أنت هنا

قراءة كتاب انهيار الإمبراطورية الأمريكية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
انهيار الإمبراطورية الأمريكية

انهيار الإمبراطورية الأمريكية

كتاب " انهيار الإمبراطورية الأمريكية " ، تأليف د. عبد علي كاظم المعموري ، والذي صدر عن

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
الصفحة رقم: 4

تمهيد

تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية لا يماثله تاريخ دولة ما، إلا في جزء يسير منه، فهو تاريخ حامل لأحداث لا يمكن أن تحدث أو تتكرر، فهو تاريخ كل المتناقضات، فالتواجد البشري الذي تدفق على هذه البلاد متنوع ومتناقض ومتقاطع، إلا أنه تسامح وتسامى، من اجل البقاء، تجاوز حتى الظلم الذي عاشته هذه الأقوام في بلدانها الأصلية، إذ عملت بانتهازية عالية، فقد اصطفت جميعاً على ظلم السكان الأصليين، بل واستئصالهم، واصطفت وسائل أقل ما يقال عنها همجية في إبادة سكانها.

هذا البلد الذي يعد قارة في سعته وتنوع مناخه وطبوغرافية أرضه، احتضن كل هؤلاء الذين جاءوا من أصقاع الأرض البعيدة، واستوطنوها، سعياً وراء التخلص من ماضي اسود، وسعياً لتحقيق الذات، وهم في اغلبهم من البيض، الذين انطلقوا من عنصرية الرجل الأبيض، وتفوقه، وجبرية قهره للملونين من بني جنسه.

ومثلما كانت هذه البلاد المنزوية والبعيدة عن مركز حركة الأحداث السياسية في الزمن، فقد عاش إرهاصات تكونه الأولى بانزواء تام بعيداً عن أعين الأوربيين، الذين كانت لهم السطوة والقوة في رسم ملامح العالم آنذاك، وظل يتحين الفرصة المواتية، للخروج بكل احتقانات أزمنة تكوينه الأولى، خروج تتري، لا انسانوي، يمازج بين براغماتية المطلق، وتزييفه النسبي، لا يمكن أن تستنتج خطاً واضحاً في سلوكيات النظم المتعاقبة إلا في أن أمريكا هي المقدس في الأرض، وهي استعارة ذرائعية - رسطوية، تبنت التقديس الأثيني إزاء الأقوام الأخرى، أي خصوصية الجنس الإغريقي على ما سواه، وعلى المنطق ذاته نرى أن الشعب الأمريكي له خصوصية التمتع بالديمقراطية والاستهلاك الواسع ونهب المجتمعات الأخرى، فما تُحرمه أمريكا داخلياً، تستخدمه خارجياً، وهو ما أوقع الخطاب المبثوث نحو مجتمعات الأرض كافة بالتناقض الفاضح.

أمريكا لا تريد فقط أن تتقدم الصفوف إلى المواقع العليا في العالم اقتصادياً وسياسياً وعلمياً، ولكنها تريد استخدامها لبناء إمبراطورية على خلفية تحلل كل الإمبراطوريات الأخرى، على قاعدة إمداد القوة المستمرة.

الصفحات