أنت هنا

قراءة كتاب الأكراد حقائق ووقائع عبر التاريخ - الجزء الثامن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأكراد حقائق ووقائع عبر التاريخ - الجزء الثامن

الأكراد حقائق ووقائع عبر التاريخ - الجزء الثامن

كتاب " الأكراد حقائق ووقائع عبر التاريخ - الجزء الثامن " ، تأليف د.عبد العزيز المفتي ، والذي صدر عن دار آمنة للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

إضافة إلى جانب آخر من مشكلة المؤلف (المعقدة) هو كيفية الاطمئنان إلى مصداقية المصادر؟ والتي قد يكون قسما كبيرا منها يتصف بالتطرف وفقا لغايات من أعدها؟، كبريطانيون أو روسيون أو أكرادا أو عربا وغيرهم، وحتى في موضوع التسميات التي تطلق على المنطقة والعراق، فالمصادر التي تعتمد تسميات الإغريق تسمي العراق (بلاد ما بين النهرين) وهي منطقة غير محددة جيدا، مما يظن البعض منا بالمقارنة أن أسم (العراق ذو دلالة حديثة)، وزعم من زعم بأن البريطانيين قد صنعوا وطننا يدعى (العراق) عام 1920 ؟، في حين أن قسما كبيرا من المصادر الأخرى تشير إلى العراق كجغرافية وتاريخ إنساني منذ العهد السومري، ولهم حججهم ،وما أنعكس ذلك قديما في تسمية أحد أركان الكعبة المشرفة (الركن العراقي) وذلك قبل آلاف من السنين، ومنهم ما يثبت بأن العراق كان عراقان أحدهما عربي والآخر أعجمي أو كردي؟ وعليه تتطلب من مؤلف كتابنا هذا الكثير من الدقة والمراجعة كل حين.

إن معظم ما دارت عليه حوادث هذا الكتاب ترجع إلى منطقة أعالي ما بين النهرين (كردستان الشمالية) حتى شمالي العراق (كردستان الجنوبية) كما ذكرتها معظم مصادر كتابنا هذا، وهي تقع ما بين بحيرة (وان) في تركيا، وبحيرة (أورمية) في أذربيجان الإيرانية، والمناطق العراقية الشمالية المحاذية لجبال (حكاري) والتي كانت تتبع العراق سكانيا وتاريخيا حتى الحرب العالمية الأولى، إذ ضمت إلى تركيا فيما بعد وفق اتفاقية (لوزان)، هذا المثلث عرف تاريخيا في المصادر العربية والسريانية بـ (إقليم الجزيرة)، ويمتد غربا حتى نهر الفرات في سوريا، وضم جنوبا المدن العراقية المعروفة مثل ( أربع إلو- الألهة الأربعة ) أي (اربيل) و(نوهدرا) أي (دهوك) و(الموصل) و(كركوك) و(تكريت)، وبعد الاحتلال العثماني لمنطقة أعالي ما بين النهرين نظمت هذه المناطق أداريا باسم (ولاية الموصل)، وحسنا فعل المؤلف من تخصيص فصلا كاملا عن (ولاية الموصل). وقد شكل الكلد وآشوريون (السريان) و(اليزيديون) و(الأرمن ) و(الكرد ) و(العرب) المكونات الاجتماعية لولاية الموصل هذه، ثم أضيف إلى أقوام الجزيرة (التركمان) الذين استقروا في كركوك وشكلوا أغلبية في مركزها منذ أكثر من ثلاثة قرون، إضافة إلى بعض المناطق في أربيل وأطراف الموصل، ثم ازدادت نسبة الأكراد في المنطقة هذه حين نزحت قبائل كردية عديدة من كردستان بلاد فارس، والتي قدمت إلى المنطقة بتشجيع ودعوة من العثمانيين بعد وقوف الأكراد إلى جانبهم ضد الفرس في معركة (جالدإيران الشهيرة سنة 1514)، كمـــــا جــــــاء في عدد من المصادر ضمنها كان كتاب بعنوان (عند منابع دجلــــــة) لمؤلفه الروسي (سي . ف . فيغن)، مما يثير العديد من النقاشات الحادة في موضوع كتابنا هذا ألا وهو النسيج الاجتماعي المتعدد المصادر في بيئة جغرافية معقدة جدا، كونها مناطق جبلية منعزلة حضاريا لافتقارها إلى الأدنى من طرق المواصلات ومصادر الاتصالات، وقد اختلفت الادعاءات حول أحقية أي الأقوام فيها حتى يومنا هذا؟، فمنها ما يرجع تلك الأحقية إلى الأقوام الكلد وآشوريين ومنها إلى الأقوام الكردية.

في حين أن تطور المشكلة الكردية وقد زاد من تعقيداتها تلك الحقائق والخصائص التاريخية والجغرافية والاجتماعية العراقية التي تكاد تكون حالة نادرة في طبيعة تكوين الوطن العراقي ضمن إقليمه، وإذا ما أضفنا لذلك، الكم الكبير من ترسبات الثقافات والمعتقدات والمفاهيم العديدة والمختلفة في مجتمعنا عبر التاريخ الطويل جدا للعراق والتي أنتجت ثقافة اجتماعية عراقية جانبها المظلم قد يكون أوسع بكثير من جانبها المضيء، وكنتائج أيضا لجملة من احتلالات متبادلة للعراق لقوى إقليمية شرقية وشمالية ودولية مما جعل النتائج السياسية والاجتماعية في عراق اليوم أكثر تعقيدا، علاوة على ذلك أن الله سبحانه وتعالى لم يقدر للعراق قيادات وطنية قادمة من المستقبل تستوعب إفرازات الماضي وحقائق الواقع وترصين مقومات للنجاح نحو مستقبل زاهر يشمل العراقيين في عراق يكفي العراقيين جميعا لغياب الحكمة خلال المائة عام المنصرمة، مما يجعل اليوم من عملية فرز الحقائق وتعقيب الحوادث بدراسات علمية معمقة بعيدا عن العواطف القومية والدينية الساذجة أمرا صعبا، بل تدخل العاملين عليها في دهاليز الشكوك الظالمة والأحكام المطلقة والمسبقة .

وبالتأكيد أن حركة الزمن وما تعصف به من مفاهيم وأيديولوجيات تكون متباينة حسب التطور الحضاري للأمم والشعوب، بالوقت الذي انتهت المراحل الدينية والقومية منذ زمن بعيد في الشعوب الأوربية بعدما خلفت ورائها الكثير من الحروب والكوارث، وقد اتجهت بعدها إلى المستقبل في تعاون اقتصادي دولي ضمن دول ذات صبغة وطنية تجمع كل التنوعات الدينية والعرقية، في حين بدأت في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية منذ بداية القرن العشرين، موجات عنيفة من الروح القومية حتى انتهت بفواجع ومآسي عديدة للعرب إبتداءا من عام 1967 وانتهاءً باحتلال العراق عام 2003 فانهارت هذه الأيديولوجية وخارت قدراتها الفكرية والأقناعية وبطل سحرها وتلاشت تدريجيا من الذاكرة حتى صور قيادات منها صورتي جمال عبد الناصر وصدام حسين، ورافق ذلك انهيار أيديولوجيات أممية كالماركسية الشيوعية ،لكن من الملفت للانتباه انبثاق أيديولوجيات قومية قوية في صفوف المجتمع الكردي، وقد يرى البعض منهم اليوم القائد الكردي مسعود البرزاني يمثل جمال عبد الناصر الأكراد قاطبة؟ وقد رافق ذلك بروز أيضا أيديولوجيات دينية في صفوف المجتمع العربي شيعية متأثرة بالفكر الثوري الإيراني وسنية متأثرة بفكر الأخوان المسلمين وما أطلق عليها جزافا (الربيع العربي) تشبها بالربيع الأوربي لعام 1848، مما أنعكس ذلك على سياق هذا الكتاب الذي ركز كثيرا على النزعة القومية الكردية ،ولقد حاول المؤلف الوصول إلى قناعات تفضي إلى أعادة تشكيل (كردستان الجنوبية – شمالي العراق) لتكون أساسا لتشكيل (كردستان الكبرى )لتشمل جميع الأكراد ومناطقهم الحالية في إقليم الشرق الأوسط، وقد وجد المؤلف مؤتمر القاهرة لعام 1921 برئاسة السياسي البريطاني الشهير (ونستن تشرتشل) منعطفا أساسيا في ضياع فرصة تشكيل (دولة كردستان) مما أفرد له فصلا كاملا فيه الكثير من التفصيل.

سواء اتفقنا أم لم نتفق مع مؤلف كتابنا هذا، ألا أن هذا الكتاب يمثل موسوعة كبيرة (خزين مصادر مهمة) لحقيقة الأكراد وتاريخ حوادثهم، وقد بذل مؤلفه جهودا كبيرة جدا في أعداده، إضافة للكلف المادية العالية نسبيا من شراء المصادر ومتطلبات التوثيق والطباعة وما رافقها من مشكلات في التصحيح والترتيب، مما يجعل هذا الكتاب جديرا بالقراءة والاستفادة منه ليس للأكراد فحسب بل لكل العراقيين والمتابعين والدارسين للقضية الكردية ولتاريخ العراق الحديث، مع أمنياتي الخالصة لمؤلفه بالتوفيق لتحقيق غاية هذا الجهد العظيم.

الفريق الركن (المتقاعد)

رعد الحمداني

1/12/2012

الصفحات