أنت هنا

قراءة كتاب البراعة في تأسيس المشاريع الريادية و إدارتها

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البراعة في تأسيس المشاريع الريلدية و إدارتها

البراعة في تأسيس المشاريع الريادية و إدارتها

كتاب " البراعة في تأسيس المشاريع الريادية و إدارتها " ، تأليف نورم برودسكي و بو بيرلينغهام ، والذي صدر عن

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

الأهمُّ ثُمَّ المهمّ

بعد عدَّة أيَّام، جاءَ بوبي وهيلين إلى منزلنا وأحضرا معهما جميعَ المعلومات التي كنتُ سأطلبُها منهما حول مبيعاتهما وكُلفتِها، والتكاليف التي كانا يتحمَّلانها على مدى سنةٍ سابقة تقريبًا. وبعبارةٍ أخرى، وَفَّرا جميع المعلومات حول المبالغ التي قَبَضَتها هيلين والديونِ التي كانت لها على الآخرين، والمبالغِ التي دَفعَتْها والدُّيونِ المترتِّبة عليها. أخبرتُهما بأنَّنا سنُراجعُ الأرقامَ بعد تناوُلِ طعام العشاء. لقد أردْتُ أن نبدأ في مناقشة أهدافهما وهو ما أُركِّزُ عليه دائمًا.

إنَّ الهدفَ الأوَّل لكلِّ مشروعٍ جديد هو الاستمرارُ لمدَّةٍ تكفي لمعرفة ما إذا كانت تَتوافَرُ له مقوَّماتُ النموِّ والحياة أم لا. لا أنظرُ إلى مجال العمل الذي تتحدَّث بشأنه، ولا إلى حَجم رأس المال المتوافر لديك. مع الأخذ في الحسبان أنَّه ليس أمرًا ممكنًا معرفةُ ما إذا كان مشروعُك سيَنجح أم لا، إلَّا إذا نفَّذتَه على أرض الواقع. إنَّ نجاحَ المشروع ما هو سوى خطوةٍ في الطريق إلى هدفٍ آخر، وأنا أودُّ معرفةَ أين يكمُنُ هذا الهدف الآخر. أحبُّ سماعَ ما يرغبُ الناسُ في قَوله. إنَّ ما كان يُقالُ على مسمَعي هو أهدافٌ إمَّا لا يُمكن تحقيقُها من خلال مثل هذه الأعمال التجاريَّة، وإمَّا أهدافٌ ستُعرقِل العمل، أو أهدافٌ غير واقعيَّة بالنظر إلى طبيعة العمل الذي تتطلَّع إليه. إنِّي أسمع أحاديثَ عن أشياءَ تُحفِّز الناس، وهي غالبًا أشياءُ عاطفيَّةٌ وجدانيَّة.

قال بوبي وهيلين إنَّهما يهدفان إلى كَسْب قُوتِ عيْشهما من أعمالهما. هذا جميل، غير أنَّ بوبي كان يُريد أكثر من ذلك. لقد كان ما يهدفُ إليه في تلك اللحظة هو الثأرَ من صاحب عمله السابق. هذا أمرٌ عاديّ، غير أنَّه لم يَكُن ليوصِلَه إلى أيَّة نتيجةٍ غير حَرْق الجسور مع تلك الشركة. لم يكُنْ للثَّأر أيُّ نوع من العلاقة بالهدف البعيد المدى لبوبي وهيلين، والذي كان يتمثَّلُ في الاستقلال المالي وعدم العودة إلى الحالة التي كانا عليها مرَّة أخرى. لهذا فإنَّنا، بعد أنْ حَدَّدْنا الهدفَ، أَفلحْنا في إزالة تلك العواطف من طريقنا.

وإذا ما حدَّدتَ هدفك، فإنَّك تعودُ إلى موضوع قابليَّة المشروع للحياة والنموّ. قلتُ لبوبي وهيلين: ’’اُنظرا. إنِّي لا أعرف ما إذا كان عملُكما عملًا حقيقيًّا من الناحية التجاريَّة أم لا، كما أنِّي لا أَعرفُ ما إذا كان بإمكانكما أن تُديرا عملَكما كعملٍ حقيقيٍّ أيضًا. ولكنَّ علَينا أنْ نرى أوَّلًا ما إذا كان هذا العملُ جديرًا بالمحاولة. علينا أن نكونَ واثقين، على الورق أوَّلًا، بأنَّه تتوافَر لديكما الرغبة في دخول التجرِبة ومحاولة إنجاح المشروع‘‘.

بدأ بوبي مباشرةً في الحديث عن خُطَّته التسويقيَّة وتَصوُّراته للاحتمالات المستقبليَّة. قاطَعْتُه وسألتُ هيلين عمَّا لديها من أفكار. فَتَحَتْ أوراقَها وبَدأتْ تَشرح. فقلتُ لها: ’’لا حاجة للشَّرح فأنا أستطيع القراءة‘‘. قرأتُ الأوراقَ بِإمعانٍ وأجريتُ بعضَ العمليَّات الحسابيَّة، ثُمَّ قلتُ لهيلين: ’’اسمعي، سأثبتُ لكِ أَنَّ مُساعِدتَكِ پاولا قد أَنتَجَتْ من الدَّخْل المادِّيِّ في العام الماضي أكثر ممَّا أَنتَجْتِ أَنتِ‘‘، وأَشَرتُ إلى بعض الأرقام قائلًا: ’’هذه هي مبيعاتُكِ في العام الماضي، وهذه جميع التكاليف التي تَحَمَّلتِها باستثناء تكاليف پاولا. عندما نطرحُ هذا من ذاك يبقى دَخلُكما الصافي. أيُمكنُ أن تقرأَ لنا هذا يا بوبي؟‘‘.

قرأ بوبي: ’’عشرة آلاف دولار‘‘.

قلتُ: ’’نعَم هذا صحيح. حسنًا، انظُر إلى هذا. إنَّه المبلغُ الإجماليُّ الذي دَفعتماه إلى پاولا. كم يبلغ هذا الرقم؟‘‘.

قرأ بوبي: ’’خمسة عشر ألف دولار‘‘.

قلتُ: ’’هل تُدركان ما يعنيه هذا؟‘‘.

ردَّ بوبي: ’’أرى أنَّه يعني أنَّ المشروعَ قد خَسرَ ولَم يربحْ‘‘. قلتُ: ’’ممتاز‘‘، ثُمَّ استدرْتُ إلى هيلين: ’’لقد خَسرْتِ أموالًا، والآن هناك بعضُ القرارات التي يتحتَّم عليكِ اتِّخاذُها. مع أنَّه يبدو على الورق أنَّ العملَ قابلٌ للنموِّ والاستمرار، فإنَّه يجب أنْ تُخَفِّضا من التكاليف، كما أنَّكما ستُضْطرَّان إلى ضَخِّ المزيد من المال في المشروع. لا أدري كَم ستَحتاجان، غير أنَّ ذلك سيَكونُ جزءًا كبيرًا من مدَّخراتِكما. هل أنتما مُستعدَّان لذلك؟‘‘ كنتُ أُدرِكُ أنَّ ما سيَحتاجان إليه لا بدَّ أنْ يأتيَ من حساب التوفير الذي تحتفظُ به هيلين. قالت إنَّها ستُفكِّر في ذلك.

في اليوم التالي سرَّحا پاولا مُعلِّلَين ذلك بتَفرُّغ بوبي للعمل، وأنَّ المشروعَ لا يتحمَّلُهما معًا. أَخبرَتْني هيلين بأنَّهما بكَيَا وذَرَفا الدموع. قالت لي: ’’لقد بكيْتُ بحرارة. إنَّنا نفعلُ الآن ما فَعلَ الآخرون ببوبي‘‘. غير أنَّ ذلك كان خطوةً لا بدَّ منها حقًّا إنْ أرادا لمشروعهما أن يَمضيَ قُدُمًا. وكما قالت هيلين: ’’كان ذلك حقيقةً مُرَّةً صَفَعَتْنا على وجوهنا‘‘. كانا هناك في قبوِ منزلهِما وحيدَين. إنَّ تسريحَ پاولا كان يعني أنَّهما تَحمَّلا المسؤوليَّة وحدَهما وعلى المدى الطويل.

الصفحات