أنت هنا

قراءة كتاب ماذا جرى للوحش الأبيض؟

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ماذا جرى للوحش الأبيض؟

ماذا جرى للوحش الأبيض؟

الرواية مستوحاة من قصة حقيقية تتحدث عن بحار فرنسي شاب فقد على أحد شواطئ استراليا في منتصف القرن التاسع عشر، وتبنته قبيلة محلية قبل أن تجده سفينة إنجليزية بعد 17 عاما، وخلال هذه الفترة كان قد فقد لغته الفرنسية ولم يعد يتذكر اسمه الحقيقي.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
نهض بسرعة فأخذه الدوار , ارتكز على الجذع ليتماسك فلا يجثو من جديدٍ على ركبتيه والجوع ما زال يقوَّض جسده , توجه نحو الجرف الصخري مواجهاً البحر الذي عتم لونه الأزرق الغامض ووضع يديه على فيهِ كمكبر صوت وصرخ بملأ فمه : " أنا نارسيس بيللوتي , بحارٌ من سفينة الصيد " سان بول ". لم تلق كلماته الضائعة صدىً في هذا الأفق اللا محدود بيد أن هذا الإعلان قد أضفى عليه حفنةً من كرامةٍ مهدورةٍ .
 
أوحت إليه تلك الأكوام المبعثرة على الرمل بفكرةٍ فنزل من جديد إلى الشاطئ وباشر بوضع قطع الصخور والحجارة على شكلِ سهمٍ يشير إلى الصخرة الشاطئية والعقيق حيثُ ينام فإذا ما قدم أصدقاؤه لنجدته حين غيابه سيدركون أنه على قيد الحياة وسيتجهون إلى حيث يعثرون عليه . شرع بالعمل , حمل الحجارة الأكبر التي يتمكن من حملها ورماها الواحدة بجانب الأخرى مغلقاً بذلك الثقوب الموجودة في الصخور لا بل أبعد كل الحجارة الأخرى ليتضح عمله على الرمل النظيف .
 
حوّل نفسه إلى حفّار خلال ساعتين من الوقت كما أراد أن يثبت لنفسه أنه وبالرغم من العطش فهو قادرٌ على رفع هذه الكتل .
 
لمح عمله من أعلى الجرف الصخري, يصل طول السهم إلى خمسة أمتارٍ تقريباً بجناحين مرسومين بشكلٍ جيد, لا يعقل ألا تلحظه السفن وتدرك أنه نداءٌ يجب إتباعه. أي باخرةٍ هذه التي ستقاوم إغراء هذه الرسالة التي قد تشير لكنزٍ ؟ قام خلال طريقه إلى الكوخ بتكسير بعض الأغصان مشيراً بذلك إلى مكانه ,لم يعد يعنيه أن يشير إلى مكانه لمهاجمين افتراضيين من أجل نجدةٍ تصبح يوماً بعد يوم مجرد حلم .
 
أبعد الأغصان المنهارة من على مرقده دون أن يكترث بوضعها في مكانها كحصنٍ وهمي ثم تمدد على سريره السرخسي , التصق لسانه بحنكه جافاً كالحجر وطعمٌ مرارة صفراء الكبد يجتاح حلقه إنه يكابد ألماً في عضلات ذراعيه وساقيه , غاص بين الأوراق وأجهش بالبكاء بكاءً هادئاً لا دموع له ولا أنين مطلقاً زفرات ساكنة إلى أن غلبه النعاس .
 
كان اليوم الثالث أكثر سوءاً إذ استيقظ خائر القوى فارغ الرأس مرتجف الساقين , تحمل إليه السماء الزرقاء نسمة لطيفة لم تخفف من وطأة الحر والرطوبة , تابع دربه إلى القمة : لا سفينة ولا شراع يلوحان بالأفق فعاد للنوم في الغبار أو لعله سقط فاقداً الوعي وعندما نهض كانت الشمس بأوجها والجزر بأقصاه . هبط إلى الرمل الحارق ليحصل على نتاج مصيدته لكن الفخ لم يؤتِ أكله إنه فارغ , ليس لديه أي فكرة أخرى ليتزود بما يؤكل ويشرب , تبدو هذه الأرض المجهولة قاحلةً مقفرةً كالصحراء العربية . إنه يتخيل أن رأى نوعاً من الأرانب الضخمة الصهباء يقفز على قائمتيه الخلفيتين هناك في الأعلى فوق الجرف الصخري لكنه اختفى بلمح البصر.

الصفحات