أنت هنا

$3.99
أنطولوجيا الحمير

أنطولوجيا الحمير

0
لا توجد اصوات

الموضوع:

تاريخ النشر:

2017

isbn:

978-9933-580-35-3
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كتاب " أنطولوجيا الحمير " ،تأليف عبد الله خليفة ، والذي صدر عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب : .

ليس هذا دفاعاً أو مرافعةً بقدرِ ما هو بحثٌ تاريخي. تقص دقيق لكائنٍ كان في الأسطورة ذو مقامٍ عال رفيع. في بابل، في مملكةِ القداسةِ الساذجةِ الأولى، إحتلَّ هذا الكائنُ المرهفُ الحسِّ قمةً عالية. لكن قسوةَ خلفاءِ حمورابي، الذين حولوا المدنَ إلى قلاعٍ صماءَ شاهقةٍ عالية ثم إحترقوا فيها وهي صلصال، كتبوا بعضَ خيوطِ هذه المأساة المروعة.

البياضُ الطاهرُ للونِ، البراءةُ، الصفاءُ الروحي الذي يبدو في عينيه، الغفلةُ الكبيرةُ التي تحولتْ لعبودية، كلُ هذه السمات جعلتْ هذا الكائنَ ينحدرُ إلينا، يجيءُ بأعدادٍ وافرة هرباً من قسوةِ الشمالِ وحرائق مدنه.

إنني على أعتابِ رسالةٍ سمها ما شئتَ لكن لا بدَّ لها من حمار. الرسالةُ موجودةٌ لكن الحمارَ غيرَ موجود. هل يمكنُ أن يذهبَ رسولٌ الآن بسيارة مثلاً؟ هذا غيرُ ممكنٍ ومضحك.

حين نبدأُ من حمورابي نجدُ أن الأمرَ بحدِ ذاتهِ كان مشكلةً، هل وصل الحمارُ لدى تلك الحضارة السامقة إلى أن يكون إلهاً حتى أن اسمَ الحاكمِ إلتصقَ بهِ؟ أم أن ذلك راجعٌ لتشابهِ اسم الحاكم مع حمروةِ الأرضِ أو أن الأرضَ حمرّها البشرُ؟ وهم دائماً يلصقون بلادتَهم ووحشيتَهم بهذا الكائنِ العظيم الرقيق.

علينا أن نتذكرَ إن الأجدادَ الأُولَ للحمير كانت هي الحُمُرُ الوحشيةُ المخيفةُ التي تندفعُ كالأعصارِ الملونِ اللحمي الذي يخترقُ الأكواخَ والناس، كانت هناك في الجبالِ بقربِ الأعاصيرِ والبروقِ والنجومِ، بقربِ آلهةِ السماواتِ الحرة، هناك حيث يتخيلُ الإنسانُ كلَ ما هو جميلٌ وحر، من هناك نزلَ أجدادُ هذا الكائن، بل قُلْ تم إصطيادها، عُملتْ لها حفائرُ في الأرض، شباكٌ مشتبكةٌ بأغصانٍ وأحلام، إنشطواتٌ تخطفها إلى أعلى كذبيحةٍ جاهزة.

ثم ظهرَ كائنُنا الجميلُ من المجازرِ للحمرِ الوحشية، من المآدبِ، من السلخِ، من بقايا مسكينةٍ حُبستْ في حظائر، من كائناتٍ فقدتْ أحلامَها وكرامتَها، نشواتُ الرقصِ الصاهلةِ بقربِ رأسِ السماء، الارتفاعُ للذرى، وقطفُ النجومِ؛ سُبختْ كلها على الوحل، إنغرز في لحومِها شوكُ الحظائر، دخلتْ المقابضُ والحدائدُ بين عظامِها ولحمِها، ظهرتْ المسكنةُ عليها، خَضعتْ، ذُلت، سَكنتْ، إرتعبت من كلِ ماهو في الوجود.