أنت هنا

قراءة كتاب عمر بن الخطاب شهيدآ

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عمر بن الخطاب شهيدآ

عمر بن الخطاب شهيدآ

كتاب " عمر بن الخطاب شهيدآ " ،تأليف عبد الله خليفة ، والذي صدر عن دار المؤسسة للدراسات والنشر .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10

- 5 -

هل يستطيع عمر أن يغفو؟ حتى بعد صلاة الفجر وفي تلك الظلمة الشاحبة والهدوء العميق كانت الأصوات تضجُ في روحه· هذا بائعُ لبنٍ يغش! وهؤلاء الناس يأكلون من اللحم كثيرًا! وأولئك البشر وراء حراب الروم والفرس يستصرخون به وأصواتهم تصل إلى فراشه اليابس! يتخيلُ القصورَ الكبرى وحدائقها والملوك بتيجانهم وملابسهم المزركشة المنتفخة وتحتهم الأكواخ والناس الذين يغوصون في الوحل ويزرعون القمحَ ثم يرقدون على الحصى وبطونهم خاوية· لديك يا عمر كل هذه الجيوش والبشر أسرى؟

يتقلبُ· بيتُ المال فيه نقودٌ كثيرة لم تـُوزع· عمل دارًا لملابس وأدوات المحتاجين· جاء أغنياءُ قريش وقالوا: قطعت عنا نصيبنا من المال يا أمير المؤمنين! يرى في عيونهم مكرًا وغضبًا مكتومًا· يصيح بهم:

- أُعطيتم المالَ والمسلمون ضعاف ولم نعد ضعافًا فاذهبوا!

يتطلع في وجهي ابنيه الجالسين معه على مائدة الفطور شبه الناضبة، أحدهما وهو عبيد الله يتطلع في الأكل بتذمر وعبدالله يبسمل ويأكل قطع الخبز بشيء من السمن· يقول:

- ماذا تريان في خالد بن الوليد؟

فيسأل عبيدالله بدوره:

- أترى فيه شيئًا يريبك؟ أهذا هو كل الأكل؟

- أنا الذي أسأل··

يقول عبدالله:

- قائد فذٌ لكنه له مزالق وأفعال غريبة··

- مثل ماذا؟

- كإسراعه في قتل الأسرى حتى بعد أن يتأكد أنهم مسلمون·· وقتل النفس بدون حق جريمة··

يعترض عبيدالله:

- أتعتقدان أن الحرب خاليةٌ من المفاجآت والغفلة والعاطفة؟ أتحسبانها مثل النزهة؟ لا تقوم الحروب العظيمة إلا على هذه الأجساد والدماء فيتغير كلُ شيء!

يقول عمر بصرامة:

- ما بالك تصرخ هكذا؟

يكمل عبدالله دون أن يلتفت إلى أخيه:

- خالد يغامر بالناس وقد يكون هذا فعل حرب حسن، لكن التمثيل بالجثث والصلب والحرق هذه ليست من أخلاقنا!

يهتف عمر:

- أحسنت، أحسنت يا لدي!

ويهتف عبيدالله بدوره:

- ما هذا برأي قائد وإنما قارئ!

- ما رأيكما إنني أفكر بعزله وتولية أبي عبيدة بن الجراح مكانه··؟

ينهضُ عبيدالله ويقول برعب:

- سوف تهدمُ كل ما بناه المسلمون يا أبي في الفتوح، سيعودون مهزومين منكسرين، إياك وهذا الأمر!

لا يلتفت عمر إلى عبيدالله ويحدق في شفتي عبدالله وكأنه ينتظر خلاصه· عبدالله يصمت ويفكر مليًا· يقول:

- هل شاورت الصحابة؟

- كثيرين منهم، وهم مختلفون أشد الاختلاف· والأمر برمته يحيرني ويخيفني ويتعبني·· أرى هذا الطاووس يمشي في البلدان بسيفه حاسبًا الانتصارات من فعله·· تعرفان الغرور وماذا يفعل بالنفوس!

يقول عبدالله:

- عزله لن يكون·· كارثة·· تعزله فقط عن منصب القيادة وتدع له مساحة من الأمر والفعل المستقل·· لا تذله··

- هذا رأي حسن كان من أفضل آراء بعض الصحابة··

الصفحات