي هذه الهوية إلا بالإبداع والخبرة من خلال حياة اجتماعية حيوية.

فالاغتراب النفسي كمشكلة انتشرت بين الأفراد في المجتمعات المختلفة لازالت تستحق فعلا العديد من الالتفاتات العلمية بالدراسة، حيث أخذت في التزايد من جهة ولتفاعلاتها مع العديد من العوامل النفسية الاجتماعية حيث أنها ديناميكية نفسية اجتماعية من حيث النشأة والأعراض، فالاغتراب النفسي ظاهرة اجتماعية لا سبيل لدراستها بمعزل عن البعد النفسي وهي أيضا ظاهرة نفسية لا سبيل لفهمها إلا من خلال حاضنتها الاجتماعية، من جهة أخرى،لكون المغترب أكثر الأفراد عرضة للوقوع فريسة الأمراض النفسية الاجتماعية باختلافها حيث يرتبط شعور الاغتراب بالعديد من المظاهر السلوكية غير السوية بغض النظر عن كونه سبب أو نتيجة، من أبرزها ما تفصح عنه الإحصاءات والدراسات الاجتماعية من زيادة خطيرة في انتشار الأمراض النفسية والاجتماعية كإدمان الخمور، المخدرات، الانحلال الجنسي وثورات الرفض والاحتجاج، العنف، وحالات الاكتئاب التي تعتبر مظاهر للعيش المغترب.

فمثلا من أهم الظواهر التي يعيشها القرن الواحد والعشرون ظاهرة العنف والتي حصدت أكثر من 1.6 مليون إنسان في سنة 2000 لوحدها ومقابل هؤلاء عشرات الأضعاف يعانون من أثار العنف الجسدية النفسية الاجتماعية والاقتصادية.

وفي علاقتها بالاغتراب باعتباره ليس نتيجة فحسب بل نتيجة وسبب في آن واحد ذلك لأن ممارسة العنف ظاهرة اغترابية في حد ذاتها. وعلى هذه الصورة يكمن الاغتراب في أصل العنف والعكس، ويبنى على ذلك أن تكون الشخصية الاغترابية عنيفة والشخصية العنيفة اغترابية كما تناول ذلك على وطفه. (محمد عبد اللطيف خليفة 2003، ص151). وكذلك ما يبين خطورة الاغتراب النفسي ارتباطه بالإرهاب، أين يكون الإرهابي فاقد الشعور بالاستقرار والمعايير و القيم ويكون متمرد، ومستخدم متعمد للعنف ورؤيته لهذه المواقف تزداد فيها الغربة بين مجموع الناس والمؤسسات، هنا تكون أهمية العزلة في الاغتراب واضحة، حيث ينشأ الاغتراب نتيجة لعلاقات اجتماعية مفقودة بين الأفراد بعضهم البعض من ناحية، وبين أبنية المجتمع من ناحية أخرى والارتباط بانخفاض القدرة على ضبط النفس ووجود عقائد تحمل طابعا تدميريا تشكل لبنات المرض النفسي وتكوينه لشخصية إرهابية مغتربة.

الصفحات