أنت هنا

قراءة كتاب تحولات الدرس الأدبي المقارن في الأردن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تحولات الدرس الأدبي المقارن في الأردن

تحولات الدرس الأدبي المقارن في الأردن

كتاب " تحولات الدرس الأدبي المقارن في الأردن " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10

ولأن الذين هاجموا (مؤسسة المقارنة) يحرصون على فكرة المركزية Centrism وقداستها، ولعل بعضهم يعمد إلى تهميش هذه المؤسسة قصداً لغايات غير معلنة، وهي غايات أبسط تأويلاتها يقود إلى تداعيات تذكّرنا بالنزعة الكولونيالية نفسها " تقول سوزان باسنت Susan Bassnett بأن ماثيو آرنولد، قال عام 1857 م، ما يلي: (ليس بإمكاننا فهم حدث واحد أو أدب واحد بطريقة ترضينا، إلا بدراسة علاقته بأحداث أخرى، أو آداب أخرى). لكنّ كروتشه Croce هاجم الأدب المقارن، فموضوعه بالنسبة له، هواللاموضوع. أما تشارلز لزجيلي Gayley فيقول إنّ مجال الأدب المقارن هو: " مجتمع الإنسانية وطموحاتها المشتركة، أما فرانسواجوست Jost فيرى أنّ الأدب المقارن يقدم نظرة شاملة للأدب ولعالم الكتابة، ونظرة أدبية للعالم والكون الثقافي " (18).

بمعنى أننا نعود ثانية إلى المزج بين مفهومي (الأدب المقارن) و (الأدب العام) وكأننا نرجع إلى الوراء، ولا نتقدم نحو الأمام، لذا لا بدّ من حسم مثل هذه الحيرة والإرباكات التاريخية في تحديد مفهوم الأدب المقارن وطبيعة عمله، تلك المسألة التي ناقشها رينيه ويليك في حديثه عن عدد من المفاهيم النقدية Concepts of criticism. ولا شك أنً الطرح الذي ينحو بمفهوم المقارنة نحو وظيفة جديدة كفيل بحل المشكلة لنا، اتجه المناصرة هذا الاتجاه الذي يستثمر منهج (إدوارد سعيد) وليس طروحاته، في إقامة (نقد ثقافي مقارن) يوسع فاعلية المقارنة خارج مناخها الأدبي، وهو منهج " يقع في منطقة النقد الثقافي المقارن، وهي منطقة تلتقي مع تعريف الأمريكي (هنري ريماك) للأدب المقارن، من زاوية توسيع المقارنة خارج الأعمال الأدبية، وتلتقي في الوقت نفسه مع المنهج التاريخي الفرنسي التقليدي، لكن سعيد يرفض المناهج الوصفية الشكلانية كما يصفها، لأن هذه القراءات تتناقض مع جوهر مبدأ المقارنة الثقافية التوسيعية، التي لا تهتم (فقط) بجوانية النص وتركيبه الشكلي. فالنقد الثقافي المقارن يركز على مقارنة الثقافات ونصوصها وسردياتها المتنوعة والمختلفة، بدلاً من قراءة (الأدب المحض) " (19).

وهنا وجد المناصرة نوعاً من الدعم المنهجي للتحولات التي أسس لها في كتابه (النقد الثقافي المقارن) وراح يسقط نقاشات نقدية صرفة على النظرية المقارنة من خلال دراسات تطبيقية لعدد من الأعمال نشرها تباعاً وهي:

• أثر وليم فوكنر في رواية (نجمة) لكاتب ياسين.

• أثر وليم فوكنر في رواية (ما تبقى) لكم لغسان كنفاني.

• بيجماليون... بين برناردشو وتوفيق الحكيم، (1969)

• نيكولا فابتساروف في البلدان العربية.

• النص... والآخر: الموشحات الأندلسية وشعر الطروبادور.

وبالرغم من استخدام المناصرة لمصطلحات سائدة في الممارسة المقارنة كمصطلح (أثر) فإن الواقع التطبيقي يشير إلى توظيف المقولات الثقافية في مقاربة مقارنة، فعندما يبحث في المشكلة الجوهرية التي تطرحها الروايتان (نجمة) لكاتب ياسين، و (الصخب والعنف) لوليم فوكنر، يبرز (البحث عن النسق) كمنطلق نقدي عند المناصرة، يقول عز الدين:

" أولاً: تطرح الروايتان قضية صراع ثنائي بين شمال مستغل، بكسر الغين، وبين جنوب بكر انتهكه الشماليون. ففي رواية فوكنر، نجد الصراع بين شمال أمريكا الراقي صناعياً وبين الجنوب الأمريكي البكر ببراءَته. ويحكم الاستغلال هذه العلاقة إلى درجة الاغتصاب، ويطرح ياسين قضية صراع ثنائي هو الاغتصاب السائد بين شمال (فرنسا).وجنوب (الجزائر) ورغم أن نجمه من الناحية الواقعية نتاج عمليه (اغتصاب) إلا أن الحوار صعب، بل شبه مستحيل (ما أعلى الأسوار يا أماه!).

ثانيا: تتمركز فكره الروايتين حول محور العار والأخذ بالثأر، وتتوازى نجمة مع كاندي، وكاندي أيضا معشوقه من قبل عشاق كثيرين: فشقيقها كونتن الذي يدرس في هارفرد مصاب بعقده الشعور بالإثم، تجاه كاندي - الجنوب المغتصب - حتى إنه يتمنى لو يتزوجها، لكنه ينتحر لأنه يتعامل مع الزمن التقليدي المتوحش، برقه رومانتيكية، وبنجي شقيقها - المعتوه - يعشقها أيضا بعشق رائحه المطر، لأنها تشبه رائحة كاندي، أما كاندي نفسها فهي تتزوج ليكشف زوجها أنها حامل من رجل آخر "(20).

ومن خلال برهنته على العلاقة الموضوعية /المضمونية نجده ينطلق إلى تحليل نقدي يتابع من خلاله توطيد أسس هذه العلاقة، دون اهتمام بمحمولات مصطلح (تأثر / تأثير) وسياقتها التاريخية التي كان الباحث المقارن يجهد نفسه في البحث عنها. لكن المناصره اتجه اتجاها نقديا فنيا، ليكتشف أن معطيات كثيرة يمكن توظيفها في طريق المقارنة: كاللغة الروائية، والتقنيات الأسلوبية وطرق توظيف الزمن وغيره... ليصل إلى : إما نتيجة مفادها أنّ (رواية نجمة) لكاتب ياسين تقاطعت مع رواية فوكنر (الصخب والعنف) في مسائل عامة ، مثل: اللغة الشعرية الملحمية - صراع ثنائي بين شمال وجنوب - تشابه في رسم الشخوص ومصائرها، أسلوب التداعي والتحليل النفسي، لكن كاتب ياسين تأثر بفوكنر في أسلوب ترتيب الأزمنة ترتيبا عير منطقي، وفي حركة الرواية. وإيقاعها المتأثر.. لكننا نرى أن ياسين تفوق على ملحمية فوكنر في فصل اختطاف النجمة إلى جبل الناظور، وتوازى معه في لغته الشعرية بل كان أحيانا يتفوق عليه في نكهة اللغة.أذن لقد استفاد ياسين من موروث تقني أوروبي عام، واستفاد قليلا من فوكنر في التركيب دون أن نفقد إحساسنا بأن رواية (نجمة) رواية جزائرية عربية تماما، حتى لو كتبت بالفرنسية أو بأيه لغة أخرى(21).

ومع أننا نشيد بقدره الناقد على التحول بمفهوم المقارنة من سياقاته التاريخية إلى أفق نقدي ينبني على رهانات فنيه صرفه، إلا أن ثمة قضيتين مهمتين في هذا السياق هما: أنّ المناصرة يحاول أن يكون مخلصا لمنطلقاته النظرية التي تتأسس على نمط من التحول المنهجي في فلسفه الدراسات المقاربة التطبيقية السابقة بتحديد آليات نقدية / فنية / نصية لممارسة المقارنة بين روايتي كاتب ياسين (نجمة) ووليم فوكنر (الصخب والعنف) لذا فإن تناول المناصرة للحدث لم يركز كثيرا على (ماهية) بقدر ما ركز على (كيفية تقديمه) أي أسلوب عرضه , وهو بهذا يفلت من إسار الخوض في مسألة الفكرهة وأصلها وتحولاتها... ليستثني بالتالي أي أثر لمسألة (تاريخ الأفكار) التي تعد مصطلحا أساسيا في نظريات المقارنة التقليدية، وفي واقع الأمر فإن توجه المناصرة لمغادرة هذه المنطقة، والدخول إلى تخوم أخرى هو تكتيك مهم في سياق الخلاص من سيطرة النزعة التاريخية، ولاسيما تلك التي تأثرت عند المدرسة الفرنسي " فلا غرابة إن كنا نصادف إجماعا من الدارسين الفرنسيين على تحديد عدة الباحث المقارن في التالي:

أ- مؤرخ للآداب، إذ عليه أن يتجهز بثقافة تاريخية كافية،تمكّنه من وضع الأحداث الأدبية في إطارها التاريخي.

ب- الباحث المقارن، هو كذلك مؤرخ للعلاقات الأدبية بين الآداب (في عدة بلدان)"(22).

الصفحات