أنت هنا

قراءة كتاب مدينة الله

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مدينة الله

مدينة الله

  "مدينة الله" رواية الروائي والقاص الفلسطيني الدكتور حسن حمي، عن منشورات المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، ومن غير القدس يمكن أن تكون مدينة الله؟!

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
هنا، وقد رأيت جمال الصبايا يسيل مثل العسل من أقراص الشمع، تذكرت الحكاية التي قصصتها عليَّ، حكاية البنت سلوان التي أعطت النبعة اسمها، كما أعطت المكان روحها·· أذكر أنك قلت لي·· إن القدس كانت حوضة ماء بين عديد من الجبال المحيطة بها، الجبال التي تبدو حين تنظر إليها أشبه بالكفوف الحاضنة لحوضة الماء الصافي·· وإن الماء هو الذي أنبت البيوت، والأشجار، والأعشاب، وهو الذي شقَّ حاراتها، وهو من سيّج شبابيكها بنباتات الحبق والريحان، وهو الذي وزّع الدوالي المعرشة فوق عتبات البيوت، وهو الذي فرش الحصى بكفه العريضة دروباً وساحات·· وحين نهضت البيوت، والأشجار، وبدت الدروب والشوارع، انحسر الماء وغار·· ولم يبقَ من شاهد على وجوده سوى حوضة النبع الرطيبة التي ساهرها الناس لتعود بمائها·· كي تصفو الحياة، وخاف الناسُ العطش، والجفاف·· فكان أن انتدبت أجمل صبايا القدس نفسها، واسمها سلوان، كي تبيت كل ليلة قرب حوضة النبع تدعو وترجو السماء لتملأ بيدها الرحيمة حوضة النبع بالماء الزلال·· وكان لها ذلك في ليلة يضيئها قمران، قمر يجول في السماء، وقمر يجثو جثوة العابد قرب حوضة الماء·· وتعالى الماء حتى طفح، فابتلَّ ثوب سلوان، ابتل جسدها، فتنبهت وقد رأت الماء يتعالى كالأناشيد·· فأرادت أن تشكر السماء·· فدخلت الحوضة·· وأسلمت جسدها للماء·· وما إن طلع الصبح حتى ابتهج الناس، وقد رأوا السواقي ملأى، والطيور تحوّم تحويمات الجذل، والعتبات مغسولة لامعة·· ولم تكن غصة سوى افتقاد سلوان·· التي طفا جسدها فوق صفحة الماء·· مثل ورقة لا لون لها سوى لون الذهب·· وحولها تساقطت وطفت أوراق الورد، والغار، والطيون، والزيزفون·· فغطت جسدها الذي لم يبن منه سوى وجهها الذي استدار حتى صار هالة تشبه هالة القمر·
 
بلى، أكاد أرى جسد سلوان طافياً الآن فوق سرير النبعة·· هو الذي يضيء الماء، وهو من يعطي للحصى لونه الذهبي الشفيف<·
 
ملحوظة:
 
حمدت الله لا لأنني لم أر البغال هنا، ولا أصحابها·· وحسب، وإنما لأن هذا المشهد الجميل·· لا يحتمل وطء البغال، ولا نهر أصحابها·· الثقال· أرجوك اكتب إليَّ، فأنا بحاجة لروحك كي ترافقنـي·

الصفحات