أنت هنا

$3.99
بورتريه قصاب

بورتريه قصاب

0
لا توجد اصوات

الموضوع:

تاريخ النشر:

2017

isbn:

978-9933-580-37-7
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كتاب "بورتريه قصاب" ،تأليف عبد الله خليفة ، والذي صدر عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب : .

حين صحوتُ مرةً في الجزيرة الحالمة كنتُ أشعر بالارتياح رغم أنها تحيطُ بنا كالقيد.

جلستُ وتساءلتُ إذا ما كنا في رحلةٍ مدرسية؟!

لولا وجه جعفر المتجهم قريبي في الأسرة الخشبية لضحكت!

كانت ملامحُهُ تعيدني للحلمِ المفزعِ الذي غادرني.

كنتُ وجعفر القصاب من حي واحد.

لم يبق من الحي سوى بضعةِ جذور لأشجارٍ مقطوعة. تحول إلى أزقةٍ مكتظةٍ ملأى بالناس والزحام والعربات. ظلت صورُ الحي تناوش روحي. أتقلبُ في الحلم وأراها. حشودٌ من الأشجار. صفوفٌ من نخلاتٍ طوال، وأبسطة خضراء، ودغل كثيف نذهلُ كيف زُرع وإنتشر وصارَ مكاناً للمتوارين والعشاق؟

كان يُطلقُ عليها "الباخشة".

وفي زاويةٍ ثمة عريش واسع تجثمُّ فيه أبقارٌ وثيران، هناك حيث الرائحة الزنخة، والكروش، والقرون. هناك يبحثُ الصِبيةٌ عن أشياء تُؤخذ وتباع.

هناك رأيت جعفر صبياً سميناً يضع حبلاً وسط بطنه، وتتدلى سكينٌ عريضة ذات شفرة حادة.

رأيتُهُ وهو قرب الذبيحة المعلقة، وثوبه ملطخ بالدم، يغرزُ سكينَهُ ويتغلغل في اللحم!

حين نأخذُ شكلَ جعفر عبر الزمن لن نجدَ فيه تغيراً كبيراً، فهو نفس الفتى القصير السمين ذي الكرش. في الزمن الأول كانت لديه طاقة وحيوية كبيرتين، لكن بعد ذلك تهدلَّ وجههُ خاصة، ورغم محاولاته الكثيرة بإنقاصِ وزنه لكن شهيته كانت أقوى.

حاولتُ أن أرسمَهُ بألوانٍ لكن في السجن كانت تنقصنا الكثيرُ من الأدوات. فعكفتُ على إسكتشات بالقلم الرصاص بلقطاتٍ تمثلُ محاولاتهِ للزرعِ بين الزنزانات، وإصراره على إنتاجِ خضار كانت ظروفها مستحيلة، فالنبتاتُ تظهرُ ببطءٍ وتقف عند مستوى معين لكنها لا تكبرُ ولا تثمرُ إلا إذا كانت فجلاً يكون شديد الحرارة! وتبدو محاولاتُهُ للاعتناءِ بها كل يوم مصدراً للفرجة والتسلية من قبل الآخرين.

أو تمثل تلك التخطيطات حركته في الـ"Fines" عاكفاً على جلب الماء، باحثاً عن بذور، أو قارئاً بعض الكتب المسلية، وهو لا يتكلم كثيراً، ربما لأن اللغةَ صعبةُ الظهورِ والتدفق من فمهِ وروحه، أو أن الأفكارَ لا تتشكلُ بقوةٍ ولا تنمو في عقله.