أنت هنا

قراءة كتاب ألوان المغيب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ألوان المغيب

ألوان المغيب

كتاب " ألوان المغيب " ، تأليف عبد الواحد لؤلؤة ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

دراسات نقدية

شفيق جبري:

شاعر القديم المـُـحـَـدث

القديم المـُـحدث صفة تضارع الكلاسي المحدث في وصف الشعر وفنون العمارة في الحضارة الغربية، مما شاع في أواخر القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر بخاصة، حيث راح الشعراء وأصحاب العمارة في أورپـا يقلـّـدون أمثلة القديم، بأسلوب لا يعيد تصويره كما كان في الأصل، بل يضفي عليه مسحة حديثة· ففي الأدب الفرنسي نجد بوالو يكتب فن الشعر L'Art Poétique عام 1674 يمجـّـد فيه آراء الشعراء اللاتين مثل هوراس صاحب فن الشعر Ars Poetica الذي يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد· يريد بوالو مثل هوراس أن يتميز الشعر الجيـّـد بالتوازن لا بالتطرف، وباللياقة لا بالشطط، وأن يقضي الشاعر في دراسة الشعر والمران عليه ما لايقل عن تسع سنين· كل هذا ليتكون لدى الشاعر شبيه أرضية صلبة واسعة من المعرفة· وهذا يذكـّـرنا بقول أبي نواس ما نطقتُ بالشعر حتى حفظتُ لستين من شواعر العرب، فما بالك بالشعراء! وقد طبعت آراء الشاعر الناقد الفرنسي بوالو أجواء الشعر الفرنسي في أواخر القرن السابع عشر، ومنها امتدت إلى أجواء الشعر الإنـگـليزي في فترة عودة الملكية عام 1660· فقد كانت الأجواء تدعو إلى العودة إلى القديم، أي إلى ما قبل ثورة المتطهـّـرين الـپـيوريتان في عقد 1640· صارت القوى السياسية - وتبعها الشعراء، في بريطانيا - ترى في عودة الملكية عودةً إلى الاستقرار وإلى القيم الثابتة التيكان قديم الشعر خير ما يمثلها· وقد سار في هذا الاتجاه الشاعر الإنـگـليزي ألـگـزاندر پوپ (1886-1744) الذي كتب قصيدة طويلةً من ثلاثة أقسام بعنوان مقال في النقد (1711) تكاد تكون صورة عن آراء بوالو في فن الشعر وقد ترجم پوپ إلى الإنـگـليزية إلياذة هوميروس من القرن التاسع قبل الميلاد، ترجمةً هي أشبه بالتلخيص منها بالترجمة، ويقول في مقال في النقد: إجعل هوميروس درسـَـك ومتعتـَـك إقرأه في النهار واحلم به في الليل!

هذه العودة إلى القديم في الشعر وفي غيره من الفنون في التراث الأورپـي في القرن الثامن عشر لها ما يضارعها في الشعر العربي في النصف الأول من القرن العشرين· ولم يكن بالشاعر العربي حاجة إلى ترجمة تراثه القديم، فهو في متناول يده، لأن اللغة ما تزال هي العربية ذاتها· لذا كان الرجوع إلى المعلقات وإلى قديم الشعر العربي مسألة استعداد طبيعي ساعدت في نموه ظروف الحياة السياسية في البلاد العربية في نهاية الحرب العالمية الأولى، وزوال كابوس الحكم العثماني· وقد ظهرت آثار ذلك في أقطار عربية شتى، وبدرجات متفاوتة، لكنها تميـّـزت جميعاً بالتوكيد على عروبة البلاد وثقافتها· وفي سوريا كان الاتجاه العروبي قد تبلور بفعل قيام كيان حكومي عربي بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، على الرغم من عدم استمرار ذلك الكيان سوى لـِسنوات قليلة، لكنه كان صورة من تنامي الشعور القومي في البلاد·

الصفحات