أنت هنا

قراءة كتاب مدن فاتنة وهواء طائش

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مدن فاتنة وهواء طائش

مدن فاتنة وهواء طائش

في كتاب "مدن فاتنة وهواء طائش"، أخذنا محمّد إلى بيته. قاد سيارته في الشارع المتعرّج بسرعة زائدة، أو هكذا خيّل لي، ما جعلني متوجساً طوال الوقت. (ستتكرر هذه السرعة في الأيام التالية، سيجدها محمد أمرا عاديا، سأجدها امرا مربكا. هذا الإيقاع السريع يربكني!

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3
-3-
 
ها أنذا أدخلها وأحاول التعرف إليها عن قرب·
 
عبر التعرف إلى المدينة تزداد ثقتي بنفسي، أشعر بأنني مقبل على مفاجآت غير قليلة في الحياة· أبي يحفظ حكمة لا أدري أين عثر عليها: كلّ من جدَّ وجد· لم يكن يقصد بذلك ركوب الدراجات في شوارع المدينة· يقصد المداومة المستمرة على قراءة كتبي المدرسية وعدم الالتفات إلى أي شيء آخر سواها· اعتدت على تفسير حكمة أبي على هواي، من دون أن أناقشه في الأمر لأنه لا يحتمل النقاش·
 
ثمة سيارات من مختلف الأشكال والألوان تغدو وتروح في الشوارع· بين لحظة وأخرى تنطلق أبواق بعضها، مدوية لأي سبب، قد يكون ذلك مزعجاً للراغبين في الهدوء التام، لكنني اعتبرته واحداً من العناصر التي تميز المدينة عن القرية، ولم يكن يسبب لي أي إزعاج، بل إنني كنت أستمتع في زمن سابق حينما أتمكن من التسلل إلى داخل سيارة متوقفة لسبب ما، أضغط على عجلة القيادة، حيث مركزها تماماً، فيصدر من ثم، ذلك الصوت المنغّم المحبوك·
 
ثمة نساء ورجال يسيرون فوق الأرصفة، نساء من النوعية نفسها التي كنت أراها ذاهبة إلى الكروم، ونساء بملابس تقليدية، نساء كبيرات في السن تقريباً، يتهادين فوق الأرصفة أو يظهرن في النوافذ وعند أبواب البيوت· ثمة صبايا من النوع الذي تهفو نفسي إليه، يقفن بدلال خلف درابزين الشرفات· اجتهدت في إرسال نظرات مشبوبة متماهية مع سلوك أبطال الروايات التي أقرأها، غير أن نظراتي المشبوبة لم تجد أية فتاة تتجاوب معها· أواصل السير في شوارع المدينة مع أبناء عمومتي الذين يتلفتون مثلي في كل اتجاه·
 
للمدينة سحرها الخاص، سحر يتسلل بخفة إلى قلبي ويملأ حواسي·
 
ليست المدينة مزدحمة بالخلق، وهذا أمر أشعرني بالألفة معها منذ اللحظة الأولى· إنها مدينة صغيرة لا تعقيد فيها ولا اضطراب· يبدو عليها أنها مكتفية بنسائها ورجالها، وبمن يأتيها من القرى المجاورة من رجال ونساء· يأتونها للعمل وللبيع والشراء، أو لمجرد التمتع بزيارتها والتردد على مطاعمها ومقاهيها· (بعد حصولي مباشرة على الشهادة الثانوية العامة، سأعمل مدرساً في إحدى القرى التابعة للمدينة، أكتب قصة (الفتى الريفي) التي أتحدث فيها عن زيارة قام بها أحد فتيان القرية إلى رام الله خفية عن أبيه· كان الفتى واحداً من تلاميذي في المدرسة· استوحيت قصتي من زيارته للمدينة، لم يرق له الأمر، لأنه لا يرغب في أن يكون بطلاً لقصة يقرأها الناس)
 
رحنا نبحث عن محل لتأجير الدراجات الهوائية·

الصفحات