أنت هنا

قراءة كتاب كوخ في عطارد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كوخ في عطارد

كوخ في عطارد

كتاب " كوخ في عطارد " ، تأليف لبنى السحار ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 2

مُقدمة

تتسبب الحياة لنا أحيانا بثقوب وشقوق بشعة وعميقة، حتى نظن أنه لايمكن ترميمها بأي حال من الأحوال، فنستسلم ونتركها كما هي مؤكدين لأنفسنا بأنه من المستحيل أن نُولدَ من جديد في هكذا ظروف، ولكننا مع الوقت وقليل من الصبر نجد أن الحياة نفسها- وبالتعاون مع قلوبنا وعقولنا- هي من تقوم بعمليات الإصلاح والتغيير والتجديد، حتى أن بعض تلك الثقوب يختفي كأنه لم يكن والبعض الآخر يترك أثرًا طفيفًا -فقط- كي يذكرنا دائمًا بأننا بشر نخطئ ونتراجع ونعود لنخطئ.

إن ما صيغ هنا هو عبارة عن كلمات شبه متقاطعة خرجتْ من مكان ما في ظرف ما نتيجة حدث ما أو انفعال ما في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، أو ربما صدفة بحتة كرد فعل عن اللا شيء المحيط بـي، كل ما قمتُ به هو أني أذنتُ لها بالانطلاق والتحرر من كل الأغلال والعادات والقيود الموروثة، لم أحاول أبدًا أن أُجمّلها أو أن أهيِّئ لها الأجواء المناسبة، تركتها تسرح وتمرح بينكم على أمل أن تستقبلوها بحفاوة.

فهمكم لدلالتها يعني أنها تشبهكم وأنكم تشبهون الإنسان بداخلكم، وازدراؤكم لها يعني بشكل أو بآخر تنكركم لإنسانيتكم.

هي عبارات ملونة اجتمعت مع بعضها بطريقة عشوائية وكانت نتيجة ذلك الاجتماع خروج قرارات لطالما كانت ولاداتها متعسرة.

لقد زوجتُ الداخل للخارج وعرفتُ القاصي بالداني، لم يعد القديم قديمًا ولا مانظنه جديدًا ظلّ جديدًا، حدثتُ الماضي وغيرتُ من الصيحات، سجلت اعترافاتكم واعترافاتي وفرغتُ طاقات لطالما كانت مكبوتة، نبشت في القبور وعثرت على الكثير من الحقائق المدفونة، الثوابت نقضتها باحتمالات وبعض المصادفات تحولت إلى نظريات، أطلقتُ الأشرعة الساكنة وابتلعتُ جميع أنواع المهدئات، سمحتُ للجميع بأن يتخطي حدوده ولم أفرض عليهم أيّ عقوبات أو غرامات، فكانت النتيجة أن خرجتْ عباراتي مثقوبة ومبعثرة، تستقيم أحيانا وتسقط أحيانا أخرى ومع كلّ ارتطام كانت تتدحرج طويلًا ومن ثمّ تقف شامخة لترقص باحتراف على الحبال المطاطية.

لستُ بشاعرة، قررتْ أن تقضي الباقي من عمرها بين قوافلَ وقوافٍ ونصوص ولكنني شاعرة من (يشعر شعر شعور).

ولستُ قاصّة أو روائية تفصل الحكايا وتخلق الأحداث المتواترة بسلاسة منقطعة النظير، ربما أكون صائدة ماهرة للمشاعر والمواقف الإنسانية، أحاول أن أغزل ما أجمعه في سلتي على هيئة أقصوصات وعبارات فوضوية، لذلك أرجوكم لا تبحثوا بين سطوري على سجع مباشر أو غير مباشر، ولا تنتظروا أن تطربوا لوزن أو قافية ولا تسلطوا عدساتكم المكبرة على النصوص لتجدوا عقدة أو حبكة روائية.

قررتُ أن أمارسَ الأفعال وأرسم الأفكار بطريقة مبتكرة تسمح بوجود ممرات بين العبارات كي تتنفس الكلمات الهواءَ وتستنشقوها وأنتم في أبهى حلة.

فلتتشربها حواسكم كما هي ولتوافوني بالنتائج لاحقًا.

ثمّة حرائق محمودة أوّلها وأهمّها احتراق روح عاشت عمرًا كاملًا وسط الجليد وبناءًا عليه قررتُ أن احترق وأحرقكم.

لا تتوقفوا في منتصف الرحلة لأن العبرة دائمًا بالخواتيم.

(في العمق أسرار وطلاسم لا يستخرجها إلا محنك لا يهاب الموت).

الانكماشُ والتمدد أزهق أرواحًا كثيرة كان الناس يظنون أنها خضراء لا تيبس،

فكيف هو حال الروح التي لم تجرب إلا التقلصات؟!

أصبحتْ بالكاد تُرى ولازالتْ تقاوم التغيرات المناخية، رائحة الاحتراق تفوح من نوافذ قلبها ولازالت تنبض، تزورها وجوه عابرة تواسيها لمجرد كسب الأجر ولكنها تركلهم دون تردد.

لقد أخبرتني ذات ليلة أنها لاتريدُ شيئًا منا وأنها اكتفتْ بشرف النضال من أجل البقاء.

وربما الخلود.

(سامحوني لأنني لم أستطع البقاء في صفوف الملائكة طويلًا، تركتهم وجئت لأمارس طقوس إنسانيتي هنا معكم).

تحية من أعماق القلب لكل من فشل في التمثيل، وقبلة لأولئك الذين يرفضون زيارة أسواق بيع الأقنعة.

جدة- صفر 1434هـ- يناير 2013 م

[email protected]

الصفحات