You are here

قراءة كتاب من الأيام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من الأيام

من الأيام

كتاب "من الأيام"، يوجد في الجسم، عدا الأجهزة المعروفة- كجهاز الهضم والتنفس والدوران والبول والتناسل- أجهزة كثيرة تمتلئ بوصف دقائقها كتب الطب جميعاً، وهناك، فوق هذه الأجهزة المذكورة جهاز خاص هو الذي يديرها جميعاُ، المجهول أشار غلى وجوده كثير من العلماء، ولكن

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
الدكتور صبحي أبو غنيمة;في يومياته
 
سألني فريق من الأصدقاء: لماذا انقطع الدكتور أبو غنيمة عن يومياته قلت لهم: الدكتور لا ينقطع عن الكتابة، لأن الانقطاع عنها بالنسبة إلى رجل من طرازه إنما معناه الانقطاع عن الحياة كلها، فالدكتور أبو غنيمة حياته قراءة وكتابة، فهما في نظره متلازمان والعمر لا معنى له في رأيه إلا بهما, فليطمئن جمهور القراء فانه سيعود إليهم بفوائد يومياته
 
بقي علي أن أبسط بعض الأسباب في اهتمام القراء بيوميات الدكتور أبو غنيمة ولقد تحفظت فقلت: بعض الأسباب ولم أقل: كل الأسباب لأن هذا المقام لا يتسع للإفاضة في الكلام على أسلوب مثل أسلوب الدكتور·
 
أشارت طائفة من الفضلاء إلى جمع الدكتور أبو غنيمة في يومياته بين العلم والأدب، وفي هذا الجمع شيء من انفراده بأسلوبه ومن أصالته في هذا الأسلوب، ولكني أرى براعته من وراء هذا كله، فليس المهم أن نطلع على أبواب من العلم وإنما المهم أن ننتفع بهذا الاطلاع فنستخرج من أبواب العلم صوراً تتصل بحياتنا، وهذا ما يفعله الدكتور أبو غنيمة·
 
نستطيع مثلاً أن نلم ببعض الرياضيات فنعرف ما هو المثلث المتساوي الساقين ولكنا إذا اقتصرنا على هذه المعرفة وحدها دون استنباط صورة منها تتصل بالحياة كانت معرفتنا جافة·
 
لما وقعت عين أمام الكتاب في فرنسة وأعني به، أناتول فرانس على مثلث متساوي الساقين لم يجد تشبيهاً محسوساً يصور به الحياة مثل الخطوط التي تذهب من قاعد هذا المثلث وتنتهي إلى رأسه فإن الإنسان إذا نظر إلى هذه الخطوط كيف تصغر كلما دنت من الرأس أدرك أن أيامه تقصر كلما دنت من خاتمة حياته حتى إذا مست الخطوط رأس المثلث غابت فيه كما تغيب الحياة في ظلمات الأرض·
 
لقد استطاع الأدب أن يستخرج من صورة المثلث الجامدة صورة متحركة ولا ريب في أن الأدب إذا انفصل عن العلم كان أجوف لأن العلم إنما هو مادة الأدب وأن العلم إذا انفصل عن الأدب كان ثقيلاً على الطبع، غير مصقول·
 
وهذا ما فطن إليه الدكتور أبو غنيمة في يومياته وفي كتاباته كلها فسلم علمه من ثقل على الطبع وسلم أدبه من باطن أجوف·

Pages