You are here

قراءة كتاب كنديد أو التفاؤل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كنديد أو التفاؤل

كنديد أو التفاؤل

كتاب " كنديد أو التفاؤل " ، تأليف فولتير ترجمه إلى العربية عادل زعيتر ، والذي صدر عن دار التنوير عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 1

مقدِّمة المترجم

أقدِّم ترجمة«كنديد» لفولتير...

وُلد فولتير بباريس 1694، ومات فيها سنة 1778...

وُلد، وعُمِّد في غدِ يومِ وِلادته، وأُطلق عليه اسم فرنسوا ماري أَرُوِيه، فأَرُوِيه اسم أسرته وفرنسوا اسم والده وماري اسم أمِّه، فكان جامعًا للأسماء الثلاثة، والأبوان من بواتُو أصلًا، وأسرة أَرُوِيه كانت قبل وِلادته بجِيلينِ قد اتّخذت باريس لها مستقرًّا، وكان جَدّ الأسرة تاجرًا موفّقًا، ولم يكن فولتير ليعرِف أمّه جيّدًا، فقد ماتت أيام كان في السابعة من سِنِيه، وأمّا أبوه فقد مات سنة 1721 تاركًا له شيئًا من المال.

وكان أبوه فرنسوا موثّقًا(1) بباريس، وكانت أمّه صديقةً لعرَّابِة الأب شاتُونُوف. وهذا الكاهن هو الذي حبّب الأدب والدِّين الطبيعي إلى فولتير وعرّفه المجتمعَ الراقي منذ صباه فأبدى تفوُّقًا في القريض أيّام صغره بما يُثيرُ العجب.

ويُدخَل، ابنًا للعاشرة من عمره إلى كليّة لويس الأكبر التي كان يقوم بإدارتها أناسٌ من اليسوعيّين، ويبقَى فيها حتّى سنة 1711، وما عليه من مَيل إلى الدِّين الطبيعي ونزوع إلى الحريّة كان يحمله على الحطِّ من قيمة التربية اليسوعية.

غادر المدرسة وعاد إلى بيت أبيه في تلك السنة، فيشتدُّ الخلاف بينهما حول ما يُزَاوِل، فالابنُ يريد الأدب، والأبُ لا يعترف بالأدب مهنةً، ويُذعن الابن مؤقتًا فيعنى بالفقه ظاهرًا، ويُكِبُّ على الأدب حقيقةً.

وكان الأبُ «دو شاتُونوف» قد مات قبل أن يتمّ ابنه في العماد فولتير دراسته، ولكن بعد أن جعله ينتسب إلى منظّمة التانبل المشهورة، ويحاول أبوه أن يفصلَه عن هذه المنظمة؛ ليكون من أنصار المركيز دو شاتُونوف الذي هو أخٌ للأبِ دو شاتُونوف، وهنالك يتعرّف بالمدعوّة أولنب دونويه البروتستانية المُعسِرة التي هي بنْتٌ لسيدةٍ أديبة، فيحُول أبوه اقترانهما بعد وعيدٍ وحصول على أمرٍ بالقبض عليه لم ينفّذ، أجل، لقد أذعن الابن وتظاهر بالعمل في مكتب لأحد المحامين.

ويبلغ فولتير الثالثة والعشرين من سِنِيه، وتُنشر أُهجُوّة عن الوصيّ على العرش، وتُعزَى إلى فولتير على غير حقٍّ، فيُعتقل في الباستيل حيث قضى أحدَ عشرَ شهرًا، وحيث عزم على تغيير اسمه، فلمّا خرج من الباستيل عُرِف بفولتير بعد أن كان يُعرَف باسم أسرته «أرُويه» كما قدّمنا.

وليست هذه المرّة وحدها هي التي يُزجّ فيها بفولتير في الباستيل، فبعد ثمانية أعوام من ذلك التاريخ أهانه أحدُ الأشراف الفارسُ دو روهان، وأرسل من الأُجراء مَن يضربونه بالعِصِيّ، ويدعو فولتير دو روهان إلى المبارزة، ويرضى هذا الشريف الفارس بما دعاه إليه فولتير، ولكن فولتير يقابَل بالاعتقال في الباستيل في صباح اليوم المعيّن للمبارزة بدلًا منها، ويقضي في هذا المعتقل نصف عامٍ، فلمّا خرج من الباستيل هاجر إلى إنكلترة حيث أقام ثلاث سنين (1726 ـ 1729).

وقد تعلّم فولتير الإنكليزية أثناء إقامته بإنكلترة، واتصل بعلية القوم اتصالًا وثيقًا، وأُعجب بالدستور الإنكليزي وبتسامح الإنكليز الدينيّ وحريّتِهم السياسية أيّما إعجابٍ، وكان لأخلاق هؤلاء الناس وعاداتهم بالغُ الأثر فيه.

ويعود إلى باريس حاملًا في ذهنه كثيرًا من المشاريع في الحريّة السياسيّة والإصلاحات الدينية، فينشر في سنة 1734 كتابه «الرسائل الفلسفية» أو «الرسائل الإنكليزية» حيث أثنى على نظام ذلك البلد، فقال: «إنّ أميره البالغَ القدرةِ على صنع الخير مقيَّد اليدين في صنع الشر»، وفي هذا الكتاب يعرض فولتير نظريات الفيلسوف الإنكليزي لُوك ويحمل حملة شعواءَ على الاستبداد والتعصّب الديني وسلطان الإكليروس فيُعَدّ هذا الكتاب هدّامًا فتقضي المحكمة العليا (البرلمان) بجمع نُسخِه وإحراقها «لمخالفته للدِّين وحُسن الأخلاق»، ويُؤمر باعتقال فولتير، ولم ينجُ من السجن في الباستيل للمرّة الثالثة إلا بالفرار، ويقضي عامًا في دُوكيّة اللُّورين المستقلّة، ثم يُلغى أمر اعتقاله وتُطلَق له حرية العَود إلى باريس 1735.

وبعد عام، أي في سنة 1736، يَتَلقّى أوّل كتابٍ من ولىِّ عهد بروسية: فردريك، وتكثُر المراسلة بينهما، ويُنادى بفردريك ملكًا لبروسية ويحاوِل اجتذاب فولتير إليه في بُوتسدام، وهو لم يُجِب فردريك الأكبر إلى طلبه إلّا في سنة 1750، ففي هذه السنة غادر باريس إلى برلين حيث أقام ثلاث سنين، وقد أَجرَى فردريك الأكبر عليه راتبًا سنويًّا في هذه المدّة، وما كان فردريك ليقتصر على صلته الأدبية بفولتير مع ما كان يحبُوه به من رعاية شاملة، وما كان فولتير ليطيق مساواة أحدٍ به في الحظْوَة لدى ذاك العاهل، فيضيق كلٌّ منهما بصاحبه ذرعًا، وأخيرًا يُبلَّغ تشبيهَ فردريك له بالبرتقالة التي تُعصَر فيُطرحُ قشرها، فيجيب فولتير عن هذا بأنّه ما فتئ يُزيل الأقذار عن ثياب فردريك، ويترك فولتير بُوتِسدام في سنة 1753.

وكان فولتير قبل سنة 1735 يُعَدّ من ذوي النباهة فقط، فلا يُحسب من ذوي الخَطَر ولا ينظر إليه بعين الجِدّ، وأمّا في السنين العشرين التي عقبت سنة 1735 فكان من سماته البارزة أنّه مُدوِّن لوقائع لويسَ الخامسَ عشرَ بفرساي وضيفٌ كريم لدى فردريك الأكبر مع محاولته تمثيل دورٍ سياسيٍّ عنده، وقد عُنِي فولتير في هذا الدور من حياته بالعلوم والتاريخ والروايات المسرحية على الخصوص، فلم يبلغ الستين من عمره حتّى كان مخرجًا للنّاس كتب «عصر لويس الرابع عشر» و«الطبائع والأخلاق» و«الروايات»، وكان فولتير من طبقة البُرجوازية التي تَلِي طبقة الأشراف، وكان يرى تلافي هذا الفرق بالغنى، فلم يهمل مصالحه الماليّة، قال بُرونْتِير: «لقد أدرك فولتير أنّ تمثيل دورٍ في المجتمعات الراقية يتطلّب ثراءً عند عدم الانتساب إلى طبقة الأشراف»، ويضارب ويكسِب في المضاربة، ويُكتب له التوفيق في كثرة الربح من كتبه وأعماله المالية، فيبلغ دخله السنوي حين وفاته نحو 370 ألف فرنك من الذهب. ويغدو فولتير محلّ شبهةٍ لدى ملك فرنسة لويس الخامس عشر كما سبق أن ساءت صلاته بفردريك الأكبر، وقد صار من الثراء ما يَقدِر معه على ابتياع القصور، فاشترى قصر فِيرْنِه الواقع على حدود سويسرة والمُشرِف على بحيرة جنيف (1755) حتّي إذا ما أُمِر باعتقاله تمكّن من الفِرار، وقد أقام بهذا القصر حتّى قُبيل موته.

ولم يكن فولتير ليتمتّع بصحّةٍ جيّدة، وما لاقى في الحين بعد الحين من مِحَن كان يسوقه إلى الموت، ومن العجيب، مع ذلك، أن أبدى في السنين الثلاث والعشرين التي بقيت له من عمره نشاطًا عظيمًا على الرغم من مَشِيبه، فشنّ في هذه المرحلة الأخيرة من سِنِّه غارة شديدة على الاستبداد والتعذيب وعدم التسامح وجرائم التعصُّب ومظالم القضاء، وممّا حدث أن اتُّهِم تاجرٌ بروتستاني من تُولُوز اسمه كالاس بقتل ابنه فحَكَم البرلمان (المحكمة العليا) عليه بالإعدام ونُفِّذ الحكم فيه مع التعذيب سنة 1762، ويَطَّلع فولتير على براءة كالاس وعلى أنّ الابن مات منتحرًا وعلى ضلال القضاء فيشهر حربًا ضروسًا على ظلم المحكمة ويطالب بردّ اعتبار ذلك المسكين فيقضي برلمان باريس بهذا في سنة 1765، ويَحمِل فولتير على تعويض أسرة المظلوم، فينال لها من الحكومة مبلغًا من المال، ويتّفق له مثل هذا التوفيق في ردِّ اعتبار لَالِّي تولِندال في سنة 1778.

وفي ذلك الدور الأخير من حياته عاد لا يؤثِّر في الرأي العام بالكتب المطوَّلة، وإنّما صار يؤثِّر فيه، على العموم، بما كان يرسل من رسائل نُشرِت له منها عشرة آلاف، وبما كان يَنشر من كراريس وأضابيرَ لا يُحصى لها عدٌّ، فظهر معظمها بأسماءٍ مستعارة مستوحيًا فيها حوادث الساعة، وبذلك يكون قد قام بتمثيل دور أنشط الصحفيين الذين عُرِفوا حتّى ذلك الزمن وأشدِّهم لذعًا وأكثرهم لمعًا.

Pages