أنت هنا

قراءة كتاب مدن فاتنة وهواء طائش

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مدن فاتنة وهواء طائش

مدن فاتنة وهواء طائش

في كتاب "مدن فاتنة وهواء طائش"، أخذنا محمّد إلى بيته. قاد سيارته في الشارع المتعرّج بسرعة زائدة، أو هكذا خيّل لي، ما جعلني متوجساً طوال الوقت. (ستتكرر هذه السرعة في الأيام التالية، سيجدها محمد أمرا عاديا، سأجدها امرا مربكا. هذا الإيقاع السريع يربكني!

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
انصب اهتمامي كله على ركوب دراجة هوائية في شوارع رام الله· شعرت أن ذلك يكفيني ويحقق لي متعة لا أطمح إلى ما هو أكثر منها في اللحظات الأولى لانطلاقتي في المدينة· ويبدو أن ذلك أنساني -مؤقتاً- فكرة الاستمرار في التماهي مع أبطال محمد عبد الحليم عبد الله، أو ربما شعرت أن وجود أبناء عمومتي معي، سيحد من التعبير عن رغبتي في التعرف إلى فتاة أقع في حبها وتقع في حبي· ربما أدركت أنني بحاجة إلى توفير مستلزمات أخرى، مثل تلك التي توفرت لأبطال عبد الحليم عبد الله: وظيفة، بيت مستأجر في حي مكتظ بالجيران، عمر مناسب تعقبه احتمالات الحب والزواج، أو احتمالات الدخول في أزمة ثقة مع الحبيبة، تدمر هذا الحب· إذاً، ثمة مستلزمات! كنت قليل التجربة، ما زلت أحمل في قلبي لوعة الإخفاق التي سببتها لي فتاة في القدس! لذلك، انصرفت بكل جوارحي إلى ركوب الدراجات·
 
اجتزنا ميدان المغتربين، مشينا قليلاً في الشارع الذي يمضي نحو مدرسة رام الله الثانوية، هناك عثرنا على المحل المنشود· شاهدنا الدراجات الهوائية مركونة بانتظام مثير فوق حيطان المحل، استأجر كل واحد منا، نحن الأربعة، دراجة هوائية· مضينا نعبر فوق الدراجات شوارع المدينة، بخاصة تلك التي لا تشهد حركة سير نشطة، مضينا في الشارع الموصل إلى المدرسة الثانوية، شارع جميل تحف به الأشجار، يتمشى فيه أناس من أهل المدينة، خصوصاً الصفوة المثقفة منهم بملابسها الحديثة المميزة التي تنم عن بسطة في العيش·
 
نقود الدراجات في المرة الأولى بحذر، لا نبتعد من بعضنا بعضاً إلا ما ندر·
 
في مرات لاحقة، صرنا نتوغل على نحو أكثر اندفاعاً في شوارع المدينة· ندخل ميدان المغتربين، نتجه نحو دوار المنارة، ننطلق في شارع الإرسال الذي تحف به هو الآخر أشجار لم يبق منها الآن إلا القليل القليل· نجوب الشارع نفسه عائدين في اتجاه المنارة، ندخل الشارع الرئيس المؤدي إلى سينما دنيا، نكاد نقترب ونحن على الدراجات من الطريق الترابي المؤدي إلى الطيرة، ثم نعود مرة أخرى إلى سينما دنيا، وإلى ميدان المغتربين، ومن هناك إلى الشارع الذي يهبط في اتجاه قرية بيتونيا· نجتاز الشارع الذي تتجاور من حوله بنايات لها أسطحة من قرميد، حولها بساتين محاطة بأسوار أو (سناسل) نظل منطلقين فوق الدراجات حتى تخوم القرية ثم نعود إلى قلب المدينة، نسلم الدراجات إلى صاحب المحل بعد انقضاء الوقت المتفق عليه، ومن ثم نمضي إلى خيام ورشة أبي فرحين، لا يعكر صفونا سوى هدير الطائرات التي تخترق فضاء رام الله متجهة نحو الشرق·

الصفحات