أنت هنا

قراءة كتاب دافيد بن جوريون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دافيد بن جوريون

دافيد بن جوريون

كتاب " دافيد بن جوريون " ، تأليف تهاني سلامة هلسة ، والذي صدر عن دار آمنة للنشر

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

تمهيد

منذ أن نشر مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية كتاب يوميات هرتزل ( سلسلة كتب فلسطينية رقم 10) ، والكثير من المواطنين يسألون المركز لماذا لا ينشر دراسات في قادة الحركة الصهيونية، تلقي أضوءا على الأدوار التي لعبوها، وبعضهم لا يزال يلعبها، في سير الحركة وتطورات أعمالها ومواقفها في مدة السبعين سنة التي مضت على قيامها. هذه الدراسة، عن دايفد بن جوريون، وهي الأولى من مجموعة دراسات يأمل المركز أن يعالج فيها حياة عدد من القادة الصهيونيين، ممن يمثل كل واحد منهم ناحية من التفكير أو العمل تختلف عن الآخر اختلافات أساسية. وقد سبق للمركز أن قدّم عرضا سريعا لحياة ما يزيد على الخمسين من ساسة إسرائيل في كتيب الحياة السياسية في إسرائيل (حقائق وأرقام رقم 9) وحوالي المئتين من علماء إسرائيل في كتيب علماء الطبيعة في إسرائيل ( حقائق وأرقام رقم 13)، كما قدّم دراسة عن فلاديمير جبوتنسكي، زعيم " المنظمة الصهيونية الجديدة" في كتاب "إسرائيل الكبرى" (كتب فلسطينية رقم13).

وقد حرصت مؤلفة الدراسة أن تستقي معلوماتها من الكتابات والمذكرات التي وضعها بن جوريون نفسه. وأسندت مردها التاريخي باقتطاف الكثير من أقواله وأحكامه. ولم تشأ، في معظم الأحيان، أن ترد عليه ولا أن تفنّد أقواله, بقدر ما حرصت على أن تقدمه كما هو.وسأنقل رأيا كتبه الباحث الفلسطيني الدكتور إسحق موسى الحسيني، في دراسة دافيد بن جوريون :

في عرض حياة دافيد بن جوريون عرض للقضية الصهيونية، منذ أواخر القرن التاسع عشر إلي اليوم. وبن جوريون رمز للمطامع الصهيونية ولمنهجها المتلّون تلون الحرباء، تحمّر حينا وتصفّر حينا ولكن طبيعتها ثابتة.

عاش الرجل إلى اليوم اثنين وثمانين عاما، قضى معظمها في خدمة الصهيونية مشاركا في وضع خططها، ومنفذا أهدافها العدوانية التوسعية وكان في جميع مراحل حياته شايلوك يتاجر باللحم والدم، مجمّد العاطفة الإنسانية لا يبالي إلا بمصالح قومه.

إن آفة هذا الرجل أنه يعيش في القرن العشرين بعقلية أربعة آلاف سنة قبل اليوم، مثله الأعلى إبادة شعب بالسيف والنار ليحل محله شعب آخر، لا لذنب ارتكبه إلا أن القدر وضعه في تلك البقعة من العالم التي دخلها العبريون ثم حكموها مدة قصيرة، بالقياس إلي غيرهم من الشعوب.

وإذا كان حقا ما وصلت إليه الباحثة من أن الرجل قدوة للجيل الذي بعده، فيا لنكبة الإنسانية بهذه الأسرة البشرية الصغيره! وإنه لمن نكد الدنيا أن تلاحق الاضطهادات بنى إسرائيل منذ التشرد، بل وهم في داخل الأرض نفسها – إلى منتصف القرن العشرين من قبل شعوب كثيرة وأن يكون مأواهم دوما بلاد العرب حيث يجدون الحماية والرعاية. ثم يكرون بحقدهم على من أحسن إليهم، ورعى ثقافتهم، ونمى تجارتهم. لقد أخذوا المحسن بجريرة المذنب، فارتكبوا إثما عظيما مضاعفا.

ويبدو من هذا البحث أن الرجل مبتلى بعقدة التعالي على البشرية كلها، وهو الابتلاء الذي جر على قومه العذاب. ومع أنه قارئ للكتاب المقدس فإنه أخطأ فهم روحه ومواعظه. فإن إلههم غضب عليهم حين قتلوا الأنبياء وأراقوا الدماء، وفتكوا بالأبرياء، وتنكروا لرسالة السماء، وقد أنذرهم أنبياؤهم، وقرّعهم السيد المسيح عليه السلام وتنبأ بهلاكهم وزوال مدنهم. وكنا نحسب أن التاريخ سيردهم إلى صوابهم ويطهرهم من آثامهم القديمة ليعودوا أمة مؤمنة بالله وبالحق والخير والعدل والمساواة بين البشر.

"إن خلاص اليهود لن يتحقق في فلسطين ولا في أية بقعة على الأرض, إنه يتحقق بتغيير عقليتهم ونفسيتهم تغيرا جدريا يتفق وروح العصر، إذ ليس في هذا الزمن دماء طاهرة ودماء نجسة، شعب ممتاز وشعب منبوذ، سادة وأرقاء، إن فيه أسرة إنسانية من أصل واحد، وفي فلك واحد، تحكمه قوانين طبيعية واحدة.

"ومتى أدرك بن جوريون وأمثاله من الصهيونيين هذه الحقيقة زالت محنتهم، وعاشوا جزءا كريما من أجزاء الأسرة الإنسانية كلها، واندمجوا في المجتمع الإنساني الكبير يأخذون ويعطون بقدر ما ملكت أيديهم من خير، وما احتوت عقولهم من إبداع.

" إن الإمعان في التمرد على حكمة الله وعلى قوانين المجتمع الإنساني لم يكن يوما سبيلا مأمون العواقب. لقد كان من أسباب زوال الدول، كبيرها وصغيرها، استسلامها لشهواتها وانحرافها عن الحق والعدل.

" وأين الحق والعدل في طرد شعب من بلده وقتل الأبرياء وحرق الأطفال والنساء ؟

"إن إسرائيل قد تضمن حياتها لسنوات عشر أو عشرين أو ثلاثين، ولكنها ستمحى كما تمحى الكلمة الخطأ، لإن القواعد التي قامت عليها أوهى من أن تثبت، وأضعف من أن تدوم. هكذا قال الأنبياء وقال العلماء وحدثنا التاريخ منذ بدايته إلى اليوم.

أنيس صايغ

المدير العام لمركز الأبحاث

الصفحات