أنت هنا

قراءة كتاب الساعد الغربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الساعد الغربي

الساعد الغربي

أية لحظة.. مباغتة، ستفاجئنا بالحنين ونحن نتشكل بعد، أية مدارات ستنجرف أحلامنا ونحن نتهاوى على قباب الروح والجسد.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
هل مازلت تذكر وأنت تمضي من فكرة إلى أخرى من نبل إلى إحساس إلى حزن وكنت تائهاً، مسكوناً بآلام ومواويل، فيضان عينيك وهما تغوران تحت غضبك المُلحْ والمستعجل، نبرة صوتك الهارب، غير أن ضجيج الآلات في الخلف كان يعبر فيصيب مشهدك الحلمي بالالتباس الجميل، حيث أوهمك وأنت تنظر بوجهي تماماً، وجهي الداكن والمتعرّق، بأنك تعيش بالفعل أشياء كانت متعذرة، ورحت تستحضر كما يحصل عادة في هذه اللحظات التي من صنع الروح وهي تفيض بالحب والحنين، أشياء لم يتمَّ جمعها من قبل وهي أيضاً غير قابلة للفهم، ولا يمكن توصيفها على أية حال بالرغم من أنني أعرف كثرة ماوطأها من أرجل وشموس واستلقاءات يحيطها كل هذا الرجاء، لجعلك متهجساً ومشتهى كالطبيعة.
 
هل تذكر ذات لقاء بعد معرفتنا بفترة قليلة عندما صحبتني إلى ركن الدين؟ إلى بيت صديقك الشاعر أو القاص لم أعد أذكر، لكنني أستعيد تلك الليلة كأول محاولة للانعتاق الثنائي وبالفعل هذا أول ما كنا نفعله عندما نتصادق أو نحب، فنصحب الأصدقاء إلى أصدقاء آخرين متباهين باكتشافاتنا، مقدمينهم إلى أصدقاء جدد مكتشفين فيما بعد التجربة كم كنا حقيقيين أو متوهمين أو كذابين ومخادعين هكذا كانت تبدأ الصداقات أو الحب، كنا نبني علاقاتنا، دائماً مع الآخرين، لأننا نخاف الهدم، أو حتى لنجد محامين أقوياء وشهوداً على قسوة سلوكنا وأفعالنا وانهيار علاقاتنا مؤكدين بذلك مشروعية أحلامنا وقداسة ونبل مشاعرنا من خلال توسع المشاركة، ودخول طرف جديد في سجل ذكرياتنا الممتلئة والخائبة.
 
كنت دائماً أقول لك يا سارة عندما أحببتك.. لا أعرف، وقتها... أحببتك بذاكرة سليمة، نقية مثل قلبك، كان لدخولك صولة وجولة وصولجان، حضور هائل وعارم أفرغ ذكرياتي وأشبع فضول الذاكرة، امتلاءً.
 
يحصل أحياناً أننا نُجزّىء ذكرياتنا، أو بالأحرى لنقل إننا نخصص فيها معتقلات ومعسكرات، فنحتفظ بمن نشاء وليس بالضرورة بمن نحب ونسرّحْ أو نعتق مَنْ نشاء وكثيراً ما نباغت فجأة فإذا بك تحت أمواس حادة لذكريات اعتقدت أنك أغلقت عليها أو محيتها وقذفتها في سلال عميقة وسحيقة، فتنوس وتصبح رجراجة تحت وقع أسياطها الموجعة والحدَّاءة.. فإذا بك واهم مستكين لخيانة القلب والروح معاً، هكذا لا تهدأ مشاعرنا ونحن نبرر كل شيء، ونمضي نلهث تحت حضور الذكريات ونفجع بالأسئلة.

الصفحات