أنت هنا

قراءة كتاب بنية الشخصية المؤمنة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بنية الشخصية المؤمنة

بنية الشخصية المؤمنة

الشخصية المؤمنة في القصة القرآنية شخصية فعالة مطلقا، وتتضح فعاليتها عبر الأحداث التي تخوض غمارها، وعلاقتها بالشخصيات داخل القصة، أومن خلال المواقف التي تمر بها وطريقة تعبيرها وحواراتها، وثباتها على المواقف الايجابية وصدق عواطفها الإنسانية، ومراعاتها لعنصري

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
بنية الشخصية القرآنية
 
تنطوي القصة القرآنية على أنماط القص كلها، من إشارة للزمان وتحديد للمكان ورسم للشخصيات، وذكر للحوار ووضوح للأدوار والأفكار، وهندسة فائقة للحبكة والإحداث، يؤدى ذلك كله بابلغ لفظ وأجمله ،وأجود معنى وأوضحه، لا لأجل المتعة الفنية الخالصة فقط، وإنما للعبرة والموعظة أولا، ولتثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ثانيا، فضلا عما فيها من فوائد عظيمة.
 
والقارئ مهما رزق من ذائقة فنية وموهبة خلابة لا يستطيع – وان أجهد نفسه – أن يلم بإشرافات القصة القرآنية كلها، وإذا ما أراد المحاولة فخير له أن يلتمس ذلك عبر دارسة عنصر قصصي محدد وفي ضمن علاقته بالعناصر القصصية الأخرى وليتخير أكثر هذه العناصر فعالية وحضورا وارتباطا بالمكونات الفنية للقصة؛ ليتسنى له في النهاية وضع الإصبع على بعض الجوانب الجمالية في القصة القرآنية. وإذا استعملنا هذا المنهج الانتقائي بشروطه التي ذكرنا فإننا نتصور أن الشخصية بوصفها عنصرا قصصيا هي خير من يفي بالمستلزمات التي تم تحديدها، إذ ترتبط الشخصية ارتباطا وثيقا بالمكونات القصصية الأخرى، فهي لا تعيش منعزلة عن باقي عناصر القص, وإنما تدخل في علاقات متعددة مع مكوناته ،مثل الزمان والمكان والأحداث. وعدم النظر إليها ضمن هذه العلاقات والصلات التي تقيمها مع عناصر القص يجعل من العسير فهم الدور الوظيفي والبنائي الذي تنهض به الشخصية داخل القصة(1). فهي تمثل حلقة الوصل الأساسية بين عناصرها كافة، ويتحدد وجودها عادة بما يحيط بها ،فبالقدر الذي يؤثر بها هذا المحيط تؤثر به وتحدد ملامحه، ولاسيما إذا كانت هذه الشخصية ذي فعالية في بناء القصة وتطور أحداثها أو ما يسمى بالشخصية النامية، والتي تتفاعل مع الحوادث فتزيدها وضوحا ،وتمنحها قوة وطرافة وثراء. وليست هناك قصة بلا شخصية حتى ولو كانت من القصص الرمزية او كانت من حكايات الحيوانات والجمادات(2)" فالأشخاص في القصة هم مدار المعاني الإنسانية ومحور الأفكار والآراء العامة، ولهذه المعاني والأفكار المكانة الأولى في القصة منذ ان انصرفت إلى دراسة الإنسان وقضاياه "(3).
 
وتجدر الإشارة إلى أن توزيع العناصر في القصة القرآنية يتطور بتطور الدعوة الإسلامية " من هنا كنا نرى عنصر الحدث هو العنصر البارز في الأقاصيص التي يقصد منها التخويف والإنذار، وعنصر الأشخاص هو العنصر البارز في الأقاصيص التي يقصد منها الإفاضة والإيحاء ،او إلى تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ،وعنصر الحوار في الأقاصيص التي يقصد منها الدفاع عن الدعوة الإسلامية والرد على المعارضة وهكذا..."(4) . وتبعا لحضور الشخصيات في القصة تباينت الأدوار التي تحتلها الشخصيات فبعضها " يمثل أدوارا مهمة في القصة والبعض الآخر يمثل الأدوار الثانوية، وعلاوة على ذلك توجد في بعض القصص شخصيات تعد من ناحية الأهمية في الدرجة الثالثة"(5) والقصة القرآنية تحتفي بهذه الشخصيات جميعا مع تباين في المساحة النصية التي تشغلها في القص بيد أن الملاحظ في الغالب " ان القران لم يقم وزنا لصفاتها ومميزاتها الحسية ،فلا طول ولا عرض ولا لون بشرة ولا ملامح ولا قسمات"(6), كما يفعل بعض المولعين بالقص فيذكرون لون الشعر والعينين ،ووصف الفم والأنف والجبين ،وتشبيه نبرات الصوت والمشية وتفسير نظرات الفرح والحزن والغضب،وابتسامات البراءة والمكر والسخرية ونحو ذلك من الأوصاف الفيزيولوجية. على أن في القران العظيم إشارات إلى بعض الصفات البسيطة التركيب العميقة الدلالة والإيحاء هي التي " تحرك بطبيعة الحال الأحداث وتضطرب بها، أو تقوم الأحداث نفسها بتحريك الشخصيات"(7)والى جانب الصفات الحسية للشخصيات فإن القران الكريم يهتم بالجانب النفسي او الذهني للشخصية ويعطيه أهمية قصوى قد تفوق الجانب الحسي فابرز ما يلاحظ في التصوير القرآني للشخصية الفعالة أو المؤمنة بصفة عامة:أمانة النقل في حكاية أقوالها ودقة التعبير عن مشاعرها ،وصدق الترجمة الباطنية عن خواطرها،واتصافها بالفعالية والحيوية والتركيز على الأبعاد الإيجابية وهذا ما أهملته الرواية الأدبية والقصة البشرية من خلال عرضها للشخصية المؤمنة الملتزمة بأسلوب استنكاري يبين انعزالها عن المجتمع, كما إنها فسرت سلوكها الديني والتزامها الشرعي بتفسيرات عدة منه ما هو نفعي وصولي نفاقي أو بوصفه تطرفا فكريا أو دروشة فارغة باردة ،ومن ثم لم تحظ الشخصية - كفاية - من الاهتمام على مستوى الحضور السردي او البناء الفني.
 
كما سنبينه في المحور الثاني من هذه الدراسة أن شاء الله (8).

الصفحات