أنت هنا

قراءة كتاب قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير

قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير

كتاب " قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير " ، تأليف علي عبد الأمير عجام ، والذي صدر عن دار المؤسسة للدراسات والنشر .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6

6· السيد توفيق الكرخي :

أدركته وقد أصبح شيخاً يبدو وكأنه أبو كل المعلمين، ثم علمت أنه كذلك فعلاً إذ تتلمذ عليه أغلب معلمينا·

كانت قصصه الدينية والتاريخية ذات العبرة الدينية في درس الديانة نوعاً من سحر الكلام، رغم أن حصته العادية (القراءة ومعاني الكلمات) لم تكن تخلو من شغب بعض التلاميذ، لكن ذلك (الشغب) يختفي حالما يباشر (أبو سمير) قصته عن نبيِ أو حدث أو معركة تاريخية·

وكان خلال تلك القصص مدرسة قائمة بذاتها من المواعظ والدروس تنساب إلى المتلقي بأسلوب قصٍ ساحر· وكثيراً ما تناوب مع المدير في حصة الخط، وخطه يمثل مباراة ساخنة مع خط مدير المدرسة في الجمال والأناقة، كان (سمير) ابنه زميلاً لنا لكنه لم يكن يتميز علينا بشيء، بل كان لا يسلم من العقاب وعقاب أبيه بالذات كلما قصر في واجب مدرسي أو في قاعدة من قواعد السلوك· وبعد فالسيد توفيق الكرخي رحمه الله هو ابن عم الشاعر الشعبي المعروف عبود الكرخي·

7· محمد حسين عبد الزبيدي:

هو الأستاذ الدكتور محمد حسين الزبيدي أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة بغداد إلى فترة قريبة، وأمين مكتبة المتحف العراقي لفترة أخرى، والباحث المؤلف في شؤون عراقية معاصرة، مؤلفاته معروفة وأغلبها منشور عن وزارة الإعلام· حين ابتدأ شوطه التعليمي في مدرستنا كان يعلمنا مادة التاريخ القديم للصف الثالث الابتدائي حيث كان الإنسان القديم·· إنسان ما قبل التاريخ موضوعا للكتاب المقرر، وكان أبرز ما فيه تركيزه على مشاركة التلميذ في تحضير الدرس· غير أن تميزه الحقيقي على صعيد المدرسة جاء حين أشرف على النشاط الرياضي فيها، لا سيما وأن هيئته الجسمية كانت تشير إلى رياضي ممارس، وقد منح التدريب واكتشاف المواهب الرياضية بين التلاميذ ورعايتها اهتمامه الأكبر، وسرعان ما ظهرت آثار ذلك الاهتمام والتدريب بتصدر مدرستنا للعديد من بطولات الألعاب في اللواء (المحافظة)، وعلى يديه برز العديد من أبطالنا الذين تطورت بطولاتهم فيما بعد على مستوى اللواء، ثم على مستوى القطر، فقد برز وليد أحمد البرزنجي في ركض 100م والقفز العريض والقفزة الثلاثية، وبرز الأخوان حسن وفاضل حسيني الحداد اللذان سجلا بطولات في الركض والقفز العريض أيضا، وكان هنالك أيضا نايف كصب الجنديل وسلمان المحاويلي في القفز العالي والقفز بالزانة، وحمزة سعود والعديد غيرهم، وامتد اهتمامه الرياضي إلى المدينة خارج المدرسة، من خلال برنامج للتدريب المفتوح خارج وقت الدوام، لكنه لم يتخل عن درس التاريخ· وأذكر أن الأٍستاذ الزبيدي أجرى لي اختبارا خاصا لمعرفة ما إذا كنت أفهم معنى ما أقرأ أم أحفظه (درخا) بعد أن لاحظ أنني ألقي الدرس على السبورة فيما يكاد يكون حرفيا·· وذلك بأن جعلني أقرأ أمامه من رواية عالمية ثم سألني ماذا فهمت منها ؟ وأعترف أنني لم أستوعب ما قرأت أمامه لكنه لم يعلق بشيء، غير أنه لم يتخل عن اهتمامه بي كتلميذ متفوق·

وقد تعاون معه في الشأن الرياضي لفترة الأستاذ إسماعيل خليل الذي كان يعلمنا مادة (الأشياء والصحة العلوم حاليا) وإليه آلت شؤون الرياضة المدرسية بعد التحاق الزبيدي في الدراسة الجامعية، ليعود ويدرسني مادة الاقتصاد السياسي في الصف الرابع العلمي بثانوية المسيب·

8· عباس الحمداني:

على خلاف أغلب الطلبة في الكليات، لم أكن أعاني من مشكلة في اللغة الانكليزية بل كنت متفوقا فيها في دراستي الثانوية، وكان ذلك يعود لمتانة الأساس الذي أرسيت عليه معلوماتي في هذه اللغة كمعان للكلمات وكقواعد· والفضل في ذلك لمعلمي الأول في هذه اللغة·· الأستاذ عباس سريبت الحمداني· ولا أحسب أن أحدا من زملائي ينسى هذا المعلم الصبور ومائدته العامرة بالسكر والزبد والشاي وأدوات الطعام وغيرها ليعلمنا أسماءها بالانكليزية وكيفية التعبير عنها واستعمالها· ولقد كان يكرر المادة عشرات المرات دون ملل وبصبر عجيب وبصيرة· هنا بدأت معرفتي لمبادئ اللغة الانكليزية حروفا ثم إملاء ونطقا·

9· حسين حيدر:

مع أنه يدرس مادة أو مادتين، وأتذكر أنه علمنا درس الأشياء في الصف الثاني الابتدائي إلا أنه لا يذكر إلا وآلة الكمان ترافقه· نعم فقد كان معلم النشيد والموسيقى ويقود فرقة النشيد المدرسية، ويدربها ويقود أداءها في افتتاح حفلات الخطابة أو المناسبات المدرسية الأخرى، ولكن ولعه بالموسيقى لم يخفض شدته في متابعة المقرر الدراسي الذي يعلمه، حتى لو تطلب الأمر فرض عقاب جماعي على الصف كله كما حدث ذات مرة وأنا في الصف الثاني· التقيته لآخر مرة وأنا طالب في السنة الثانية بكلية الزراعة، وكان يمر بالقرب من نادي الطلبة في الكلية بعد ظهر أحد الأيام وهو يحمل (الكمان) أيضا، وكنت عائدا من مختبر الكيمياء ولم أخلع صدرية المختبر بعد·· فأسرعت حتى أدركته لأسلم عليه·· وسلمت عليه·· هل تتذكرني يا أستاذ ؟ ابتسم وهو يحدق بي وقال : لعلك من تلاميذي ولكن كيف أتذكر الصبي الصغير من هذا الشاب اليافع بملابسه الجامعية ؟ وفجأة اتسعت ابتسامته وقال : ولكن بعض التلاميذ يبقون في ذاكرة معلميهم اصبر قليلا·· إنك·· إنك·· إن·· قاسم، قاسم من ابتدائية المسيب الأولى، فاحتضنته وسألته عن أخباره فأوضح أنه هنا في طريقه إلى متوسطة أبي غريب، وكانت تقع خلف كلية الزراعة أو حيها السكني حيث يعمل فيها معلما للموسيقى ومشرفا على النشاط الفني·

10· وآخرون··

بالمثابرة إياها وبالروح إياها كان بقية معلمي المدرسة يحفرون مجرى مستقبلنا كتلاميذ لهم وكأبناء، فكان هنا مرشد الصف الثاني الأستاذ عبد المنعم السعلو، والأستاذ هادي الحمداني (الأقراط) الذي لم أتتلمذ عليه إلا قليلا، والأستاذ صادق سعودي وشدته في تعليمنا اللغة العربية في الرابع الابتدائي، ولكل منهم فضله وإسهامه في هذا التكوين الذي ينساب الآن بهذه السطور· وإذا كان إخلاص أولئك المعلمين المربين في تعليم تلاميذهم يمثل قيمة ثقافية وحده فإن دورهم الثقافي في العام خارج المدرسة من خلال لقاءاتهم ومجالسهم مع أساتذة آخرين من مدارس أخرى يكاد على ما أتصور أن يكون هو النشاط الثقافي الوحيد في المدينة، إذ لم تكن مدرستنا خاصة والمدارس الأخرى فيما بعد تخلو من نشاط ثقافي واجتماعي يتسع للناس عامة كالمسرحيات والتمثيليات الاجتماعية ومسابقات الخطابة· كما أن اهتمام المدرسة بإعداد النشرات المدرسية يعبر فعلا عن الاهتمام الثقافي للأساتذة المشرفين، إذ تخضع المواد المقدمة للنشرة إلى فحص دقيق وتفرز للنشر خير المواد، ولم يستطع المساهمة فيها من التلاميذ إلا من كان مقتدرا فعلا ويا لفخره حين تنشر مادته إلى جانب مادة لأحد أساتذته !! ثم ينتدب لها مجموعة ممن يحسنون الخط لكتابتها، وكما ساهم المعلمون في التحرير، يساهم أصحاب الخطوط الجميلة بكتابتها ورسم بعض موادها كما كان يفعل أحمد جميل وزكي جاسم·

الصفحات