أنت هنا

قراءة كتاب الـسحر المـصري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الـسحر المـصري

الـسحر المـصري

يعود الـسحر المـصري إلى عهد السلالات الأولى، بل إلى قبل تلك الحقبة، إذ كان سكان مصر يعتقدون بأن الأرض والعالم السفلي والهواء والسماء تسكنها مخلوقات لا تُعد ولا تُحصى. وهذه المخلوقات مرئية وغير مرئية، وأن بعضها صديقة والأخرى عدوة للبشر وهي توجه الطبيعة.

تقييمك:
5
Average: 5 (2 votes)
الصفحة رقم: 5

إن إحــدى أقـــدم أســمـاء مـصــر هــي (كـامــت Kamt) أو (كيمـت Qemt) التي تعني أسود أو داكن. وقد أطلق هذا الاسم على ذلك القطر بسبب لون التربة الداكنة التي تتكون منها الأرض الممتدة على جانبي نهر النيل. وقد نقل المسيحيون المصريون أو الأقباط تلك الكلمة بلفظة كيم Kheme إلى اليونانيين والرومان والسريان والعرب. وفي الحقب الأولى من التاريخ اشتهر المصريون بمهارتهم بأعمال المعادن، وذلك في محاولة منهم لتحويلها. وحسب ما ورد في الكتابات الإغريقية أنهم استخدموا معدن الفضة في أعمال التعدين، حيث فصلوا معدني الفضة والذهب عن المعادن الخام. ومن عمليات التعدين تلك نجمت مادة سوداء تشبه (البودرة) يفترض أنها تمتلك خصائص ذات قوى خارقة، وتحتوي على خصوصيات مختلف المعادن الممتزجة مع بعضها في تلك المادة السوداء. وبطريقة خفية باطنية عرفت تلك المادة السوداء بجسد الإله (أوزيريس Osiris) الذي يُقال بأنه كان يمتلكها في العالم السفلي، والذي نسبت إليه وإليها معاً الصفات السحرية التي يعتقد بسببها بأنهما يمثلان كلاهما مصدري الحياة والقوة. وبذلك نما جنباً إلى جنب مع نمو مهارة عملية التعدين في مصر، الاعتقاد بأن القوى السحرية موجودة في صهر المعادن ومزجها. ووصف فن استخدام المعادن ومعرفة كيمياء المعادن وقواها السحرية بكلمة (كيمياء Khemeia)، أو ما يطلق على تحضير المعدن الأسود أو (البودرة) السوداء، التي اعتبرت العامل الفعّال في تحويل المعادن. وأضاف العرب حرفي (الـ al) (أل التعريف) إلى تلك الكلمة فأصبحت الكلمة تعرف بالكيمياء التي خلّدت سمعة المصريين لكونهم طلاباً ناجحين في «السحر الأبيض» والفن «الأسود». ولكـن إضافـة إلـى مهارتهم فـي الأعـمـال الحرفية، اشـتهر المصريـو بمهارتـهـم فـي الأدبيـات المدونــة وإصــدار الكتب وخاصة مـن قبيل تــلك الطبعة التي كانت مرتبطة بالطقوس التي كانت تمارس لتعود بالنفع على الموتى. وليس لدينا، مع الأسف، أية وسيلة لمعرفة اعتقاد الشعوب التي عاصرتهم في الحقب القديمة بالطقوس الجنائزية المصرية، ولكن يبدو من المؤكد أنه عن طريق تلك الشعوب التي عاصرتهم اشتهر المصريون بأعمال السحر. وإذا سمح بطريق الصدفة لأحد أفراد قبائل الصحراء بمشاهدة الطقوس التي كانت تمارس عندما كانت تسجى أجساد الملوك الذين شيدت من أجلهم الإهرامات، فإن الروايات التي كانوا ينقلونها إلى بقية أفراد عشيرتهم كان يؤمن بها كبرهان على أن المصريين كانوا يتمتعون بقوى منح أجساد الموتى الحياة، وبث الحياة في التماثيل، وإجبار آلهتهم على تقديم الخدمات إليهم بنطق أسمائهم كأسماء قوة السحر. أما أعمدة الكتابة الهيروغليفية التي تغطي جدران المقابر، وكذلك الصور والتماثيل والنواويس (التوابيت)، فغالباً ما كانت تصيب الشعوب البربرية بالذعر والخوف ويروي المسعودي(1) القصة التالية التي تظهر نظرة العرب إلى الكتابات وتماثيل الآلهة في معابد مصر. فبعد غرق جنود فرعون في البحر خافت النساء والعبيد من أن يقوم ملك سوريا والغرب بالهجوم عليهم لذا فقد انتخبوا في هذه الفترة ملكة لتحكمهم اسمها دالوكا (Dalukah)، لأنها كانت عاقلة وحذرة وماهرة في فنون السحر. وكان أول عمل قامت به هو بناء سور حول مصر يحرسه رجال على مسافات قصيرة، وكان هدفها حماية ابنها الذي كان مولعاً بالصيد من الوحوش البرية وكذلك من هجوم البدو الرُحَّل، ووضعت في فتحات السور تماثيل لتماسيح وحيوانات مخيفة أخرى. وخلال فترة حكمها ملأت مصر بالمعابد وتماثيل الحيوانات. وكـذلك صـنـعـت تماثيل لرجال مـن سـكان المـناطق المجـاورة لمـصـر ومـن سوريا والغرب، وكذلك الحيوانات التي كانوا يستخدمونها ويمتطونها. أما في المعابد فجمعت كل أسرار الطبيعة وكل القوى الخيرة والشريرة، التي تحتوي على المعادن والنباتات والحيوانات. وكانت تقوم بسحرها في لحظة ثورة الأجسام السماوية إذ تكون سهلة الانقياد لقوى أعظم. وقيل إنه في حالة تحرك جيش ضد مصر من الجزيرة العربية أو سوريا للقيام بهجوم عليها فإن الملكة تصنع تماثيل لجنودهم وخيولهم وبسحرها تجعلهم يختفون تحت الأرض. ويحدث مثل ذلك للجنود الأحياء أينما كانوا في ترحالهم، فإن تحطيم تماثيلهم كان يعني تحطيم الجيش. وبصورة مختصرة فإن تماثيل الآلهة الكبيرة الحجم والصور المرسومة على الجدران والكتابات الهيروغليفية كان ينظر إليها من قبل الذي لا يفهمها على أنها تماثيل سحرية ووصفات سحرية لاستخدامها كطلاسم. ويذكر المسعودي(1) عن قوة السحر لدى أحد اليهود ما يبرهن على أن الممارسات السحرية سافرت إلى الشرق ووجدت مكاناً لها بين اليهود الذين كانوا يعيشون في بابل وحولها. والرجل اليهودي من قرية اسمها زرارة قرب الكوفة في العراق (Zorara) وكان يقضي وقته بممارسة الأعمال السحرية وقد قام بعدة أعمال سحرية بإظهار الأشباح وغيرها في مسجد الكوفة أمام «الوليد بن عقبة Waleed ibn Ukbah» فقد وضع تمثالاً لملك يمتطي جواداً، وقد سار التمثال وحصانه في ساحة مسجد الكوفة، ثم حول نفسه إلى جمل وسار على حبل وعمل ظِلاً لحمار جعله يعبر من جسده، وأخيراً قطع رأس رجل ثم مر عليه بسيفه فعاد الرأس المقطوع إلى الجسد، وعاد الرجل إلى الحياة. والقصة الأخيرة إعادة رأس بطة إلى جسدها والحياة إليها كما تم وصفه سابقاً. والآن سـنصف بصــورة مختصـرة الـوسـائـل الرئيـسة التي استخدمها المصريون في سحرهم كالأحجار السحرية والتعاويذ والتماثيل السحرية والصور السحرية ووصفات الأسماء السحرية والطقوس وغيرها وجزء من كتاب الموتى المتعلق بهذا الموضوع.

الصفحات