أنت هنا

قراءة كتاب الحب .. العاطفة المغادرة لكوكبنا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحب .. العاطفة المغادرة لكوكبنا

الحب .. العاطفة المغادرة لكوكبنا

كتاب " الحب .. العاطفة المغادرة لكوكبنا " ، تأليف ابراهيم الخليل ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

صحيح أنّ الوجود الإنساني الحق لا يتمّ إلآّ بالمحبة ، التي يستحيل ، بدون أدواتها الفاعلة الكامنة في القلوب الحية المرهفة ، أن يكون لوجود الإنسان أي معنى. لكن ليس أي نوع من الوجود يليق بالإنسان. أنا موجود ببعدي الإنساني وليس رقما في التعداد السكاني. وجود يؤثر في الكون و يتفاعل معه. فالوجود الإنساني الحق هو الوجود الإيجابي المنتج ، الذي يملك أن يجعل الكون ربيعا في كل الفصول. إنّه الوجود الحي الذي يجعلنيأقولبثقة: أنا أحب فأنا حي !

(نلاحظ أنّ هذه المقولة تتعدّل إلى صيغتها النهائية عندما نناقش علاقة الحب بالدين ، في الفصل الثامن).

فأنا ، إن أحببت ، إستدللت بذلك على نبض الحياة في عروقي !

وإذا اتفقنا مع مقولة العقاد أنّ: (الجمال حريّة) ، فالحب هو ممارسة هذه الحريّة ومعايشتها في الواقع الحي. هو أن تمكننا أدوات تواصلنا مع الكون أن نستنشق عبير زهر البستان الجميل ، ونستمتع بالظل والنهر ، وأن يسحرنا ضوء القمر.

فالحب أن تكون لدينا القابلية بأن نعيش أبدا في الربيع ، رغم هاجرة الصيف وصقيع الشتاء ووحشة الخريف. فهو رؤية إبداعية تنير لنا آفاق الحق والخير والجمال. وعلى صعيد التجربة العملية ، نجد أنّ الحب لا يغرق في الماديّات ، بل يجرّدها إلى معان فكرية تضيف إلى حياتنا إشراقا وبهجة وسعادة.

فهو بمثابة منظار سحري نحقق برؤيته وجودنا الحق في كل مناحي الحياة. يجلي أبصارنا فتخترق حجب ضباب الحيرة الكثيف ، ونقيّم وفق معاييره الأشياء و الأشخاص والحوادث. ونتعايش مع الجميع في تناغم وتآلف مع استجابتنا لدعوته للتسامي مع رفرفة الروح الطليق من عالم الضرورات.

وهو طاقة بنّاءة ، وقوة روحية هائلة ، إذا أحسنّا توجيهها لتحقيق الخير في الأرض ، و لإحياء المشاعر في النفوس؛ كي يتميز الإنسان عن الحيوان ، ولنحقق عبره السعادة المنشودة.

الحب مفطور في نفوسنا ، و تغذيهو تنميه أدوات تفاعلنا مع العالم من حولنا ، فتبقي جذوته أبدا مشتعلة حية لا تخبو مادامت الحياة. أمّا إذا تعطّلت أدوات التفاعل والإستقبال هذه ، المتمثلة في حواسنا بالسمع والبصر ومركزها الأفئدة ، فكلّت أو عميت أو ماتت ، ضعف أو ضاع إحساسنا بالحب مؤقتا أو إلى الأبد !

ولكي نحب لابدّ من وجود الآخر ، الذي نتوق إليه ، ونتعاطف معه ، وربما يبادلنا نفس الشعور.

والآخر ، عندما نتحدّث عن الحب بمعناه الواسع ، قد يكون إلها نقدسهأو بشرا أو قيما أو وطنا أو مهنة أو إبداعا أو حيوانا أو جمادا أو أيّ شئ نال إعجابنا و ألفته أرواحنا وارتبطنا به و سعدنا معه.

فحب الله لا شك هو أسمى أنواع الحب؛ لإتصاله بالغيب والإيمان والعقائد. وتجرده التّاممن أيّ منفعة ماديّة. فحب العبد للرب سمته الخضوع والتذلل. وأدب التصوّف يذخر بتفصيل مقاماته السامية.

لكن الحب الأكثر إثارة للجدل من بين الأنواع الأخرى هو الحب بين البشر. فالبشر ، رجالا كانوا أم نساءا ، تربطنا بهم ألوان مختلفة من علاقات الحب. حب صلة الرحم والجيران والأصدقاء. ثمّ صلات تخلقها مشاركة المهنة أو الهوايات والرياضة. أو المصادفة العابرة ، كمسافر في نفس القطار ، أو في الطائرة أو في المطار. وزملاء الدراسة. علاقات مع كم هائل من البشر. ويمثّل حب الرجل للمرأة أو الزوجة قطرة في هذا البحر. كما تختلف ألوان الحب وتتنوّع بالنظر إلى طبيعة علاقتنا بهذا الآخر ، واستعدادنا النفسي للتفاعل.

فكل ألوان البشر نلتقي بهم في رحاب هذا الكون الواسع ، من مختلف الأجناس ، في مختلف الظروف ، فنتفاعل معهم . فهذه التعددية سنة من سنن خالق هذا الكون. هذه الشعوب و القبائل و الملل والنحل واللغات ، الهدف منها التعارف والتآلف في ظل المحبة الوريف.

يخاطبنا المولى في قرآنه الكريم ، خطابا عاما لكل الناس:

يا أيها الناس ، إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم الحجرات الآية: 13.

وسبيلنا إلى التعارف هو الحوار الودود ، بالحب و بالتي هي أحسن ، وليس الصراع والحرب. بل عند الإختلاف بالتدافع لإعادة التوازن ، وبناء جسور التآلف وإصلاح ذات البين ، والتعاون على البر والتقوى وحب الخير ، وإصلاح ما أتلفه الدهر. ويدفع هذا التفاعل مع الآخرين الشعور بالمساواة ، كأننا أسنان المشط. فلا تعالي أو تمايز أو كبرياء؛ فكلنا من تراب.

فما يميّزنا ويرفع درجات بعضنا فوق بعض هو اجتهادنا وكسبنا الناتج عن تقوانا؛ التي بمقدارها تشع أنوار المحبة في قلوبنا الصافية.

وهناك قلوب كبيرة ، تحمل طاقة أكبر من الحب. تعطف وتصفح على الدوام. ويستغرق حبها الأصدقاء والأعداء. فهل الحب تبع للإيمان ، يزيد معه وينقص ؟ ترى ما علاقتهما ؟ وما علاقة الحب بالأديان ؟ و أين مستودع الحب في الإنسان ؟ و بأي آلية نحس بالجمال المؤدي للإفتنان ؟ وهل إنتقاء شريك الحياة يتم اختيارا فكريّا محضا أم عاطفة خالصة ، أو مزجا بين الإثنين ؟ أم نحن مع العقاد حينما قال:

(نحن مع الأقدار ، حين نحب وحين نختار !)

وما علاقة القلب والروح والجسد ؟ وصلة الجميع بالحب والسعادة ؟

أسئلة حائرة نتيه فيها مع المفكرين.

الصفحات