كتاب " آمنت بربكم فاسمعون " ، تأليف محمد سعيد رمضان البوطي ، والذي صدر عن دار ا
أنت هنا
قراءة كتاب آمنت بربكم فاسمعون
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمّىً وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) *هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ*أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ} [غافر: 40/67-69] .
- أبي؟ أأنت في المكتبة؟ لقد جئت لأرد هذا الكتاب إلى مكانه.
- ما هذا الكتاب الضخم؟
- إنه (أصل الأنواع) لدارون.
- وهل من الممكن لفتاة مقصرة في دروسها أن تكون قد فهمت شيئاً من هذا الكتاب؟
- بعض الكلمات لم أفهمها، لكنه يقول إن الحياة بدأت كأصل واحد، ثم تطورت عبر العصور؛ بسبب بقاء الأصلح حسب البيئات، حتى صارت كما نراها اليوم من فروع شتى. لقد سمعت عن دارون في المدرسة، ثم وجدت كتابه في مكتبتك، فأردت أن أعرف..
- نظريته؟
- نعم.. قال الأستاذ إنها فرقت بين رجال العلم ورجال الدين، إذ تخالف رواية الإنجيل فتجعلها مهجورة. وهذا الذي لم أفهمه..
- يقول الإنجيل إن الكون وما فيه خُلق في ستة أيام، وقد أثبت العلم أنه عملية بلايين من السنين.
- ربما كانت أياماً غير أيامنا..
- ويقول الإنجيل إن الله جبل آدم من تراب، ثم نفخ فيه من روحه فأصبح إنساناً. ألا تذكرين؟
- ودارون يقول مثل هذا. فأصل الحياة من ماء وتراب، ولا يقول - كما زعم الناس - إن الإنسان من القرد، وإنما للإنسان والقرد أصل واحد وهما فرعان منه. ثم لا أذكر أن الإنجيل حدد زمن خلق آدم من أول بنائه حتى نُفخ فيه.. ربما كان ذلك عبر العصور..
- ربما.
- أبي؟ هل نظرية دارون حقيقة؟!
- إنها نظرية. معنى ذلك أنها رأي مثقف مبني على نتائج بحوث علمية قام بها هو وغيره. فلا أقول إنها حقيقة على الإطلاق، لكنها معقولة، وقد تكون أقرب إلى الحقيقة مما اعتقدنا سابقاً.
- ألا تؤدي البحوث العلمية إلى الحقائق؟
- أحياناً.. ليس دائماً.
- أفليس هناك سبيل إلى معرفة الحقيقة؟!
- ماذا تعنين بالحقيقة؟
- من أين جاء الكون وإلى أين يذهب..
- هذا ما شغلنا في الدراسات، ولا نعلم اليوم إلا القليل. لكن العلم هو أملنا الوحيد، عسى أن تكون أجيال المستقبل أعلم منا في هذه المسائل؛ إذ نقدم لها، كما قدم لنا أسلافنا، ما تبني عليه. وهذه هي الإنسانية بعينها، خدمة الإنسان لأخيه الإنسان..
- لماذا لا تقرئين الإنجيل يا أماه؟ أليس هذا من دينك؟!
- لقد قرأته أكثر من مرة، وكان يجب أن أقرأه من جديد.. لكني، على الأقل، أحضر الكنيسة.
- لقد خطر لي أن أجرب حضورها مرة ثانية، عسى أن أفهم شيئاً لم أكن أفهمه وأنا طفلة. وأود لو أقرأ الإنجيل قبل ذلك، لكني أجد لغته صعبة، تتعبني كثيراً..
- إن شئت قرأت لك قليلاً كل يوم..
- "فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك..".