أنت هنا

قراءة كتاب الساعد الغربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الساعد الغربي

الساعد الغربي

أية لحظة.. مباغتة، ستفاجئنا بالحنين ونحن نتشكل بعد، أية مدارات ستنجرف أحلامنا ونحن نتهاوى على قباب الروح والجسد.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
العواطف لا تزال تنبض على نحو مخيف، غير أنها لم تعد ساذجة بما يكفي لصنع مغامرة في مهب الريح.. هل غدت الكتابة خياراً أخيراً.. وكيف نكون أوفياء إذن لهؤلاء الصبية الذين سنركَّضهم في بهو الأوراق.. هكذا تبدأ الخيانة بالفعل، وعليك أن تضيع، بالرغم من أنك تعرف ماذا تعني رواية منجزة، والمسألة برمتها لا تتعدى مساحة ضيقة أثناء الكتابة وبعد إنجاز النص بقليل، لأن الأفكار والخيالات والحقائق التي لم تتوفق بالخروج وأنت تلتهم بياض وجدانك، قد أَفُلَتْ وغابت شمسها وأصبحت غير قابلة للطرح وغير صالحة حتى للحوار، حين لا تزال أنفاسهم ومصائرهم مجاسات عملاقة تهرس آلامك بآلامهم... ثم عما قليل يبتعدون وتبتعد.. تنحدر آنئذٍ بعد أن تفصدهم تماماً من دمك، وتعود وحيداً كالليل، مهمشاً أو بالأحرى تتذكر تلك المصائر أحياناً، وتشعر حينها كم هي غير مجدية.. وسخيفة أيضاً، أثناء ذلك وبإرادة أو بدون إرادة بقصد أو بدونه تكون قد أفرغت الكثير من ذاكرتك وكذلك أخبار من هنا وهناك لالتقاط رواية جميلة وبطباعة فاخرة وأنيقة تتوعد فيها كل الذين جمعتهم في خلوتك وزدت من مساحات أخلاقهم ومدحتهم، ثم بقلمِ حبرٍ جميل تُوقِّعُ إهداءاتٍ مرفقةً بجملة واحدة للجميع وتوقيع كبير.. كبير مذيّل بتاريخ «إهداء على الصفحة الأولى فقط... والتي تحمل عنوان «روايتك».
 
قبل ذلك تبدو لك المسألة غير جادة، وربما مكرورة... فيها مباهاة وتواطؤ وخفة، لكنك أخيراً عندما توفَّق وتخلص منها في آخر الليل... ما الذي يمكن أن يضاهيها عندئذ في هذه اللحظة وأنت تشعل السيجارة الأخيرة على استواء فراغ ذاكرتك على نحو رصين وهادف وحقيقي أحياناً أخرى، ثم تستلقي رويداً، على ظهرك مسدداً عينيك في مكان ما أو في أثداء جمر السيجارة، عينيك العصيتين على الوصف آنئذ وأنت تلتهم بهما واجهة المكتبات وعيون القراء وهم يتهافتون عليها مثل الكذب.
 
هنا... واللحظة... والأشياء... والحضور، مساحة لتتكشف أمامك على نحو مبهم وعميق، تلك اللحظة وأنت سيد الكائنات وحبيبها، هذه اللحظة وأنت تطوي الحياة برمتها بإسهامة عين، هذه اللحظة الحقيقية، فقط... وما تبقى تفاصيل وهراء.
 
هكذا تدرك وأنت تنال مساحات أوسع، ثم تعود لتتهمش لا تستبعد إذن أن تجدني ذات يوم عنصراً في عصابة، ليس للأمم المتحدة أو لقوات حفظ السلام الدولية. وإنما عصابة جمع مصائر وآلام هؤلاء البشر الراكدين على آلامهم كالتماسيح العملاقة.
 
بينما كنتُ أفرغ تهويماتي أوقفتني عن هذياني قلت لي: يبدو أنك قد نعست أو مللت أصبحت ضجراً، انتظر قليلاً، قررت أن أخبرك أشياء كثيرة لا زلت في بداية الطريق، يجب أن تتحصن بالوقت وإلاَّ ما معنى أن أكتب ولا تقرأ...

الصفحات