أنت هنا

قراءة كتاب ألوان المغيب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ألوان المغيب

ألوان المغيب

كتاب " ألوان المغيب " ، تأليف عبد الواحد لؤلؤة ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

ستيفان مالارميه ··· عربيـّـاً

يـُـعدّ ستيفان مالارميه (1842 - 1898) من أبرز شعراء الرمزية الفرنسية في أواخر القرن التاسع عشر· وقد بدأت الرمزية في الشعر وغيره من الفنون الأدبية والتشكيلية في صورة ردّة فعل ضد المذهب الطبيعي والمذهب الواقعي ، مما شاع في أواسط القرن التاسع عشر بخاصة، في فرنسا كما في الأدب الإنـگـليزي، حيث يـُـصوّر الواقع في خشونته الجاسية، ويـُـرفع العادي والمألوف فوق منزلة المثالي· وقد تبنـّـت الرمزية جانبَ الروحانية والخيال والأحلام، وسارت على هذا الطريق في ما صدر من أعمال شعراء أمثال شارل بودلير (1821 - 1867) الذي نشر عام 1857 مجموعته الشعرية الشهيرة بعنوان أزهار الشرّ LesFleursduMal، ومثل پـول فـيرلين (1844 - 1896) وآرتور رامبو 1854 - 1891) وپـول فـاليري (1871 - 1945) وجول لافورگ 1860 - 1887) الذي تأثــّـر به كثيراً الشاعر الأنـگـلو-أميركي ت·س·إليوت (1888-1965)· وفي بريطانيا ظهرت آثار الرمزية في أعمال أوسكار وايلد (1854-1900)ووليم بتلر ييـْـتس (1865-1939)· وفي أميركا ظهرت آثارها في أعمال إدگـار آلن پـو (1809-1849) في معزل عن ظهورها في فرنسا، على ما يبدو، لكن بودلير كان معجباً بأعمال پـو فترجم منها إلى الفرنسية ما غذّى التوجـّـه الرمزي لدى معاصريه ومن تبعهم، مثل مالارميه الذي كان شديد التأثر بأعمال پـو

يؤمن الرمزيـّـون بأن الفن يجب أن يسعى إلى التعبير عن الحقائق المطلقة، التي لا يمكن التعبير عنها إلا بطرق غير مباشرة· ومن هنا جاء أسلوبهم مشحوناً بالمجازات والإيحاءات، مما يضفي على الصور والأشياء معاني رمزية· وفي عام 1886 نشر جان مورياس (1856-1910) في صحيفة الفيـگـارو بيانَ الرمزية، الذي أعلن فيه أن الرمزية تعادي المعنى الواضح والأسلوب الخطابي والميوعة العاطفية والأوصاف المألوفة وأن هدف الرمزية هو أن تـُـسربلَ المثالي بشكل ممكن الإدراك··· لا يوجد غرضه في حدّ ذاته؛ بل إن هدفه الوحيد هو التعبير عن المثالي ثم يضيف وهكذا، في هذا الفن، مشاهد الطبيعة والأنشطة البشرية وجميع مظاهر العالم الواقعية لن توصف لذاتها؛ فهي هنا وجوه ممكنة الإدراك تـُـمثـِّـلُ علاقاتـِـها الخفيـّـة َ مع الأفكار البدئية

أراد الشعراء الرمزيون أن يحررّوا أساليب النظم لكي يفسحوا مجالاً أكبر أمام السيولة وبذلك اقتربوا من حركة الشعر الحرّ التي دعا إليها گـوستاف كان Gustave Kahn (1859-1936) الذي قال إنـّـه مخترع الشعر الحرّ وربما كان يقصد الشعر الحرّ بالفرنسية، لأن من المعلوم أن الشاعر الأميركي والت وتمان هو الذي أوجد هذا المفهوم، كما ذكر في مقدمة مجموعته من الشعر الحرّ بعنوان أوراق العشب (5581) وكان گـوستاف كان يومها لم يولد بعد!

إن الرغبة في تحرير أساليب النظم ليست جديدة على الشعر الأورپـي أو الأميركي· إذ نجد شكسبير (1654-1616) قد حاول التحرر من نظام الغنائية (sonnet) الإيطالية التي قنـَّنها پـتراركا (1304-1374) بأربعة عشر بيتاً، ثمانية تعالج فكرة القصيدة، قافيتها ا- ب - ب - ا، ا- ب - ب - ا· وستة أبيات تفسـّـر أو تعالج الفكرة الرئيسة أو تمثل لها، وقافيتها ج- د- هـ مكرّرة أو مقلوبة· لكن شكسبير قسـّـم الأبيات الأربعة عشر إلى ثلاثة مقاطع من أربعة أبيات في المقطع الواحد، يعالج كل مقطع وجهاً من وجوه الفكرة العامة في القصيدة، وتتحرّر القافية إلى ا- ب - ا- ب· ج- د - ج- د· هـ - و- هـ -و· وتنتهي الغنائية بمزدوجة قافيتها ز- ز· وهي بمقام الخاتمة أو التعليق على القصيدة كلها· ثم جاء ملتـُـن (1608-1847) وأحدث تغييراً في نظام القوافي، ولم يتوقف بنهاية البيت الثامن الذي ينهي الفكرة الرئيسة في الغنائية الإيطالية، بل استمر إلى ما بعده ليستكمل الفكرة أو الصورة· لكن الشعر الحرّ الذي استحدثه وتمان ومن تبعه من شعراء أميركا وبريطانيا، وأولهم إليوت هو شعر يخلو من الوزن والقافية، إلاّ ما جاء منها عـَـرَضاً·وهذا ما سعى إليه گـوستاف كان ومن تبعه· لكن أغلب شعراء الحداثة في فرنسا، من رمزيـّـين وغيرهم، بقوا محافظين على الوزن الإسكندري Alexandrine بمقاطعة الصوتية الإثني عشر، التي تنتظم في الغالب مقطعاً قصيراً يتبعه مقطع طويل، أو العكس من ذلك، شريطة ألاّ تتعدى المقاطع الصوتية في البيت الواحد إثني عشر مقطعاً· وهذا ما نجده في قصائد مالارميه على قلـّـتها العددية، وهو ما تقوم عليه قصيدة رمية نرد موضوع هذا المقال، ولو أن الشاعر يبعثر المقاطع لا يلغيها، كما يقول·

الصفحات