أنت هنا

قراءة كتاب في البدء كانت الحرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
في البدء كانت الحرية

في البدء كانت الحرية

كتاب" في البدء كانت الحرية " ، تأليف شريف رزق ، والذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والاعلام ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

(2)

الحُرِّية والإبداع 2

• التأمل في السائد:

الإبداع هو بالأساس عملية خلق، والخلق هو أساسًا رحلة من التحدي لكل ما هو سائد، والسائد دائمًا ما يكتسب هالة قدسية بلا أسبابٍ واضحة سوى أنه سائد، وما إنْ تبدأ بتحليل ذلك حتى تفاجأ بأنَّ الكثير منه لا يقترب من المنطق بأي حالٍ من الأحوال، وبداية الإبداع هي التحرر من خرافة قدسية السائد، لنقترب أكثر من الواقع؛ لنرى أمثلة أكثر وضوحًا، وهذا سائد في وسائل الإعلام حين نتحدث مثلًا في الرياضة، لو أنَّ فريق السعودية يلعب مباراة كرة قدم ضد فريق الكاميرون، فسنجد المعلِّق الرياضي، يطالبنا أنْ نشجِّع فريق السعودية، وذلك لأنهم عرب ونحن عرب، كما لو أنَّ هذا سبب كافٍ!.

إنَّ استخدام القدرة الإبداعية هنا لتحليل ذلك الموقف والتأمل فيه، يجعلنا ندرك مدى عنصرية هذه الفكرة التي يرددها المعلِّق، وليس بالضرورة أنْ يكون ذلك المعلِّق مدركًا مدى عنصرية الفكر الذي يطرحه، ولكنه يطرحه على أيَّة حال.

وإذا تابعتَ الموقف الرياضي أكثر، ستجد أنَّ نفس المعلِّق يطالبكَ بتشجيع فريق الكاميرون حين يلعب ضد فريق إيطاليا، وذلك لأننا أفارقة مثلهم، أما حين يلعب فريق إيطاليا ضد فريق تركيا فسينادي نفس المذيع بتشجيع تركيا؛ لأنهم مسلمون، وتتغير تلك القصة العبثية حسب الميول والتوجهات، ليس فقط في المحيط العربي بل وفي المجتمع الغربي أيضًا، لكنْ بأشكالٍ أخرى، ولحظة من التأمل في تلك الأشياء وتلك التوجهات، نجد أنَّ كثيرًا من المفاهيم السائدة لا تتفق مع مبادئ حقوق الإنسان، ونجد أنَّ التقسيمات العِرقية الدينية والمادية، ما هي إلَّا تحريف للطبيعة الأصيلة للإنسان الذي يسعى أساسًا نحو الحبِّ المطلق، وحين يمتلئ القلب بالحبِّ المطلق، تنتفي أفكار الاختلاف القائم على العِرق الديني أو الجنسي، فالنظرة الأكثر شمولية للكون تتراجع معها التجمعات المبنية على العِرق والدين، لنتأمل أكثر بهجة الحياة القائمة على الحبِّ المطلق.

حين تسافر حول العالم سوف تندهش كثيرًا، ولكنكَ أيضًا تتعلَّم كثيرًا عن الآخرين، سوف ترى مدى التنوع في الحياة في كل شيءٍ، أساليب الحياة، الموسيقى، عادات الزواج، الملبس، المأكل والمشرب، ومن ثمَّ تدرك بما لا يدع مجالًا للشك أنَّ التنوع والاختلاف هما أساس الحياة، وما تراه أنتَ حقٌّ مطلق هو فقط كذلك بالنسبة لكَ أنتَ، أما الآخرون فلهم معطيات أخرى، وإدراك ذلك هو أمر عظيم في حد ذاته، فتصبح أكثر تقبلًا لفكرة وجود الآخر، ولن يزعجكَ أنْ ترى اختلاف الآخرين، إذ يصبح ذلك أحد مكونات الحياة، فمنطق الأشياء، ومنطق الحياة هو الاختلاف، ومن ثمَّ تصبح أكثر قدرة على رؤية ذاتكَ أفضل، إذ أنكَ حينئذ تستطيع تغيير أو تعديل أو إبقاء حالكَ كما هو، وتلك هي بهجة الحياة.

الحياة هي السير للأمام والتعثُّر، وأحيانًا يكون السقوط جزءًا أساسيًا من الغوص في أعماق الحياة.

الصفحات