أنت هنا

قراءة كتاب عمر بن الخطاب شهيدآ

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عمر بن الخطاب شهيدآ

عمر بن الخطاب شهيدآ

كتاب " عمر بن الخطاب شهيدآ " ،تأليف عبد الله خليفة ، والذي صدر عن دار المؤسسة للدراسات والنشر .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

الفصل الأول
- 1 -
دُفن الخليفة، الحاكم الصديق الحبيب، وبقيتَ أنتَ تــُمسك الجمر·
هذه بلادٌ مثخنةٌ بالجراح، فقيرةٌ، معوزةٌ، تتدثرُ بالشمس المحرقة، وترقدُ على التراب، وجيوشـُها الضئيلةُ تخرجُ من بين ضلوعها اليابسة المتصلبة نحو الآفاق البعيدة الخطرة!
تقلبْ! فلن تجدَ عيناك طريقًا نحو النوم، وهي ترقدُ على جمرٍ، وتسخنُ الرمضاءُ جفونها··
أي فخٍ هائل هذا الذي يطبقُ على ضلوعك الآن، حشودٌ هائلة من الفقراء، ومصابون ومقتولون كثارٌ من حربِ الإخوة، وقبائلٌ ضاريةٌ في أرضٍ مجدبةٍ، وآفاقٌ لا تـُحدُ من الأحلامِ وراء هذه البراري، هناك حيث تتدفقُ الأنهارُ ويمسك المرءُ السحابَ وهو فوق الجبل ويعصرهُ للكروم والتفاح!
تقلبْ وأنت تفكرُ في كيف تحول هذه الحشودَ إلى حرابٍ، قد تتغلغلُ في لحمِ بشرٍ مساكين، أو توزع الثمرَ على الجياع··
تقلبْ وأنت تفكرُ بهؤلاءِ الناس الكارهين لصعودك على كرسي الخلافة، ويقولون كيف نستقبلُ الآن هذا الرجلَ الشديد الغيظ بعد الإنسان الرقيق العادل!
ويحك يا عمر، أن تعجز وتخاف من هؤلاء وتوافق على أخطائهم وشرورهم، أو تظلمهم دون وجهِ حق!
تقلبْ على الجمر والوقتِ، دون أن يطلعَ الصبحُ وترفض الشمسُ الصعودَ!
صحراءُ فقيرةٌ مليئةٌ بالرملِ والقمل والنار وفيها بضعُ جبال وعليك أن تملأها بالخير، وكلُ حبةِ قمحٍ معدودة، وكلُ ثمرةٍ من النخيلِ محسوبة، لا أن تملأ بطنك وتترك الناس جياعًا!
تقلبْ··!
وهؤلاء الفرسُ العظامُ الأقوياء، كم اندفعوا كالسيولِ الجارفة وسط الصحارى العربية محولين الخيام والبشر إلى ركام وبقايا ورماد، يبنون القصورَ والقلاعَ على الرؤوس العربية، ويحولون مسارَ الأنهار نحو قصورهم وخزائنهم، وهذه الصحراءُ جائعةٌ لأنهارها، وفي كلِ بضع سنين مجاعة تزيلُ غابات الخيام في لحظات، وكل بضع سنين تمضي القوافلُ إلى الشمال ذائبةً في الرمال والأنصال والمستنقعات الدموية، وفي كلِ بضعِ سنين تملأ جبالُ الرملِ الحدائقَ والروافد··
وسيوفُ الرومِ تصنعُ سياجًا طويلاً يمنعُ تسللَ قبيلةٍ أو زهرة··
تقلبْ فأمامك مهام جسام، لا تستطيع أن تقوم بها يا ابن الخطاب، وذكرياتُ لسعاتِ سوطِ أبيك لا تزال تؤرقك··!
(تعال أيها الصبح، تعالي أيتها المهام، أنا لكِ!)·
وينبته وإذا هو أغفى ثم أشرق شيءٌ من الضوء، وإذا الوضوءُ والصلاة، والحشودُ تتدافعُ نحو المسجد، وأيديها ثقيلةٌ له، وسلاماتها جافةٌ، باردةٌ، وكأنهم يعزونهُ بموتِ صديقه أكثر مما يهنئونه بتوليه الحكم··
 

الصفحات