أنت هنا

قراءة كتاب تاريخ الفكر الاجتماعي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تاريخ الفكر الاجتماعي

تاريخ الفكر الاجتماعي

كتاب " تاريخ الفكر الاجتماعي " ، تأليف نبيل عبد الحميد عبد الجبار ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ووما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

المقدمة

يعود اهتمامي بـ (الفكر الاجتماعي) إلى سنوات دراستي الجامعية الأولية، عندما كنت طالباً بقسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة بغداد، فمنذ ذلك الحين ترسخ لدى الاعتقاد بأن الفكر – أي فكر – إن لم يكن وثيق الصلة بواقع حياة الناس، وإن لم يكن ذا تأثير محفز على تغيير سلوكهم وعلاقاتهم ببعضهم، فإنه (أعني الفكر) يكون بلا جدوى، وإلا ما قيمة فكر لمجرد كونه فكراً، معزولاً عن البيئة الاجتماعية، لا يؤثر فيها ولا يتأثر منها. ولقد كان لهذه القناعة تأثير على قراءاتي وعلى فهمي للمتغيرات التي شهدتها البشرية، في الماضي والحاضر فكل ما جرى وكل ما يستجد قوامه قطبان – إذا جاز التعبير – فهناك ثمة (واقع)، وهناك أيضاً (فكر)، وهناك دائماً تفاعل بين هذين القطبين، وتأثير متبادل بينهما، فالواقع يُغني الفكر، والفكر يُطور الواقع، حتى إنُه يمكن القول: إن تاريخ البشرية، أو تطور المجتمع البشري بقدر ما ينطوي على تطور للواقع المادي، فإنه ينطوي في الوقت ذاته على تطور للوعي الإنساني – أي: الفكر.

و (الفكر الاجتماعي)، من ناحية أخرى، ليس مقطوع الصلة بمجمل الفكر الإنساني، فمنذ أن تفتق الوعي الإنساني عن بروز تفكير (نظري)، شمل هذا التفكير جوانب ونواحي متعددة: معرفية، وسياسية، واجتماعية، وغير ذلك. أي، بعبارة أخرى أن (الفكر الاجتماعي) قد نشأ وتنامي في إطار دائرة الفكر الإنساني الواسعة – الشاملة، التي اصطلح على تسميتها بـ (الفلسفة). ومعنى هذا إن الفلسفة، التي كثيراً ما يُشار إليها بوصفها (أم العلوم)، كانت هي الأم الرؤوم الحانية، التي نشأت في رحمها شتى أشكال المعرفة النظرية، وبضمنها بالطبع (الفكر الاجتماعي)، وأن هذه الأم الرؤوم - الفلسفة - ظلت تتعهد أبناءها، بالرعاية والعناية، وترفدهم بأسباب النمو والتطور، حتى وصل كل منها إلى مرحلة النضج والاقتدار، بحيث لا يعود متكلاً على (أمّه)، وإنما صار معتمداً على ذاته في التعامل مع المعطيات والوقائع التي تحفل بها الحياة، عندها (انفصل) كل منهم (الأم) وأقام لنفسه كياناً خاصاً به، متخذاً صيغة (العلم).

وكما يصدق هذا (النهج) الذي اتبعته المعارف المختلفة في نشأتها في (رحم) الفلسفة، وتطورها في ظل رعاية (النهج) الذي اتبعته المعارف المختلفة في نشأتها في (رحم) الفلسفة، وتطورها في ظل رعاية (الفلسفة)، وبالتالي نضجها وانفصالها عن (الفلسفة)، فإنه يصدق، أيضاً على (الفكر الاجتماعي).

فهذا (الفكر) تعود بدايته ونشأته إلى الجهود الفكرية التي بذلها الفلاسفة الأوائل، كما أنه اغتنى وتنامى واتسعت آفاقه بفضل إسهامات الفلاسفة، على مر المراحل والعصور التي مرت بها الفلسفة في تطورها، وعندما بلغ هذا (الفكر) درجة من النضج والاكتمال بحيث صار في غنى، إلى حدٍ ما، عن توجيهات الفلاسفة، فإنه ما لبث أن استقل بكيانه، واستحال إلى علم يعرف باسم (علم الاجتماع).

والواقع، أن الدافع الأساسي الذي جعلني أعمل على إعداد هذا الكتاب هو تأكيد هذه (الرؤية) للفكر الاجتماعي، سواءٌ من حيث نشأته أو من حيث تطوره وتناميه، إذ إنه مما لفت انتابهي في الكتب التي تناولت (تاريخ الفكر الاجتماعي)، أنّ معظمها – إن لم نقل كلها – قد أغفلت إبراز هذه (الرؤية) أو تجاهلتها. ولعل مرّد ذلك، أن مؤلفي تلك الكتب هم عموماً من المتخصصين بـ (علم الاجتماع)، وإن معرفتهم بالفلسفة ونشأتها وتطورها، وإلمامهم بالأفكار والقضايا التي اهتم بها الفلاسفة على مرّ المراحل والعصور، لم تكن بالمستوى الذي يؤهلهم لإدراك هذه (الرؤية) وبالتالي العمل على إبرازها، وتبعاً لذلك يمكن القول، أن كتابي هذا إن لم يكن قد تضمن معطيات جديدة عن آراء الفلاسفة والمفكرين في الناحية الاجتماعية، وإذا قدرّ له أن يقنع القارئ بصواب هذه (الرؤية) فقط؛ فإنه يكون قد قدّم إضافة جديدة إلى طريقة فهم (الفكر الاجتماعي).

ويمكن القول، أن ثمة دافعاً آخر يكمن وراء إعداد هذا الكتاب وهو ما لاحظته من حاجة دارسي (علم الاجتماع) إلى التعرف على جذوره، وأصوله، وبدايات الأفكار الاجتماعية وتطورها، التي أفضت إلى تكوين ما صار يسمى (علم الاجتماع). وذلك بأسلوب بسيط، سلس، منظم يتيح لهم الربط بين الأفكار والطروحات الاجتماعية للفلاسفة والمفكرين من مرحلة إلى أخرى، ومن عصر لآخر، وكذلك إدراك الصلة بين الأفكار الاجتماعية والبيئية التي تشكلت فيها، وأستطيع القول، أن كلى هذين الدافعين اللذين جعلاني أقبل على إعداد هذا الكتاب، ما كان لها من تأثير لو لم يكن ثمة دافع ثالث أقوى وأشد، ويتمثل في الدعوة المخلصة المتحمسة، التي لقيتها من لدن نخبة من طلابي الحريصين المتشوقين لاكتساب المزيد من المعرفة، دعوة لي للعمل على إعداد الكتاب، واستعداداً من جانبهم للتكفل بمتابعة خطوات وإجراءات طبعه، ولقد تمنيتُ أن يُنشر النص العربي بأكبر قدر من الدقة، فإلى جميع هؤلاء أقدم شكري وعرفاني بأفضالهم وجهودهم الخيرة، وآمل، في الختام، أن أكون قد وفقت في رفد المكتبة الكُردية والعربية بإضافة تسد فراغاً ما.

دكتور نبيل عبد الحميد عبد الجبار

الصفحات