أنت هنا

$6.99
ملفات ساخنة (2) الربيع العربي بعيون إسرائيلية

ملفات ساخنة (2) الربيع العربي بعيون إسرائيلية

0
لا توجد اصوات

تاريخ النشر:

2013
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كتاب " ملفات ساخنة (2) الربيع العربي بعيون إسرائيلية " ، والذي صدر عن دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
حينما أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه في مدينة سيدي بوزيد التونسية بعد أن صفعته الشرطية التونسية فادية أبو حمادي وصادرت عربة الخضروات المتحركة التي يعمل عليها، لم يكن يدري أن تلك النار ستكون بمثابة الشرارة  التي ستشعل فتيل برميل البارود المتفجر. لم يكن يدري أن النيران التي أكلت جسده، ستأكل أجساد أربعة حكام  عرب وستطيح بهم عن كراسيهم إما إلى المنفى، أو السجن أو الموت، وتطوق العديد من الحكام الآخرين مهددة متوعدة.
لقد صفعته الشرطية وقالت له بالفرنسية Degage  أي "ارحل". ولم تكن تعلم أن هذه الكلمة ستصبح المعول الذي ستهدم به الجماهير قلاع الظلم في كل مكان من العالم العربي تقريبا. كانت المعاناة قد وصلت إلى ذروتها  في العالم العربي، وأكل ظلم الطبقة المتنفذة كل مقدرات الشعوب، وتركها تلهث وراء لقمة الخبز المغموسة في الإهانة. كان الحاكم المتفرًد بكل شيء والذي ينجح في كل مرة في الانتخابات بنفس النسبة 99.9% سواء أصوتت الجماهير أم لم تصوت- قد أصبح رمزا للفساد والطغيان والقمع وكمً الأفواه في نظر الجماهير، التي لم تكن ترى أية إمكانية في التخلص منه سوى بوفاته، بيد أن المشكلة أنه لا يموت أبدا، بل يبقى رابضا دهرا فوق أعناقها، وإن شعر أن نهايته الطبيعية باتت وشيكة، يعمل على إعداد ابنه ليرث الجماهير ومقدرات الدولة، ويواصل مسيرة الفساد، يورًث الجماهير دون استشارتها. كان الحاكم المتنفذ وطبقته الملتفة حوله يحكم تلك الشعوب  ولا يحكًمها أبدا.
إن الحريات الزائفة التي منحتها بعض الأنظمة الدكتاتورية في العالم العربي كان هدفها امتصاص غضب الجماهير عبر السماح لها بالتنفيس "الكلامي" كي لا تصل إلى مرحلة الفعل، وفي نفس الوقت فرض رقابة صارمة عبر أجهزتها الأمنية لمحاسبة كل من تسوًل له نفسه مجرد التفكير في الفعل. بيد أن هذه الحرية الزائفة كانت سيفا ذا حدين فهي من ناحية أطلقت العنان لغضب الجماهير، ومن الناحية الأخرى أطًرت الجماهير وجعلتها تدرك أن بمقدورها أن تفعل ما كان يبدو مستحيلا، أي أن تسقط الحاكم بسلاح الكلام ودون عنف أو دبابات. لقد عاشت الجماهير حتى فترة وجيزة سابقة في عصر كبت الحريات ومحاسبة كل من يتجرأ على انتقاد النظام، أو حتى مجرد التفكير في تشكيل قوة تواجهه، وحينما تعرضت الدول العربية لضغوط أوروبية وأميركية لمنح المزيد من الحريات وحرية التعبير، بدا أن هذه المطالبة توافقت مع مصالحها ، نظرا لأن هذه الحرية تجعلها تفجر طاقات غضب الجماهير في القول وليس الفعل، هذا في نفس الوقت الذي تراقب فيه الأمور بمنتهى الحذر وتعمل على "قصًقصة" أجنحة كل من يحاول طرح فكرة الفعل وليس فقط القول.
لقد أدت هذه الحرية إلى أن تصبح الجماهير أكثر جرأة وتزيل المخاوف القديمة بالاعتقال والاشتباه وغيره من أساليب النظام حتى حانت لحظة الانفجار. ورغم ذلك لم تنزع الجماهير نحو التدمير والعنف، بل قامت بثورتها بصورة حضارية رفضية حازمة، ولم تلجأ إلى العنف إلا حينما تعرضت للاعتداء من قبل "بلطجية" النظام على غرار ما حدث في موقعة الجمل في مصر.
إن الكتاب الذي نحن بصدده يناقش رؤية الإسرائيليين للربيع العربي من وجهة نظر المصالح، وتحديد المميزات والعيوب لهذه العاصفة التي أخذت الجميع – بمن فيهم الإسرائيليون- على حين غرة، ويطرح وجهات نظرهم في كل دولة على حدى. ترى ما الذي يقوله الإسرائيليون عن الربيع العربي؟ ما الذي يزعجهم فيه؟ وما الذي يأملونه منه؟
يمكننا القول بصورة عامة أن هناك انقساما في الرأي العام الإسرائيلي حول الثورات العربية. فالفئات المتطرفة من الإسرائيليين لا ترى سوى أن هذه الثورات تصب في مصلحتها، فقد صاحبها تخريب للاقتصاد العربي نظرا لطول فترات تعطيل الحياة العامة، وأعمال العنف التي صاحبتها مما جعل المستثمر والسائح الأجنبي يفر من الدول العربية،عدا عن خسارة أيام العمل، الأمر الذي يجعل دول الربيع العربي تغير أولوياتها القديمة وتولي جل اهتمامها إلى الترميم الداخلي لما تم تخريبه من مؤسسات وأجهزة السلطة. ولا شك أن عملية البناء تستغرق زمنا أطول بكثير من عمليات الهدم التي وقعت، الأمر الذي سيشغل تلك الدول عن إسرائيل وممارساتها، مثلما هو حادث في سورية مثلا، التي رغم الضربات الإسرائيلية المتوالية لم تستطع الرد لانشغالها بوضعها وحربها الداخلية.
أضف إلى ذلك أن الصراعات التي خلقتها الثورات بين الفئات المختلفة وخصوصا مع حركة الإخوان المسلمين، تخلق فرقة وانقسامات شعبية واسعة وتشتت الأهداف الوطنية والقومية ذات الاهتمام بالوجود الإسرائيلي.
أما فيما يتعلق باحتمالات تولي حركة الإخوان المسلمين والجهات الإسلامية الحكم، فالجهات الإسرائيلية المتطرفة ترى أن استمرار الدمار في دول الربيع العربي يجعل أنظمة الحكم – حتى لو كانت من الإخوان المسلمين- عاجزة عن مواجهة أو إثارة العداء مع إسرائيل، مثلما هو حادث حاليا مع مصر التي لم تغير اتفاقية السلام ولا أيا من البنود  التي وقعها النظام القديم مع إسرائيل رغم إجحافها بالجانب المصري، ورغم التوقعات العربية المختلفة، كما أن إسرائيل معتدة بقوتها ومقدرتها العسكرية وقدرتها على هزيمة أي نظام عربي.