أنت هنا

قراءة كتاب البراعة في تأسيس المشاريع الريادية و إدارتها

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البراعة في تأسيس المشاريع الريلدية و إدارتها

البراعة في تأسيس المشاريع الريادية و إدارتها

كتاب " البراعة في تأسيس المشاريع الريادية و إدارتها " ، تأليف نورم برودسكي و بو بيرلينغهام ، والذي صدر عن

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

ركِّـز، وركِّـز، ثُمَّ ركِّـز

إلى جانب القابليَّة للنهوض بعد السقوط، والقُدرة على التعلُّم من الأخطاء، فإنَّ أكثرَ ما يحتاجُ إليه صاحبُ المشروع الجديد هو والتركيزُ الالتزام نحو نظام صارم. إنَّ الأشخاص الذين لم يسبقْ لهم أنْ أسَّسوا أعمالًا تجاريَّةً لا يُدركون ذلك. إنَّهم يعتقدون أنَّ سِرَّ النجاح يَكمُن في اكتشاف الفرص الكبيرة. أتذكَّرُ أحدَ أصدقائي القدامى الذي زارني يومًا ما في شركةِ تخزين السجلَّات. لَمْ يكُن قد زارني في الشركة منذ سنوات. عندما جالَ ببصرهِ حوْلَ آلاف الصناديق المحفوظة في المستودع، لَمْ يُصدِّق ما رأى.

هتفَ قائلًا: ’’هذا لا يصدَّق! رأيتَ فرصةً وبين عشيَّةٍ وضُحاها حوَّلتَها إلى عملٍ ناجحٍ. إنَّه مدهش‘‘.

قلتُ لنفسي: ’’إنَّه لا يعرف‘‘. الحقيقة هي أنِّي عند تلك اللحظة كنتُ قد قضيتُ أكثر من عَقْدٍ كاملٍ وأنا أبني ذلك العمل التجاريّ. إلَّا أنَّ كثيرًا من الناس يتَجاهَلون ذلك. إنَّهم يعتقدون أنَّ المستثمرين الناجحين لديهم لمسةٌ سحريَّة، وأَنَّ كلَّ ما يحتاجون إليه هو الفرصةُ المناسبة ووعاء طبخٍ يعمل بضغط البخار، وحينها ستَتحوَّلُ الفرصةُ إلى مشروعٍ ناجحٍ!

تلكَ واحدةٌ من أكبر الأساطير في إدارة الأعمال التجاريَّة، وهي تُودي بكثير من أصحابِ المشاريع التجاريَّة المبتدئين إلى المشاكل. إنَّهم يهدرون الوقتَ والمالَ وهُم يبحثون عن الفرص التجاريَّة على أمَل أنْ يعثروا على فرصةٍ تضمنُ لهم النجاح. إنَّ العالمَ ملآنٌ بالفرص التجاريَّة العظيمة، إلَّا أنَّ أيًّا منها لا يضمنُ النجاح. إنَّ اكتشافَ الفرصِ هو الجزءُ السهلُ من العمل، والجزء الصعب والأساسيّ، هو تطويرُ نظامِ العمل، وتطوير القدرة على الاحتمال للاستمرار في التركيز على فرصةٍ واحدةٍ إلى أنْ تحوِّلَها إلى مشروعٍ مستقرٍّ يستطيعُ الوقوفَ على رجلَين ثابتَين.

هناك مرحلتان لعمليَّة تأسيس المشاريع التجاريَّة يكونُ فيهما التركيزُ أمرًا أساسيًّا. إنَّ الأعدادَ المُبالَغ فيها من الفرص قد تؤدِّي إلى تَشتيت الانتباه، وربَّما إلى حدٍّ قاتل. تبدأ المرحلة الأولى في اللحظة التي تبدأ أنت فيها الاستعدادَ لاتِّخاذ قرارٍ حاسم. إنَّ كثيرًا من الناس يكتشفون أنَّهم غير قادرين على فعل ذلك. إنَّهم يكونون محكومين بالفرص التي يَرَونها أمامهم. أعرفُ عن أناسٍ كثيرين لديهم عَشرُ أفكارٍ تجاريَّة مختلفة وهُم يدرسونهَا معًا في الوقت نفسه. وهم يكتبون لي يريدون منِّي أنْ أخبرَهُم أيُّ واحدةٍ من تلك الأفكار هي الأفضل بالنسبة إلى مستقبل أعمالهم. ودائمًا أجيبُهم:’’إنَّكم تُوجِّهون إليَّ السؤالَ الخطأ، يجب أن تسألوا: ما نوع العمل الذي أريد أن أنْغمسَ فيه؟ ما الأعمال التي أحبُّها أكثَر من غيرها؟ أيُّ الأعمال الأكثرُ ملاءمةً لِما أريد أن أمضيَ بقيَّةَ حياتي وأنا أعملُ فيها؟‘‘.

إنْ كنتَ جادًّا في أن يكون لكَ عملٌ خاصٌّ بك، فإنَّ عليك أن تختارَ فرصةً واحدةً من بين جميع تلك الفرص المتاحة- فرصةً واحدةً تروقُك أكثر من جميع الفرص الأخرى. ثُمَّ عليك أنْ تَدرُسَها بكلِّ عناية. إن كنتَ تستطيعُ تَدبُّرَ أمورك بحيث تُمضي وقتًا وأنت تعملُ في هذا المجال، فإنَّ ذلك سيكونُ من دواعي النجاح. لكنْ، ورُغم كلِّ شيء، يجب أن تبحثَ وتعرفَ أقصى ما تستطيع عن جميع اللاعبين الآخرين في الميدان وحَول الأسرار الحقيقيَّة لمجالات العمل هذه. ويشمُل ذلك الحصولَ على معلوماتٍ من الاتِّحادات المهنيَّة، والتحدُّث إلى أُناسٍ في مجالاتٍ ذات صلةٍ، ولقاء زبائن وغير ذلك.

يجبُ أن تأخذَ في اعتبارك أنَّك تُعِدُّ لمشروعٍ طويلِ الأمد. إنِّي أخبرُ الناس في العادة بأنَّهم يجب أن يخطِّطوا لإعطاء مشروعهم اهتمامًا كاملًا لمدَّة خمس سنواتٍ على الأقلّ. لا أقصدُ أنَّه سيَكون بإمكانكَ أن تهملَ العمل بعد ذلك، ولكن في ممارسة الأعمال التجاريَّة يجب أن تُكَرِّسَ نفسَكَ كلِّيًّا للنَّهْجِ الذي تختارُه إلى أن تصيرَ شركتُك راسخةً وثابتةً، وهو ما يأخذُ في العادة وقتًا طويلًا.

لذلك، فإنَّه من الأهمِّيَّة بمكان ألَّا تُقرِّرَ فقط ما إذا كنتَ ستَستَمتعُ بعملكَ أم لا، وإنَّما ما إذا كان ذاك العمل مُجْدِيًا لكَ أيضًا. هل تتوافَرُ لديكَ المصادرُ والمهارات التي تحتاج إليها لتنجحَ في ذلك العمل بالذَّات؟ أأَنتَ واثقٌ بأنَّ المشروعَ الذي ستقومُ به سيوصلُك إلى الهدف الذي تسعى إليه؟ ستجدُ أنَّ من الصعب الإجابةَ عن هذه الأسئلة ما لم تكُنْ مركِّزًا على فرصةٍ واحدةٍ محدَّدة ومستبعِدًا الفرصَ الأخرى من اهتمامك.

على أنَّ التحدِّيَ الأكبر سيَظهرُ أمامك في المرحلة اللَّاحقة بعد أن تكونَ قد اتَّخذتَ قرارَك وبدأتَ مشروعك الجديد. عندها ستكتشفُ سريعًا أنَّ هناك مزيدًا من الفرص حولك وأمامك، أكثر ممَّا كان يخطرُ في بالك. وستجدُ كثيرًا من هذه الفرص مُشجِّعةً ومُغرية. وإن لم تكنْ حريصًا بما فيه الكفاية، فإنَّك ستفقدُ تركيزَك على الفرصة الأساسيَّة، وستفقدُ بذلك طَلْقَة النجاح المتاحة لك.

يجب أنْ ينحصرَ تفكيرُك في أثناء مرحلة التأسيس في فرصةٍ واحدةٍ فقط. وهنا أتحدَّثُ بشأن فرصةِ إقامةِ قاعدةِ زبائنَ تساعدُ في جَعْل العمل مُجدِيًا، أي قابلًا للوُقوف على قدمَيه اعتمادًا على التدفُّقات النقديَّة التي يُوَلِّدُها بنفسه. عليك أوَّلًا أن تحدِّدَ نوعيَّة الزبائن التي ستُوفِّرُ لك مثل هذه القاعدة وكيف تستطيع أن تستقطبهم. وبعد ذلك، عليك أن تركِّزَ بلا كَلَلٍ ولا مللٍ على بناء هذه القاعدة.

وهذا ليس بالأمر الهيِّن، ويحتاجُ إلى قَدرٍ كبير من التقيُّد بالقوانين، وهو ما لا يتمتَّعُ به معظمُ الناس غريزيًّا. أعِدْ الاطِّلاع على تجرِبة بوبي ستون التي استعرضتُها في الفصل الأوَّل، وهو يُمثِّلُ عيِّنةً نموذجيَّةً للناس. إنَّ معظمَ المستجِدِّين في تأسيس المشاريع التجاريَّة يواجهون صعوباتٍ في قدرتهم على التركيز. إنَّهم لا يُدركون أنَّ عنصرَي الوقت والمال غالبًا ما يكونان عنصران محدودان في مرحلة التأسيس. ولا يحتمل المشروع، أيُّ مشروع، التَّفريط بأيٍّ منهما. أرجو الانتباه: لا أقصدُ أن أقولَ إنَّك يجبُ أنْ تَتَجاهَل الحقائق. ورغم أنَّه لا بُدَّ من المحافظة على التركيز على أهدافك، فإنَّك يجبُ أن تتمتَّع بالمرونة كما يجبُ أن تحافظَ على هامشٍ لحرِّيَّة الحركة. فرُغم كلِّ شيء، قد لا يكونُ أسلوبُك أسلوبًا ناجحًا.

إنَّ الأسلوبَ الذي اتَّبعتُه بادئَ ذي بدء في شركة تخزين السجلَّات لم يؤدِّ بي إلى النجاح. فعندما شرَعنا في العمل، لم نتمكَّن من تجميع كثيرٍ من المعلومات من العاملين في المجال نفسه. وكانَتِ النتيجةُ أنَّ كثيرًا من المعلومات الأساسيَّة اللَّازمة للتَّأسيس كانت تَنقصُنا. فقد كُنَّا بحاجةٍ، مثلًا، إلى معرفة الكيفيَّة التي نسعى بها وراء الزبائن، واحتجنا أن نعرف مستوى الأجور التي يجب أن نتقاضاها. وفي شركة توزيع البريد، كان العملُ ناجحًا جدًّا لأنَّنا تمكَنَّا من تقديم أسعارٍ منافسة وخدمةٍ راقية، واستعملنا أحدثَ ما توصلَّتْ إليه التكنولوجيا، ولذلك قررتُ اتِّباع الأسلوب نفسه في هذا العمل.

كانت الفئةُ المستهدَفة من الزبائن بالنسبة إلينا هي شركاتِ الخدمات القانونيَّة وشركاتِ المحاسبة. نَصَبْنا أكشاكَ عَرْضٍ في المعارض التجاريَّة التي كان يَحضُرُها مديرو مكاتبهم. وكان هذا أولى خطوات النجاح التي حقَّقناها. فقد وعدناهم بخدماتٍ لم يحلُموا بها من قَبْل، وبالأسعار ذاتها التي كان يتقاضاها منهم مُنافِسونا في الميدان. كانت تلك الأسعار في الواقع أقلَّ بكثيرٍ من الأسعار التي كنَّا نطمحُ إليها، غير أنَّها كانت مرتفعةً لتُحقِّقَ لنا ربحًا معقولًا. تخيَّلوا ماذا حصل. لم نحصل على أيَّة لقمة، ولا حتَّى على زبونٍ واحد. كان علينا أَنْ نُغيِّرَ أسلوبَنا في البيع والتَّسعير قبل أن نتوصَّل إلى مُعادَلةٍ معقولة.

القضيَّة هي أنَّك لا بدَّ أن تُحافظَ على التركيز على هدفك ولكنْ لا بدَّ أيضًا من أن تتحلَّى بالمرونة. لن يكونَ في مصلحتِك أن تسمحَ لتَعدُّدِ الفرص أن يشتِّتَ انتباهك، ولكنَّك لا تستطيعُ أيضًا أن تبقى منغلقًا وتتجاهلَ علامات الاضطراب. ولا بدَّ أن تظهرَ مثل هذه العلامات. إنَّ من النادر جدًّا أنْ تسيرَ الأمور في أيِّ مشروعٍ تجاريٍّ على النحو الذي كنتَ تتصوَّره عندما بدأتَ مشروعَك. عليك أَنْ تَحسبَ الأمور جيِّدًا لتعرفَ كيف يمكن أنْ يسيرَ المشروع إلى الأمام. عليك أنْ تراقبَ، وتستمعَ للآخرين، وتستفسرَ وتجرِّبَ وتُغيِّرَ وتشذِّبَ أفكارك وتُطوِّرَ قاعدةَ زبائنك باستمرار. هذا هو محور عمليَّة بناء الأعمال التجاريَّة. وبإمكان معظم الناس النجاح في هذا شريطةَ عدم فقدانِ التركيز وهُم سائرون على الدرب. وسيَكون هناك مردودٌ عالٍ في النهاية، وسيصير مشروعك من ثَمَّ قويًّا حتَّى إنَّه لن يعودَ بحاجةٍ إليك. وعند ذلك سيكونُ في وسعك أنْ تسعى وراء فرصٍ تجاريَّةٍ أخرى قد ترغب فيها أكثر.

أنت تسأل ونورم يجيب

عزيزي نورم،

عندما كنتُ في المرحلة الثانويَّة، كنتُ أنا وأبي نصنعُ قِطَعَ أثاثٍ ونبيعُها في المعارض الحِرْفيَّة. كان من الممكن أنْ ينموَ عملُنا ويكبر بسهولة، إلَّا أنَّ والدي لم تكُن لديه رغبةٌ في ذلك. والآن نتدارسُ أنا وأخي غير الشقيق مَوضوعَ تأسيس عمل تجاريٍّ لتَصنيع الأثاث نستطيع في المستقبل أَنْ نُطوِّرَه ونصلَ به إلى أن يكونَ شركةً كبرى. غير أنَّ مشكلتَنا هي أنَّه يساورنا الشكُّ حول مدى قدرتنا على تنفيذ ذلك. كيف لشَخصين من بيئةٍ متواضعة أن يتغلَّبا على صعوبة تَصَوُّر نفسَيهما في وَضْعٍ مختلفٍ كلِّيًّا عمَّا عرفاه طوالَ حياتهما؟

جايس (Jace)

عزيزي جايس،

يبدو أنَّك تتصوَّر في مخيِّلتك الشركةَ التي تسعى إلى تأسيسها. أعتقدُ أنَّك في الواقع إنَّما تواجه مشكلتَين أُخرَيين. إنَّك، أوَّلًا، لا تُقَدِّرُ نفْسَك حقَّ قَدْرِها، فأَنْتَ تعرفُ في التجارة والأعمال أكثرَ ممَّا تتصوَّر. كما أنَّك، ثانيًا، تنظرُ إلى أبعدَ ممَّا يجب في هذه المرحلة. قَبْل أن يصيرَ لديك مصنع، يجب أَنْ يكونَ لديك عملٌ تجاريّ. وكلُّ عملٍ تجاريٍّ يبدأُ صغيرًا. نصيحتي هي أن تضعَ أنتَ وأخوك خُطَّةً تُحدِّدان فيها الوضعَ الذي توَدَّان أن تَصِلا إليه خلال خمس سنوات. ثُمَّ حَدِّدَا هدفًا جيِّدًا لتَحقيقه على المدى القصير. ربَّما تتَّبعان خطوات والدك وتبيعان إنْتاجَكُما في المعارض الحِرْفيَّة. ومن خلال عمليَّات البيع ستُكَوِّنُ كثيرًا من العلاقات. أخبِرِ الناس الذين تتعامل معهم بأنَّك تَنوي تَوسيعَ عملك وتحويله إلى شركةٍ صناعيَّة. قد يُظهِرُ بعضُهم اهتمامًا بمساعدتك. ابحثْ أيضًا عن أشخاصٍ كانوا قد أسَّسوا مشاريعَ تجاريَّة من قبل فقد يكونون مثل مُعَلِّمِينَ لك. إنَّ نشأتَكَ كطفلٍ في بيئةٍ فقيرةٍ لا تُشَكِّلُ عائقًا في الأعمال التجاريَّة.

نورم

الصفحات