أنت هنا

قراءة كتاب أزمة الأقليات في الوطن العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أزمة الأقليات في الوطن العربي

أزمة الأقليات في الوطن العربي

كتاب " أزمة الأقليات في الوطن العربي " ، تأليفد.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

كلمة الناشر

قد لاتبدو مسألة الأقليات مهمة عند المسلم.

فهو لم يسبق له أن واجه مشكلة مع من هاجر إليه من أكراد وداغستان ومغاربة وأفغان، بقدر مافتح لهم صدره وآثرهم على نفسه.. حتى الأرمني الذي يختلف معه ديناً، لم يجد في نفسه حرجاً في أن يتعايش معه ويحبه.

ثم إن ذاكرة المسلم زاخرة بالنصوص المرجعية من القرآن والسنة التي لاتدع مجالاً لبروزها مشكلة تستعصي على الحل.

فالتنوع البشري فيها سنة كونية تستهدف ترقية الإنسان وإغناء تجاربه.

وتجمع الناس في شعوب وقبائل، سبب لتعارفهم .

واختلاف ألسنتهم وألوانهم آية تكاملهم وتعاضدهم ورسل الله عنده إخوة لايصح إيمانه مالم يؤمن بهم جميعاً؛ لايفرق بين أحد منهم .

وهم ينتمون إلى مدرسة واحدة، ترفض مسلمات الآباء، وتدعو إلى تغييرها بالحكمة والموعظة الحسنة والبلاغ المبين، وتنهى عن الإكراه في الدين، تاركة للإنسان حرية اختيار دينه بملء قناعته، ومحتفظة لله تعالى وحده بحق محاسبته على اختياره، بمقتضى أمانة العقل التي ائتمنه عليها.

والإنسان في نظر المسلم باحث عن الحقيقة، لايحق له أن يدعي امتلاكها واحتكارها من دون الناس. جل ما يمكنه ادعاؤه أن يقول: ((رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي مخالفي خطـأ يحتمل الصواب))، وهو مايستبطن اعترافاً بالآخر، وقبول الحوار معه لاستجلاء ماقد يكون لديه من حقيقة خفيت أو غلط استبان.. فإن تعذر الوفاق على هذه الحال، فإنه لايفسد للود قضية، ولا يمنع من التعايش على أساس {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 109/6].

إنما يمنع التعايش الشعور بالاستعلاء والتفوق على الآخر، الذي ينتج الظلم والحرمان والقهر والنفي والتهجير ..

هكذا يسترسل المسلم في تهوينه من مشكلة الأقليات، واستبعاده لإمكانية نشوبها.

لكنه حين يعاني المشكلة؛ مغترباً وسط أغلبية مختلفة في الدين أو اللون أو اللغة أو الجنس، أو ملاحقاً مضطهداً بسبب رأيه في نظام سياسي متسلط لايطيق سماع صوت آخر، أو مصغياً إلى آخر يبثه حزنه وشعوره بألم الحرمان والانتقاص والرفض.. فلسوف يدرك أن النصوص مالم تتحول إلى ثقافة راسخة في ضمير الإنسان، يغتذي بها من ثدي أمه، ويتلقاها مناهج ثابتة في مدرسته وإعلامه، ويعيشها في سلوك مجتمعه، فإنها سرعان ماتضيع عند أول همسة يهمس بها شيطان ماكر، موقظاً نزعة الأنانية البغيضة {أَنا خَيْرٌ مِنْهُ} [ص: 38/76]، فلا يبقى على أثرها أحد خيراً من أحد، وينخرط المجتمع كله في فتنة لاتبقي ولا تذر، حتى ينفرط عقده ويتفرق جمعه، فيلعن الشيطان بعد فوات الأوان.

ولعلنا نلاحظ أن مسألة الأقليات ترتبط بالتحضر؛ تختفي عندما ترتقي أمة معارج الحضارة، فتبحث عن نقاط وفاقها لتنميها، وتبرز عندما تسأم أمة تكاليف الحضارة، فتبحث عن مواطن اختلافها وتثيرها لتهوي بها في حضيض التخلف.

إن مكمن الإثارة في هذا الحوار عن أزمة الأقليات أنه يجري بين مفكريْن كبيرين يعيشانها ويعانيانها: مصري من الأقباط يكشف عن منابعها ودخائلها، وسوداني يكتوي بلده بنارها منذ ثمانية عشر عاماً.

ولسوف نلمس من حوارهما مدى الضرر الذي يترتب على تجاهلها، والحاجة إلى مزيد من الحوار حولها، لكشف خفاياها وجذورها.

الصفحات