0
لا توجد اصوات
المجموعة القصصية "ورقة واحدة لا تكفي" للكاتب الأردني د. باسم إبراهيم الزعبي، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2001، نقرأ منها:
جاءك وكنت في ذروة توحّدك، وفيروز تكتب اسم حبيبها على الحور العتيق· لم تكن لديك حبيبة، فقلبك ما زال يجرب ارتعاشاته الأولى· الأغنية تحفر، وتحفر في ثنايا الذاكرة، تكشف عن اسم دفين· يقفز الاسم أمامك· يمتلئ دما وألوانا، يتجلّى حبيبة، تتعرف عليها، إنها تلك الفتاة التي كنت تنظر إليها بخجل على طريق المدرسة· تكتب الاسم على جذع الشجرة، وفيروز تزين الحروف وتخبئ فيها نبضا0
شخص يظهر فجأة· تتحطم الأغنية مثل صحن خزف· يتوقف الكون عن الحركة، وتتوقف أنت عن الامتداد فيه· يتناثر الاسم إلى شظايا، تغيب صورة الفتاة كما تغيب صورة السماء في صفحة ماء كدّرت بحجر.
لم تدرك من يكون ذاك الشخص، أفلاح هو أم حارس الغابة· ترتبك، تتوقف عن الحفر، تنظر في وجهه بخوف وكراهية· يرى خوفك، يطمئنك: لا تخف، لست حارس الغابة· يتأمل حفرك، يستطرد : حفرك لن يضر الشجرة، إنّه بالنسبة لها، جرح، وسيلتئم بعد أيّام، ولن يبقى منه سوى بعض الندب·
يجلس على صخرة في مواجهتك، يخرج علبة تبغ، يشعل سيجارة، تمور الكراهيّة في صدرك، يجرع عدّة مرّات نافثا الدخان من أنفه، تود لو تقذفه بشيء ثقيل على يافوخه، يواصل الحديث : هل تريد تخليد نفسك؟ هل تعتقد أن هذه الشجرة ستعيش أكثر منك ؟ غدا يأتون، يحتطبونها، يحرقونها، ويحترق اسمك معها· يا للأسف !
مشاركات المستخدمين