أنت هنا

قراءة كتاب تفسير الأحلام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تفسير الأحلام

تفسير الأحلام

(اعلم) وفقك الله أن مما يحتاج إليه المبتدئ أن يعلم أن جميع ما يرى في المنام على قسمين، فقسم من الله تعالى وقسم من الشيطان، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا من الله والحلم من الشيطان" والمضاف إلى الله تعالى من ذلك هو الصالح، وإن كان جميعه أي الصادقة و

تقييمك:
4.1695
Average: 4.2 (59 votes)
المؤلف:
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 3
وبذلك يوصل إلى فوائد الزوائد وعوائدها
 
وربما رأى الإنسان الشيء فعاد تأويله إلى شقيقه أو ربيبه أو سميه أو نسيبه أو صديقه أو جاره أو شبهه في فن من الفنون، وإنما يشرك بين الناس في الرؤيا بوجهين من هذه الأسباب: كمن يتفق معه في النسب الواحد كشقيقه لاشتراكه معه في الأبوة والنسب والبطن، وكسميه وجاره ونظيره. فلا تصح الشركة إلا بوجهين فصاعدا
 
وليس تنقل الرؤيا أبدا برأسها عمن رئيت له ألا [؟؟] تليق به معانيها ولا يمكن أن ينال مثله موجبها ولا أن ينزل به دليلها أو يكون شريكه فيها أحق بها منه بدليل يرى عليه وشاهد في اليقظة والنظر يزيد عليه، كدلالة الموت لا تنقل عن صاحبها إلا أن يكون سليم الجسم في اليقظة وشريكه مريضا فيكون لمرضه أولى بها منه لدنوه من الموت واشتراكه معه في التأويل
 
فلذلك يحتاج العابر إلى أن يكون كما وصف أدبيا ذكيا فطنا نقيا عارفا بحالات الناس وشمائلهم وأقدارهم وهيئاتهم، يراعي ما تتبدل مرائيه وتتغير فيه عادته، عند الشتاء إذا ارتحل ومع الصيف إذا دخل، عارفا بالأزمنة وأمطارها ونفعها ومضارها، وبأوقات ركوب البحار وأوقات ارتجاجها، وعادة البلدان وأهلها وخواصها وما يناسب كل بلدة وما يجيء من ناحيتها، كقول الفتى في الجاورس ربما دل على قدوم غائب من اليمن لأن شطر اسمه جار الورس لا يكون إلا من اليمن، عرافا بتفصيل المنامات الخاصية من العامية فيما يراه الإنسان
 
والمرئيات التي تجتمع العالم والخلق في نفعها كالسماء والشمس والقمر والكواكب والمطر والريح والجوامع والرحاب، فما رآه في منامه من هذه الأشياء خاليا فيه مستبدا به أو رآه في بيته فهو له في خاصيته
 
وقد قالت القدماء من غلبت عليه السوداء رأى الأحداث والسواد والأهوال والأفزاع، وإن غلبت عليه الصفراء رأى النار والمصابيح والدم أو المعصفر، وإن غلب عليه الدم رأى الشراب والرياحين والعزف والصفق والمزامير
 
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الرؤيا ثلاثة فرؤيا بشرى من الله تعالى ورؤيا من الشيطان، ورؤيا يحدث بها الإنسان نفسه فيراها"
 
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ذهبت النبوات وبقيت المبشرات"، وقد قال بعض المفسرين في قوله عز وجل {لهم البشرى في الحياة الدنيا} قال هي الرؤيا الصالحة
 
وقيل إن العبد إذا نام وهو ساجد يقول ربنا عز وجل انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي
 
وروي عن أبي الدرداء قال: إذا نام الرجل عرج بروحه إلى السماء حتى يؤتى بها العرش فإن كان طاهرا أذن لها بالسجود وإن كان جنبا لم يؤذن لها في السجود
 
وقد اختلف الناس في النفس والروح فقال بعضهم هما شيء واحد مسمى باسمين كما يقال إنسان ورجل وهما الدم أو متصلا بالدم يبطلان بذهابه. والدليل على ذلك أن الميت لا يفقد من جسمه إلا دمه، واحتجوا لذلك أيضا من اللغة بقول العرب نفست المرأة، إذا حاضت ونفست من النفس، وبقولهم للمرأة عند ولادتها نفساء لسيلان النفس وهو الدم، وربما لم يزل جاريا على ألسنة الناس من قولهم سالت نفسه إذا مات. قال أوس بن حجر نبئت أن بنى سحيم أدخلوا أبياتهم تامور نفس المنذر والتامور الدم أراد قتلوه فأضاف الدم إلى النفس لاتصالها به.
 
وقال آخرون هما شيئان فالروح باردة والنفس حارة، ولهذا النفخ يكون من الروح ولذلك تراه باردا بخلاف النفس من النفس فإنه سخين. وسمَّت العرب النفخ روحا لأنه من الروح، يكون على مذهبهم في تسمية الشيء بما كان متصلا به وسببا، فيقول للنبات ندى لأنه بالندى يكون، ويقولون للمطر سماء لأنه من السماء ينزل، قال ذو الرمة لقادح نار:
 
فقلت له ارفعها إليك وأحيها * بروحك واجعلها لها قنية قدرا
 
يريد أحيها بنفخك. وانشد بعض البغداديين:
 
وغلام أرسلته أمه * بأشاحين وعقد من ملح
 
تبتغي الروح فأسعفنا بها * وشفاء ماء عين في قدح
 
وهذه امرأة استرقت لولدها فابتغت الروح أي في نفخ الراقي إذا نفث في ماء من ماء العيون، وأخذوا النفس من النفس وقالوا للنفس نسمة، يقال على فلان عتق نسمة أي عتق نفس
 
والله عز وجل يقول:{ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}
 
وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن الروح روح الحياة في هذه المواضع، وذهب بعض المفسرين إلى أنه ملك من الملائكة يقوم صفا وتقوم الملائكة صفا، فإن كان الأمر على ما ذكر الأولون فكيف يتعاطى علم شيء استأثر الله عز وجل به ولم يطلع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد امتحن بالسؤال عنه ليكون له شاهدا ولنبوته علما؟
 
(يتبع...)

الصفحات