أنت هنا

قراءة كتاب أنساق التماثل في الشعر العربي المعاصر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أنساق التماثل في الشعر العربي المعاصر

أنساق التماثل في الشعر العربي المعاصر

كتاب " أنساق التماثل في الشعر العربي المعاصر " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

1. مفهوم الصورة التشبيهية:

تعددت الدراسات التي عنيت بالصورة التشبيهية([5])، وهي دراسات تحاول في مجملها أن تقدم تصورا جديدا للصورة التشبيهية بيد أنها أغفلت البعد اللساني للصورة الفنية، ولم تطرح أسئلة جديدة، فضلا عن أنها لم تقدم إجابات جديدة .

ولعل تصور ياكبسون للغة الشعرية من أفضل ما قدم في هذا المضمار حيث يرى أن كل فعل تواصلي لفظي يقتضي مرسلاً، يوجه رسالة إلى المرسل إليه، ولكي تكون الرسالة فاعلة فإنها تقتضي سياقاً تحيل إليه سياقاً قابلاً لأن يدركه المرسل إليه، وهو إما أن يكون لفظياً، أو قابلاً لأن يكون كذلك، وتقتضي الرسالة شيفرة مشتركة بين المرسل والمرسل إليه، وتقتضي أيضاً اتصالاً، أي قناة فيزيقية وربطاً نفسياً بين المرسل، والمرسل إليه، ويسمح هذا الاتصال بإقامة التواصل والحفاظ عليه.

وكل عنصر من هذه العناصر يحقق وظيفة لسانية، لذلك سيكون من الصعب إيجاد رسائل تؤدي وظيفة واحدة، فتنوع الرسائل لا يكمن في احتكار وظيفة أو أخرى، وإنما يكمن في الاختيارات الهرمية بين هذه الوظائف، وتتعلق البنية اللفظية لرسالة ما بالوظيفة المهيمنة عليها. إذ تهدف الوظيفة التعبيرية المركزة على المرسل إلى أن تعبر تعبيراً مباشراً عن موقف المتكلم تجاه ما يتحدث عنه، وهي تنزع إلى تقديم انطباع عن انفعال معين صادق أو خادع. وتجد الوظيفة الإفهامية المتوجهة إلى المرسل إليه تعبيرها النحوي الأكثر خلوصاً في النداء والأمر. وتستهدف الوظيفة المرجعية المرجع والتوجه نحو السياق. وتشدد الوظيفة الانتباهية على الاتصال. وتسعى وظيفة ما وراء اللغة إلى التركيز على الشفيرة. وتستهدف الوظيفة الشعرية للغة الرسالة بوصفها رسالة.

وليست الوظيفة الشعرية هي الوظيفة الوحيدة للشعر، وإنما هي الوظيفة المهيمنة والمحددة، ولكنها لا تؤدي في الأنشطة اللفظية الأخرى سوى دور تكميلي([6]).

إن الفضيلة الرئيسية لمساهمة ياكبسون قد تمثلت في صياغة افتراض عام حول بناء اللغة الشعرية، وقد جمع هذا الافتراض العام في مخططه الوحيد وفي نموذجه التفسيري المنظم، عددا كبيرا من الملامح التي كانت مبعثرة في علوم البلاغة المتخصصة. فلم تعد التوازيات الصوتية و النحوية و الدلالية ؛ التي منها التشبيه ظواهر بلاغية معزولة، فالتماثل الصوتي و النحوي و الدلالي يتحرك على نحو تكويني بدافع المتوالية الشعرية. والتماثل في الشعر يتراكب على المجاورة و يرقى إلى درجة الأداة المكونة للمتوالية.

وبناء على ما سبق يمكن إعادة قراءة البلاغة العربية على وفق تصور جديد يقوم على ما يجمع الظواهر البلاغية لا ما يفرقها، فهذا ابن الأثير يقول: "وعلى هذا فموضوع علم البيان هو الفصاحة والبلاغة، وصاحبه يسأل عن أحوالهما اللفظية والمعنوية، وهو والنحوي يشتركان في أن النحوي ينظر في دلالة الألفاظ على المعاني من جهة الوضع اللغوي، وتلك دلالة عامة، وصاحب علم البيان ينظر في فضيلة تلك الدلالة وهي دلالة خاصة، والمراد بها أن تكون على هيئة مخصوصة من الحسن".([7])

لقد قرر ابن الأثير في النص السابق أن علم البيان يتناول بالدراسة المستوى المعجمي من مستويات التحليل اللغوي، إلا أنه قد تنبه إلى أن عمل البلاغي يختلف عن عمل اللغوي، فالبلاغي يتتبع مواطن الجمال في هذا المستوى، وتعد هذه الإشارة إشارة رائدة في عصرها، ولكن تظل هناك مجموعة من التساؤلات حول هذه الدلالة الخاصة التي يتحدث عنها ابن الأثير.

الصفحات