أنت هنا

قراءة كتاب التعلم التعاوني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التعلم التعاوني

التعلم التعاوني

كتاب " التعلم التعاوني " ، تأليف د.

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 2

نشأة التعلم التعاوني

إن فكرة التعاون ليست جديدة في تاريخ البشرية، بل هي فكرة قديمة قدم الجنس البشري نفسه،حيث قام الناس عبر التاريخ الإنساني بأعمال تعاونية، وتمكنوا من تنظيم الجهود فيما بينهم وبناء الحظائر وإنشاء المخازن كما تعاونوا من اجل دفع المخاطر وجلب النفع لهم ومعنى ذلك أن الإنسان قد أدرك أهمية التعاون منذ زمن بعيد، ولولا هذا التعاون ما تقدمت البشرية وما وصلت إلى ما هي عليه الآن من تقدم وحضارة، بل ربما ما كانت هناك حياة بغير تعاون، ولو كانت، فما أشقاها وما أرهقها من حياة، تلك التي يقوم بها
الفرد لوحده.

وهذا التعاون ليس مفروضا على الإنسان فقط لصالح البشرية، بل مفروض على الكون كله لتحقيق الصالح العام.. فنرى تجارب أعضاء الكائنات بشمسها وقمرها لمنفعة الحيوانات، وتسارع النباتات لامداد أرزاق الحيوانات وتسابق مواد الأغذية لترزيق الثمرات، وترزيق الثمرات لجلب أنظار المرتزقات وتعاون الذرات في الإمداد لغذاء حجيرات البدن، وعدم مقاومة التراب الصلب ولا الحجر الصلد لسيران لطائف رقائق عروق النباتات اللينة اللطيفة، بل يشق الحجر قلبه القاسي بتماس حرير أصابع بنات النبات ويفتح التراب صدره المصمت لسريان رائد النباتات.

فقد جاء في اللغة العربية كلمة (عون) والعون المعين، وما عونت فيه شي أي: ما اعن والمعوان الحسن، المعونة.

وبما أن الإنسان اجتماعي بطبعه، يميل إلى الآخرين ويأنس بهم ويتعلم منهم ويلاحظ سلوكهم وتصرفاتهم بما لديه من غريزة حب الاستطلاع، وان أنشطته تتم في سياقات اجتماعية فهو لا يستطيع أن يعيش أو يعمل بمفرده، سواء كان هذا العمل عملاً خاصاً أو عاماً، أو ضمن مؤسسة تربوية أو غير تربوية، فقد خلق الله -I- الإنسان، وخلق فيه صفات وسمات تميزه عن سائر المخلوقات الموجودة على سطح الأرض، ومع ذلك
ظلت قدرات الإنسان الجسدية والعقلية محدودة، وغير مؤهلة لان تحقق له كل ما يطمح إليه من رغبات واحتياجات، ومن اجل ذلك كان لزاماً عليه أن يتعاون مع الآخرين، من
اجل تحقيق الأهداف المشتركة، وان الرغبة لتحقيق هذه الأهداف من خلال التعاون
والعمل الكفء ليست مقصورة فقط على الإنسان الفرد، لكنها أيضاً تمتد إلى المجموعات في أي مجتمع كان.

وعرف العرب التعاون في الأنظمة والعادات والقوانين السائدة آنذاك ومنها نظام الجوار وطريقة التحالف الدولي لإقرار السلام وتأييد الحق، ومن ذلك حلف الفضول الذي تعهدوا فيه ألا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها أو من غيرها ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد إليه مظلمته، وفي هذا الحلف قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لقد شهدت في دار بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو ادعى به في الإسلام لأجبت.

وأما في مجال الاقتصاد فقد كان التعاون في شبه الجزيرة العربية واضحا ويتجلى في الأسواق التي كانوا يقيمونها سواء على المستوى المحلي كمكة أو الأسواق العامة الكبيرة كسوق عكاظ وذي المجاز ودوامة الجندل وصنعاء وغيرها..... وكان العرب يؤمون هذه الأسواق امنين على أنفسهم وأموالهم، كما كان لها دور كبير في التنشيط الاقتصادي والثقافي في شبه الجزيرة العربية.

وحين اشتد نزاع قريش فيما بينها على وضع الحجر الأسود في مكانه في الكعبة وكان ذلك في الجاهلية، فاتفقوا على تحكيم أول داخل، فكان رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) أول داخل، فأمر رسول الله ببردة ووضع الحجر في وسطها على أن يأخذ كبير كل قبيلة بطرف من أطرافها وحملوه جميعاً ولما بلغوا مكانه وضعه بيده الشريفة، وكان هذا مثال واضح لأثر التعاون في حل الخلافات.

ولأهمية التعاون في الحياة، بوصفه صورة من صور الألفة والتعاضد الاجتماعي فقد زخر تاريخنا العربي والإسلامي بفكرة التعاون في العقيدة، بوصف التعاون قيمة من القيم التي ميزها الله بقوله: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"
(سورة المائدة /الآية2)، وكما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة قول الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم): "الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه"، وقوله (صلى الله عليه وسلم): "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً "، وقوله (صلى الله عليه وسلم): "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاونهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر". ولأهمية التعاون في تربية الفرد وبناء المجتمع فقد جعل الإسلام للتعاون أجراً عظيماً واعتبر من الصدقات التي يثاب عليه فاعلها ومنها rترفع له عليها متاعه صدقة"، وقوله (صلى الله عليه وسلم): "والناس بخير ما تعاونوا".

فالتعاون هو قوام الحياة الإنسانية سواء كان فردا أو جماعة، ومن صور التعاون في المجتمع المسلم تعاون الأنصار مع المهاجرين، حيث كان المهاجرين من أحوج الناس إلى أنصار يتعاونون معهم لغربتهم وفقرهم، فقال (صلى الله عليه وسلم) : "تكفوننا المؤونة، وتشاركوننا في التمر".

وقد عظم الرسول (صلى الله عليه وسلم) دور التعاون وبين أهميته في الإسلام حيث قال (صلى الله عليه وسلم): "عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فان يد الله مع الجماعة وان الشيطان مع الواحد، وهو مع الاثنين ابعد، ومن أراد بحوبحة الجنة فليزم الجماعة"، وكذلك قوله (صلى الله عليه وسلم): "يد الله مع الجماعة".

إن التعاون بين المسلمين لا ينحصر في جانب دون آخر فإذا تعاونت الأمة الإسلامية وجب التعاون في جميع نواحي الحياة المختلفة اجتماعياً وتربوياً واقتصادياً وسياسياً وإعلامياً، وكما يكون التعاون بين الأفراد والجماعات يكون بين الدول، فقد طبق الرسول (صلى الله عليه وسلم) هذا المبدأ في العلاقات الدولية فعندما قدم المدينة وأسس الدولة الإسلامية عقد معاهدة تعاون وحسن جوار مع يهود المدينة، بني قريظة وبني قينقاع وبني النضير، كما عقد مع قبائل العرب معاهدات مبعثها التسامح والتعاون وروحها الرحمة، أملها القوة والعزة الإسلامية منها صلح الحديبية وقد عقد تعاوناً دولياً في مجال الزراعة مع يهود خيبر حيث أقرهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على أرضهم ولهم نصف ما يخرج منها من تمر وزرع، ومن ثمرات التعاون في المجتمع الإسلامي، ما يأتي:

- إشاعة روح الألفة والمحبة بين المؤمنين ويجعلهم كالجسد الواحد.

- إكساب المرء قوة في مواجهة العقبات ومثبطات النفس.

- معونة الله للمتعاونين.

- دليل حب الخير للآخرين.

- شعور الفرد بالقوة ونزع شعور العجز عن نفسه.

- تبادل الخبرات وزيادة التحصيل الفكري.

- سرعة الانجاز للأعمال.

- تتلاقح القلوب والعقول في التعاون فتثمر.

الصفحات