أنت هنا

قراءة كتاب الإسلام والدولة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإسلام والدولة

الإسلام والدولة

كتاب " الإسلام والدولة " ، تأليف النيل عبد القادر أبو قرون ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر .

الصفحة رقم: 5

جاء في الموطأ، عن عمر بن الخطاب ] إيّاكُمْ أَنْ تَهْلَكُوا عَنْ آيَةِ الرّجْمِ· أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ لاَ نَجِدُ حَدّيْنِ فِي كِتَابِ اللهِ· فَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَجَمْنَا· وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلاَ أَنْ يَقُولَ النّاسُ: زَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، لَكَتَبْتُهَا (الشّيْخُ وَالشّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتّةَ) فَإنّا قَدْ قَرَأْنَاهَا· والعجب أن يُقال عن عمر إنه يخاف من كلام الناس في مقابل إثبات كلام الله!!! والغريب في هذا الحديث المنسوب لعمر ] أن الآية التي ذَكَرَها هي الرجم للشيخ والشيخة دون ذِكر أسباب الرجم، كأنما كل من وصل إلى عُمر الشيخوخة يُرجَم كما تفعل بعض القبائل البدائية التي لا دين لها! وإذا كان الرجم فريضة أنزلها الله تعالى كما قالوا، فكيف يطبق الرجم على الأََمَة المحصنة الزانية؟ فإن عليها {نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}(36) كما قال الله سبحانه!!·

وفي سنن ابن ماجة عن عائشة ] قالت: لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلمّا مات رسول اللّه [ وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها، وجاء في صحيح مسلم عن عائشة ]: كان فيما أنزل من القرآن (عشر رضعات معلومات يحرّمن) ثم نسخن بـ(خمس معلومات) فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن، فهل أكل الداجن آية عشر رضعات وترك هذه الخمس؟ وأين هذه الخمس آيات الآن؟ ومَن أسقَطَها بعد رسول الله صلى الله وبارك عليه وآله حتى لا تُقرأ مِن كِتاب الله؟ وهل يا ترى كان ذلك الداجن تمساحاً أو كلباً - لأن الكتابة كانت على الكتوف والجلود؟ ولكن لا يمكن أن يكون كلباً لأن الرسول صلى الله وبارك عليه وآله كان يَمنَع تربِيَةَ الكِلاب؛ وأما التمساح فيستحيلُ عَيشُه في الصحراء أو في بلد يعز فيه الماء·

هذا بعض ما وجدنا عليه آباءنا في أصحِّ ما عندهم من الكتب بعد كتاب الله!! فهل نظلُّ على آثارهم مقتَدين؟ ولا أتصوّر كيف يغفَل مُسلِم من أن تكون مرجعيَّته الله ورسوله، ويرهَن عقله لغيره من الرجال الذين ليس لديهم عصمة ولن يكونــوا لــه شُفعــاء - لأنّهــم أنفسهم مُحتاجون للشفاعة - ولا يُســأل عنهــم ولا عــن فِكرهم ولا عن فعلهم ولم يأمُره اللـه بالأخــذ عنهــم، قــال تعالــى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا··}(37)!! كيف يأبى مسلمٌ أن تكون مرجعيّته كتاب الله وعصمة النبي صلى الله وبارك عليه وآله؛ الذي أمر الله سبحانه بتعظيمه وتوقيره والأخذ عنه، ويحشر نفسه في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً}(38)؟

وكيف يقبلون تصديق حصول النقص في القرآن بآيات معينة؟ فهل الأولى تصديق حفظ الله للقرآن من كل تحريف ونقص، أم اعتبار ما ينسبونه لرسول الله صلى الله وبارك عليه وآله من الحديث صحيحاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه حتى وإن خالف القرآن؟ وعلى الرغم من أنه لا مجال للمقارنة بين القرآن وما ينسبونه هُم إلى رسول الله صلى الله وبارك عليه وآله·

لقد حملَت المصادر التي وجدنا عليها آباءنا مِن السلوك والأفعال والأقوال ما لا يمكن نِسبته لرسول الله صلى الله وبارك عليه وآله كقولهم: كان يطوف على نسائه بغسل واحد(39) بينما الله سبحانه يشهد له {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ}(40)؛ وكنسبتهم له حديث لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات(41) وهو القائل: لا يكذب المؤمن إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون(42) فنسبوا إليه صلى الله وبارك عليه وآله اتهام خليل الرحمن ورسوله إبراهيم عليه السلام بالكذب، ليجعلوا حديثه مخالفاً لقول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً}(43) - كبرت كلمة تخرج من أفواههم! وكقولهم: أنه كان معه شيطان قرين ثم يستحون قليلاً فيقولون: ولكن الله أعانه عليه فأسلم(44)؛ ليكون النبي عندهم مُتَّهَماً بالتَغافُل عَن ذِكر الرحمن، قال تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}(45)؛ بينما الله سبحانه ينفي الشيطان عن عباده المؤمنين عموماً في قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}(46) فهل النبي أقل درجة منهم؟ ويقول تعالى على لسان الشيطان: {إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}(47) فهل لم يكن النبي صلى الله وبارك عليه وآله منهم؟ وقالوا إنه تزوج بعائشة وهي طفلة في السادسة من عمرها(48)، على الرغم من أنهم يقولون إنها كانت مخطوبة قبله! فإن كان هذا اعتقادهم فلماذا الاحتجاج على مَن رَسَمَ صورةً لِرَجُلٍ يحمل طفلة يُريدُ الزواج منها ويقول هذا رسول المُسلمين؟ ألَم يوضح بتلك الصورة ما جاء في صحيح البخاري؟ ونسبوا إليه أنه َأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ فَقَالَ: هُنَا الْفِتْنَةُ (ثَلاثًا) مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَان(49)· وقالوا إنه استاء من مجيء أعمى إليه يسأله عن أمر دينه فعبس في وجهه وتولى عنه!! وذلك على الرغم من أن الأعمى لا يُبصر العبوس، كما أن العبوس والتولي (أو الإدبار) وصَفَ الله بهما كافراً في قوله تعالى: {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ  ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ}(50)· وقد هَضَمَت ذلك نفوسٌ مريضة وأصبح دفاعها عن هذه المنسوبات يصل حد الاحتراب! وإذا وُصِفَ بها حبيب غير النبي صلى الله وبارك عليه وآله اشمأزّت قلوبهم، ويُعلِّلون ذلك بأن ما نُسِب للنبي صلى الله وبارك عليه وآله قُصِدَ به التشريع!!! أما مِن أين جاءوا بحُجّة قُصِدَ به التشريع، فلا توجد مرجعيّة لذلك لِلعَجز عن معرفة من الذي قَصَد - هل هو الله سبحانه أم هو محمد صلى الله وبارك عليه وآله - وهل اطّلعوا على ما في قلبه وعلموا قصده؟؟ فالادّعاء بأن ذلك قُصد به التشريع ما هو إلا لتبرير زيف القول والطلاء على العقول لقبول ما يجب رفضه في حق الذات الشريفة المحمدية· ومن الغرائب أن هناك من يرى في الباحث في إبراز الأحاديث التي تصطدم بما يدَّعونه في تعظيم النبي صلى الله وبارك عليه وآله وحبهم له وبما جاء في كتاب الله تعالى كأنّه يحيي الفتنة ويقولون - دون حياء - إن هناك من الدين ما يجب ألا يطلع عليه عامة الناس!!! وهذا رأي كثير ممن يُظَن أنهم من العلماء· فالإسلام عندهم رسالة خاصة لمن يسمونهم بالعلماء وأخرى للرجرجة والدهماء!!! فالتناقض يجب أن يُحجب عن غير العلماء، ومن يُظهره فقد قالوا عنه: الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها(51)!! فهل صاحب الفتنة هو من قَسَّم الإسلام إلى رسالتين؛ أم صاحب الفتنة مَن يَرفُض ذلك ويَرفُض كُلَّ ما جاء مُخالِفاً للقرآن وعِصمَةِ النبي صلى الله وبارك عليه وآله، ويجعل ذلك هو المنهج والمرجعية؟ {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى}(52)·

الصفحات