أنت هنا

قراءة كتاب في مواجهة الأمركة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
في مواجهة الأمركة

في مواجهة الأمركة

كتاب " في مواجهة الأمركة " ، تأليف د. محمد أحمد النابلسي ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

لكن اقتراحاتنا لمواجهة الأمركة تحاول أن تستند إلى مراجعة نقدية لمشاريع الأمركة. فهذه المواجهة تقتضي برأينا الشخصي المعرفة الدقيقة لتفاصيل هذه المشاريع وخلفياتها وطموحاتها وأدواتها. حيث وجدنا من الضروري أن نضع بين يدي القارئ العربي نصوص هذه المشاريع مترجمة إلى العربية. إذ لا يجوز أن يسمع هذا القارئ بمشروع تغيير الخارطة العربية وبمشروع الشراكة الأميركية مع الشرق الأوسط (مبادرة باول) ومشروع الحرب الاستباقية التي أرساها بول وولفويتز وتبناها بوش لتصبح (مبدأ بوش) وكذلك فرضية (الحرب الافتراضية) غير المعروفة على نطاق واسع، لكنها كانت فاعلة في حرب العراق. بل إن تلك الحرب كانت أولى تطبيقات هذه الفرضية. التي ينتمي منظروها إلى مؤسسة راند حيث يزاملون فيها وولفويتز وكيسينجر وغيرهم. كما لايجوز أن توضع هذه النصوص أمام القارئ العربي بدون قراءة نقدية لها. ومثلها كتب تلعب دوراً هاماً في القرار الأميركي وفي تحرك المخابرات الأميركية في بلادنا. ومنها كتب فوكوياما (نهاية التاريخ) و(نهاية الإنسان) وكتاب ساوندرز المعنون (المخابرات في سوق الثقافة/ من يدفع للمزمرين). الذي يشرح لنا كيف تقوم المخابرات بتصنيع قادة المجتمع في الدول النامية وفي بلادنا تحديداً. حيث استندت مبادرة باول على صناعة المخابرات لهؤلاء القادة. كما استندت إلى جماعات المجتمع المدني المصنعة في مختبرات وكالة المخابرات الأميركية.

على أن مواجهة وحش الأمركة لا يقتصر على إشعال بعض النيران في وجهه (مقاومة شعبية) بل عليها التبصر باحتمال قيام قطب مواجه لأميركا وتبين ملامح هذا القطب المستقبلي. حيث وجدنا أن الصين هي المرشح الوحيد لهذا الدور. مما اقتضى التعريف بسيكولوجية السياسة الصينية وبسلوكها تجاه أزمات السفارة في بلغراد والطائرة الصينية..إلخ. وكان توقفنا أمام احتمالات بروز الصين على علاقة بالأزمات الأميركية المعلنة والمتسربة. حيث خطورة هذه الأزمات تبلغ حدود الحديث عن قدوم زمن الفوضى الأميركي. وملامحه أزمة اقتصادية عارمة (فضائح إفلاس الشركات) وميليشيات نازية (أوكلاهوما 1995) وشغب عنصري (سينسيناتي 2001) وأقليات مضطهدة وحريات مقلصة ومنتهكة (وزارة بوش للمخابرات) ومخالفات جرمية بحق القانون الدولي (رفض توقيع اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية) ومؤسساته (مخالفة مجلس الأمن في قرار حرب العراق) كما بحق الإنسان.

ولا بد في هذا السياق من مناقشة مشروع بوش وإدارته. الذي قوبل بالتحفظ الشديد في البداية ليتحول إلى مشروع إنقاذي بمناسبة حوادث 11 أيلول وذيولها من حروب على الإرهاب. وأخيراً عودة التحفظات على هذا المشروع بعد فشله في إثبات فعاليته وبعد انفجار المشاكل المترتبة على ثغراته وتسرعه في الحرب العراقية.

وننهي هذا الكتاب بعرض لمصادمات الأمركة مع الخصوصيات الثقافية. حيث تسجل هذه الأخيرة انتصارات مؤجلة. فهي تحتوي الأمركة، والنفوذ الأميركي عامة، في فرنسة وروسية وألمانية والصين وكورية وسورية وأفغانستان والعراق وإيران وفلسطين. وهذا الاحتواء لا يتعجل المواجهة لإدراكه فارق التفوق الأميركي الحالي. لذلك فإن هذا الاحتواء يأمل بابتلاع الوحش الأميركي مع الوقت. حيث لا مكان للمتعجلين قبل انفجار كوارث الاقتصاد الأميركي التي باتت أقرب من التصور.

محمد أحمد النابلسي

رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية

الصفحات