أنت هنا

قراءة كتاب الحرية العاطفية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحرية العاطفية

الحرية العاطفية

كتاب " الحرية العاطفية " ، تأليف د.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

مقدمة

لطالما حلم الإنسان بالحرية وسعى إليها منذ بدء الخليقة، فتغنى بها الأدباء والشعراء، وصورها الفنانون والرسامون، وقامت من أجلها حروب وثورات، وسالت في سبيلها دموع ودماء، ولِمَ لا، وفي الحرية يكمن جوهر الإنسانية الذي يفرّق الإنسان عن الجمادات؟ فالفرق بيني وبين الكرسي الذي أجلس عليه هو أنني حرٌّ أتحرك كيفما أشاء، أما الكرسي فساكن في مكانه إذا لم يحركه أحد، ولو بقي على وضعه ألف عام!!

قد يقول البعض إن الإرادة هي التي تفرّق الإنسان عمّا سواه من المخلوقات. وهذا صحيح .. ولكن ما قيمة الإرادة إذا لم يكن الإنسان حرّاً في تنفيذ إرادته..؟ ما قيمة إرادتي في الحركة إذا قيّدتني بحبالٍ إلى الكرسي الذي أجلس عليه، فأصبحت لا أستطيع حراكاً؟!

بل إن الغاية التي وضعها الله لهذه الحياة وهي الابتلاء {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ *} [الملك: 67/2] لا تتحقق إلا إذا كان الإنسان حرّاً، فكيف يكون الامتحان منصفاً إذا لم يكن الإنسان حرّاً في كتابة ما يريد من إجابات؟!

ولأن الحرية هي جوهر الوجود الإنساني، ولأن الغاية الأسمى للحياة لا تتحقق إلا بها، فإن الله زرع في فطرة الإنسان عشق الحرية والتوق إليها، لذلك كان الألم الناجم عن فقد الحرية هو من أشد الآلام فتكاً بروح الإنسان ومعنوياته.

لا يتحدث هذا الكتيب عن القيود الخارجية التي تسلب الإنسان حريته وتقلص قدرته على الاختيار، وإنما يتحدث عن القيود الداخلية التي تستدرج القيود الخارجية، وتمدّها بأسباب البقاء، وهي عبارة عن عادات عقلية وشعورية سلبية تكبّل الإنسان وتدمر طاقاته وتحدُّ انطلاقاته. هذه القيود يختارها الإنسان لنفسه بشكل واعٍ في بعض الأحيان، ودون وعيٍ منه في كثيرٍ من الأحيان، لكنه يستطيع تحطيمها في كل الأحيان! إنها القيود الناجمة عن جهل الإنسان بنفسه وبتركيبته العاطفية على وجه الخصوص، ولأن هذه القيود من صنع الإنسان فإن تحطيمها في متناول يده؛ عندما يدرك وجودها ويستبدل بها عادات عقلية وشعورية إيجابية، تحرره وتطلق طاقاته.

إذا كانت المشاعر الإيجابية، كالحماس والتفاؤل وارتفاع تقدير الذات، هي التي تحرك الإنسان في هذه الحياة وتدفع به إلى الأمام، وإذا كانت المشاعر السلبية؛ كالملل واليأس وانخفاض تقدير الذات، هي التي تقعد به وتشدّه إلى الوراء، فلا شك أن فهم الإنسان لمشاعره وقدرته على التحكم بها يوسّع دائرة حرّيته، وهذا هو موضوع الكتيب: أن تتحرر من المشاعر السلبية التي تحرمك من ممارسة حريتك، وأن تتحكم في مشاعرك بدلاً من تركها لتتحكّم فيك وتحدَّ من خياراتك.

الصفحات