كتاب " العراق والتحالف الغربي 1991 - 2003 " ، تأليف د. عماد هادي علو الربيعي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب العراق والتحالف الغربي 1991 - 2003
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

العراق والتحالف الغربي 1991 - 2003
وفي 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 1920، وضعت عصبة الأمم العراق تحت الانتداب البريطاني (10)، وبذلك ظهر العراق ككيان سياسي وجغرافي معترف به دوليا" لأول مرة في التاريخ المعاصر، مكون من ثلاث ولايات عثمانية سابقة هي بغداد والبصرة والموصل. وصارت بغداد عاصمة الدولة العراقية الجديدة ومركز إدارة الانتداب (الاستعمار) البريطاني في البلاد، وقد قامت القوات المسلحة البريطانية بقمع الثورات العراقية ضد الاحتلال، وكان من أبرز هذه الثورات: الثورة العراقية الكبرى التي قامت بها العشائر العراقية ضد الاحتلال البريطاني في حزيران من عام 1920، التي سميت ثورة العشرين، وكان من النتائج المهمة التي تمخضت عنها الثورة هي تنظيم العلاقات العراقية البريطانية على أسس تعاهديه. ففي 26 تشرين الأول عام 1921، أعلن برسي كوكس عن تشكيل حكومة مؤقتةبرئاسة نقيب أشراف بغداد (عبد الرحمن الكيلاني)، وشغل الموظفون البريطانيون مراكز استشارية حيث أصبحوا مستشارين للوزراء العراقيين(11). وبذلك وضع الحجر الأساس لقيام الحكومة العراقية، التي كانت البذرة الأول ى في مسيرة الدولة العراقية الحديثة (12).
وقررت الحكومة العراقية الانتقالية في 11 تموز 1921 اعلان فيصل بن الحسين ملكاً على العراق على ان تكون حكومته دستورية ممثلة لكل أبناء الشعب وتنهج الديمقراطية. وتوج فيصل رسمياً ملكاً في 23 آب 1921. وأقر الدستور العراقي في 21 آذار 1925(13).
ولقد كبلت بريطانيا العراق بقيود كبيرة بعدة معاهدات كبلت العراق وأصبحت مقدرات العراق بموجب هذه المعاهدات تحت سيطرة بريطانيا (14). وفي عام 1929أعلمت المملكة المتحدة العراق أنها سوف تمنحه الاستقلال عام 1932، اذا ما وقع معاهدة جديدة معها في 30حزيران 1930(15)، منحت فيها المملكة المتحدة لنفسها قواعد عسكرية جوية لقطعاتها قرب البصرة وفي منطقة الحبانية قرب الفرات، وتكون نافذة حال دخول العراق إلى عصبة الأمم في 3 تشرين الأول 1932 قبل العراق في عصبة الأمم كدولة مستقلة.
وكان للنفط الدور الكبير في توجيه سياسة بريطانيا نحو العراق ومحاولة بريطانيا الانفراد بالعراق وعدم ادخال أي شريك لها في خيراته، من خلال سيطرتها المطلقة عليه والزام العراق بقبول المعاهدات التي كانت تفرضها على العراق ابتداءً من معاهدة 1922 حتى معاهدة 1930 وبذلك استطاعت بريطانيا ترسيخ نفوذها في العراق فيما بعد عن طريق توجيه الحكومات العراقية المتعاقبة خلال العهد الملكي وفق استراتيجياتها وخدمة لأهدافها الاستعمارية، لجعله تابعاً لها عن طريق السيطرة على الامكانيات الاقتصادية للعراق، وتسخير هذه الامكانيات لخدمة الأغراض البريطانية.
أثرت على الشارع العراقي توجهات الملك غازي الأول 1933 – 1939 الوطنية ومن ثم سياسات وزارة رشيد باشا عالي الكيلاني 1941 المناهضة للاحتلال البريطاني، خصوصا" عندما طالب البريطانيون العراق، بعد قيام الحرب العالمية الثانية 1939 بقطع العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا واعلان الحرب عليها وفقا لبنود معاهدة 1930، وهو ما رفضه الشارع العراقي الذي طالب بإنهاء الوجود البريطاني في العراق والغاء معاهدة 1930، وأدت سلسلة الأحداث الدستورية بين التيار الوطني التحرري والتيار الليبرالي الميال لممالأة بريطانيا، إلى قيام ثورة رشيد عالي الكيلاني أو ما يعرف بثورة مايس 1941. وقامت القوات العسكرية العراقية بتطويق القاعدة البريطانية في الحبانية وفي الثاني من مايس/ ايار 1941 اعلنت الحرب رسميا بين القوات العراقية والبريطانية. فقامت القوات البريطانيةبمهاجمة العراق واعادة احتلاله مرة اخرى واسقاط حكومة رشيد عالي الكيلاني (16). الامر الذي نجم عنه تأزم الوضع الداخلي وتفاقم المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مما اججت مشاعر المعارضة الشعبية للحكم الملكي ورموزه حيث نجم عن ذلك انتهاء الحكم الملكي في العراق في 14 يوليو/ تموز 1958، عندما قاد الجيش العراقي بقيادة عبد الكريم قاسم انقلابا عسكريا"، قتل على اثره الملك فيصل الثاني، وأعلنت الجمهورية، وانتهى بذلك النفوذ والتواجد العسكري البريطاني في قواعد الحبانية والشعيبة. كما أنسحب العراق من حلف بغداد والاتحاد مع الأردن سنة 1959، وفي سنة 1960 أعلن العراق بعد انسحاب بريطانيا من الكويت عن تبعية الأخيرة له.
وفي 8 فبراير/ شباط 1963، قاد حزب البعث انقلابا عسكريا" على عبد الكريم قاسم وأصبح عبد السلام عارف الذي لم يكن بعثياً رئيساً للعراق. الا أنه ما لبث أن قاد انقلابا" عسكريا" في 23 تشرين الثاني 1963ضد حزب البعث وأقصاه من السلطة. وبعد مصرع عبدالسلام عارف سنة 1966 (17)، تولى أخوه عبد الرحمن عارف الرئاسة، ليقصى عنها أثر انقلاب عسكري قاده حزب البعث في 17 يوليو/ تموز 1968، وتولى الرئاسة أحمد حسن البكر، وأمم العراق شركات النفط الغربية سنة 1972، الأمر الذي اثار حفيظة الدول الغربية على العراق. وفي سنة 1979 تولى صدام حسين رئاسة العراق بعد تنازل أحمد حسن البكر عن السلطة.
برز دور العراق على مسرح السياسة الدولية عبر ما يتميز به من تنوع التكوين الاجتماعي والاثني لشعبه الذي يتوزع بين شيعة وسنة، بالإضافة الى الاكراد والتركمان والمسيحيين وغيرهم، ويقع مباشرة وسط القطبين الاسلاميين المتصارعين: القطب الشيعي الايراني والقطب السني السعودي الأمر الذي جعله البلد الوحيد المهيأ جغرافيا وسكانيا، لأن يكون ساحة للصراع بين القطبين المتحاربين وتعميق الشقة في العالم الاسلامي أجمعه بين الشيعة والسنة، وبالتالي البوابة الواسعة التي يمكن الدخول منها الى ترتيب الأوضاع وإعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة بما يخدم مشروع الهيمنة والسيطرة الأمريكي على المنطقة الغنية بالبترول، القائم على التقسيم الطائفي للعالم الاسلامي، وفرض الممارسة الفعلية لهذا الصراع أي بلوغ مرحلة الحرب الدامية بين الطرفين. فكانت الحروب الغربية على العراق منذ سنة 1991، وتزامنت مع اضعاف وخنق العراق حربيا واقتصاديا وبشريا طيلة اعوام التسعينات، الى جانب التأسيس لاندلاع الصراع الطائفي ليس في العراق فحسب بل في منطقة الشرق الاوسط برمتها. وصولا" إلى غزو العراق واحتلاله من قبل قوات التحالف الغربي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في 2003 ، التي جعلت منه ساحة مكشوفة ومثال فاضح لكل المسلمين للصراع الطائفي الدامي المحتدم بين القطبين الشيعي السني، وارضاء لعذابات المسيحيين والصابئة وباقي الجماعات العرقية والدينية. في مسعى واضح لتفكيك الدولة العراقيةالحديثة التي قامت منذ العام 1921، وتدمير بنيتها التحتية(18)، الأمر الذي كانت عواقبه وخيمة على الصعيد الانساني والثقافي.. وتسبب بمقتل اكثر من مليون و (300) ألف مدني عراقي وتدمير البنية التحتية لهذا البلد الجريح (19).