أزمار

كانت عصاه تهزأ من العمر الثقيل المتكىء على نحافتها وهي تقرع الرصيف البحري قرعاً رتيباً ينتهي باستراحةٍ على المقعد الإسمنتي، لتصبح سنداً لذقنٍ أشيب لمعت فوقه عينان زرقاوان تعلقت في شبكتيهما أعوامهما السبعون.
من لا يعرف العم أبا رزق الله حارس الكورنيش البحري؟!
أبا الجيوب الوارمة بأصناف الملبّس يوزعها على الأطفال المتنزهين برفقة ذويهم. بقي صوت يُسمع في أذنيه وكأنه مثقلٌ بطعم المرسبان على لسانها، عندما صدمت يداها عصاه وزحلقتها على الرصيف ليتقاذفها أترابها يلهون بعصا الزمن ويرفعونها فوق موج البحر مهللين هاربين.
يداها الصغيرتان تمسكان برجليه ويده العتيقة على رأسها تتلمس شقاوة الطفولة بأبوة السماح والتبني.
طريق العودة من دون وقع عصا أبي رزق الله وتسابق أقدامٍ على الرصيف بين آتٍ وذاهب، ترسم الحكاية وتملأ الأيام.