أنت هنا

قراءة كتاب مدينة الله

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مدينة الله

مدينة الله

  "مدينة الله" رواية الروائي والقاص الفلسطيني الدكتور حسن حمي، عن منشورات المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، ومن غير القدس يمكن أن تكون مدينة الله؟!

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
لكأن النتوءات استحالت هنا إلى بستان· أسمع الحوذي جو يقول لي: هنا فوق هذه المصطبة، هنا بالضبط، جلس سيدنا، وحوله تحلق المريدون، وبدأ يعظ، كان المكان ضيقاً جداً، والهواء ثقيلاً، والأشواك والأتربة والحجارة تداهمهم·· وعندما نطق سيدنا قولته أيها الفقراء تعالوا إليَّ·· تعالى هدير أصوات الناس المنادية·· سيدنا سيدنا·· فذعر المريدون، وخافوا من أن يدهمهم الناس إذا ما دخلوا، فالمكان يضيق عليهم·· الوحيد الذي كان مطمئناً باسماً هو سيدنا·· الذي رفع يده وأشار للناس أن ادخلوا·· انظر هنا، هنا تماماً·· أرأيت هذه هي ذراع سيدنا، وهذه كفه، انظر كيف ارتسمتا على الصخر· أرأيت· فأهزّ له رأسي مؤكداً، فعلاً هذه ذراع ناحلة، وكف أكثر نحولة، وقد بدت أصابعها الوردية الطوال محفورة مثل أعواد الخيزران·· وأضاف الحوذي جو: ودخل الناس يحملون مرضاهم، واشتدَّ الزحام·· لكن المغارة اتسعت لهم جميعاً· جدرانها تباعدت، وسقفها علا وانشق لأن رجالاً دلّوا من السقف مفلوجاً مشدوداً إلى سريره فأوقفه سيدنا في هواء السقف، قبل أن يصل إليه، وقال له: خذ سريرك وامش· فقام ومشى وأخذ سريره· انظر إلى السقف، هنا، ليس هنا، بل هنا ·· أترى السرير، والمريض· فأهزّ له رأسي ثانية، فعلاً أراهما، ويقودني خطوة أبعد، ويقول لي موضحاً: انظر هنا، هذا هو الرجل يمشي، وهذا السرير خلفه·· انظر جيداً، تمعن· فعلاً الصورة واضحة، فالرجل يمشي والسرير يتبعه· وحين دنا الغروب خاطب سيدنا الناس: هيّا اذهبوا، ودعوا متاعبكم لديَّ·· فمضوا، ومضى هو نحو النهر المقدس·· تاركاً المغارة تشدّ على سعتها ورحابتها وأضوائها·· وصور ناسها·· باليدين·
 
ويستدير الحوذي جو، فأستدير، نظل نطوف داخل المغارة طويلاً، فكلما أراد الحوذي جو إخراجي، أرجوه أن يمهلني بعض الوقت لأنني أشعر بأنني لم أر شيئاً بعد، فيوافقني، أمر بما أراه مرات ومرات، فلا أراه كما رأيته، لكأن كل شيء هنا يتحرك، ويدور·· أسمع الحوذي جو يقول لي: إنني خائف عليك· تعال· فأستجيب له· أراه يخرج من المغارة، فأخرج خلفه ·· وحين صعدت إلى العربة، قلت له بهلع: انتظر، نسيت قلبي داخل المغارة· فنظر إليَّ مبتسماً وقال: وأنا كذلك!! ومشت العربة، فحفّ بنا اصطفاق أوراق الأشجار موسيقى لا أصفى منها ولا أحن<·
 
ملحوظة:
 
لعلك زرت هذه المغارة· أخبرني أرجوك· كي لا أظل صوتاً مفرداً في البرية·

الصفحات